والآن لنقرأ معاً الملحوظات التي وضعتها على كتاب الشيخ محمد بن عبدالوهاب (كشف الشبهات) [13]:وهذه الملحوظات سأذكرها بالترتيب، وسأذكر كلام الشيخ بين قوسين ثم أجيب عن ما أراه من خطأ وتجاوز، علماً بأن الكتاب طبع عدة مرات بتحقيق بعض من ينتسب إلى العلم ولم ينبهوا إلى خطأ واحد من هذه الأخطاء الآتية، وهذا منهم إما تواطؤ على الخطأ أو عدم إدراك للخطأ نفسه، وكلا الأمرين أحلاهما مر، وهذه من الأمور التي شجعتني على كتابة هذا التعقيب، ولو قام أحد المحققين بالتنبيه إلى الملحوظات الرئيسة لما كتبت هذه التعقيبات والملحوظات التي من أبرزها ما يلي:[c1]الملحوظة الأولى:[/c]يقول في الاستهلال ص5: (اعلم رحمك الله أن التوحيد هو إفراد الله بالعبادة وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده فأولهم نوح عليه السلام، أرسله الله إلى قومه لما غلوا في الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً...).أقول: هذا الكلام أوله صحيح لكن آخره فيه نظر؛ فإن الله أرسل نوحاً إلى قومه ليدعوهم لعبادة الله وترك الشرك؛ فقد كانوا يعبدون هذه الأصنام؛ وليس فعلهم مجرد (غلو في الصالحين)؛ فهذه اللفظة واسعة وتحتمل ـ غالباً ـ الخطأ والبدعة عند إطلاقها، وقد يصل الغلو إلى الكفر وهو النادر، فتقبيل اليد قد يعتبر من الغلو والتبرك الشرك الأكبر المخرج من الملة.والشيخ محمد رحمه الله قال الكلام السابق ليدلل أن دعوته هي امتداد لدعوة الرسل؛ الذين بعثوا أو كأنهم لم يبعثوا إلا إلى قوم يغلون في الصالحين فقط! أو أكبر أخطائهم الغلو في الصالحين! وهذا غير صحيح فقد كانوا يشركون بالله ويعبدون الأصنام وفي هذا كفاية، لكن لأن الشيخ محمد كان خصومه يردون عليه بأن هؤلاء الذين تقاتلهم وتكفرهم أناس مسلمون؛ وقد يوجد عند عوامهم أو علمائهم غلو في الصالحين لكن هذا لا يبرر لك تكفيرهم ولا قتالهم، لما كانت هذه حجة خصومه استحضر هذا المعنى وكرره كثيراً في كتبه.يجب أن يعرف القارئ الكريم أنني مع الشيخ رحمه الله في إنكار البدع والخرافات والأخطاء والممارسات التي يفعلها البعض كالغلو في الصالحين وتعظيم القبور والتمسح بها وما يصاحب ذلك من دعاء أو ذبح أو استشفاع أو توسل و..الخ.ولكن إنكاري لهذه البدع والخرافات وربما الشركيات في بعضها لا يجعلني أحكم على مرتكبها بالشرك والخروج من ملة الإسلام سواءً كان جاهلاً أو عالماً لأن الجاهل يمنعنا جهله من تكفيره، والعالم يمنعنا تأويله من تكفيره أيضاً.نعم قد يقال فلان ضال، فلان مبتدع، فلان منحرف...فهذه التهمة خطرها يسير، إنما أن نقول: فلان كافر كفراً أكبر خارج عن ملة الإسلام! فهذه عظيمة من العظائم يترتب عليها أحكام ومظالم؛ فلا يجوز أن نتهم أحداً بالكفر إلا بدليل ظاهر لنا فيه من الله برهان؛ خاصة وأن الشيخ يريد بإطلاق الكفر، الكفر الأكبر المخرج من الملة! -كما سيأتي-.فهذه نقطة من نقاط الافتراق الكبرى، وهي نقطة عظيمة بلا شك، لكن لا يجوز لأحد أن يرتب على نقدي للتكفير تسويغاً لهؤلاء؛ الذين يعتقدون تلك الاعتقادات، أو يمارسون تلك الشناعات، عند قبور الأنبياء والصالحين والصحابة وغيرهم.نعود ونقول: كان الشيخ يواجه بأن من تقاتلهم وتكفرهم مسلمون يصلون ويصومون ويحجون فكان الرد منه على هذه الشبهة ــ وهي شبهة قوية ـــ حاضرة في ذهن الشيخ عند تأليفه الكتب أو كتابته الرسائل؛ فبالغ في تأكيده من باب ردة الفعل، كما هو ظاهر في العبارة السابقة، وتكرر عرضه لمحاسن كفار قريش وأصحاب مسيلمة والمنافقين في عهد النبوة والغلاة الذين قيل أن الإمام علياً حرقهم، فتكرر من الشيخ تفضيلهم على المسلمين في عصره من علماء وعامة! حتى يبرهن أنه لم يقاتل إلا أناساً أقل فضلاً من كفار قريش والمنافقين وأصحاب مسيلمة! وهذا خطأ بلا شك، مع ما في مقارناته التي يكتبها بين هؤلاء وهؤلاء من أقيسة تهمل فوارق كبيرة، فلذلك تجد استهلاله السابق ينبئ عن قلقله من الشبهة القوية التي كان الخصوم يواجهونه بها. وكان الأولى أن تكون عبارته كالتالي : ( ..أولهم نوح عليه السلام الذي أرسله الله إلى قومه الذين كانوا يعبدون الأصنام، وعبادة الأصنام هذه كانت بداياتها غلواً في الصالحين حتى وصل هذا الغلو -مع طول الأمد- للعبادة المحضة لغير الله، فأنا أدعوكم حتى لا تصلوا لما وصل إليه هؤلاء المغالون؛ فأنا أخشى أن يصل الأمر بكم أو بذريتكم إلى عبادة هؤلاء الصالحين كالبدوي وعبد القادر الجيلاني والشاذلي وغيرهم...).أقول : لو كانت عبارته هكذا أو نحو هذا لكان أصح وأفضل وأبعد عن الغلو المضاد أو اعتساف الاستدلالات، فتنبه لهذا.[c1]الملحوظة الثانية:[/c]وقوله أيضاً في استهلاله ص5-6: (وآخر الرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله إلى قوم يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله..)!.أقول: هكذا يرسم الشيخ سامحه الله صورة جميلة وغير صحيحة عن كفار قريش ليبني على ذلك تكفير مسلمين (يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله..!!)، وهذا قياس مع الفارق الكبير كما سبق شرح ذلك وسيأتي.ثم ذكر الصفة التي من أجلها قاتل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الكفار وقاتل محمد بن عبد الوهاب المسلمين فقال: (لكنهم -يعني كفار قريش- يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله!) يعني فجاز قتالهم ويجوز لنا نحن قتالهم للسبب نفسه[13]!.سبحان الله، كفار قريش الذين لا يقولون (لا إله إلا الله) ولا يؤمنون بيوم القيامة ولا البعث ولا جنة ولا نار ولا يؤمنون بنبي ويعبدون الأصنام ويقتلون ويظلمون ويشربون الخمور ويزنون ويأكلون الربا ويرتكبون المحرمات مثلهم مثل المسلمين المصلين الصائمين الحاجين المزكين المتصدقين المجتنبين للمحرمات والفاعلين مكارم الأخلاق... (أفنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون)؟! لا، ليسوا سواء، المسلمون ليسوا كالكفار حتى وإن تأول علماؤهم وجهل عوامهم فالتأويل والجهل باب واسع لكن لا يساوى فيه من يقوم بأركان الإسلام مع من ينكرها. ولا يتساوى من يؤمن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نبياً ورسولاً ومن يكذبه ويظنه ساحراً أو كاهناً، ولا يتساوى من يتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتبرك بالصالحين -وإن أخطأ- مع من يرجم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقتل الصالحين.لا يتساوى من يؤمن باليوم الآخر والجنة والنار مع من يقول (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا..).لا يتساوى من قال: (لا إله إلا الله) مع من قال: (أجعل الآلهة إلهاً واحداً). لا، لا يتساوى من آمن ومن كفر من صدق الرسل ومن كذبهم،من آمن بالبعث ومن كفر به.. لا يتساوى من طلب شفاعة الأنبياء والصالحين ممن يطلب شفاعة الجماد.لا يتساوى ممن يطلب شفاعة الأنبياء وهو يعرف أنهم عبيد الله ممن يطلب شفاعة الأصنام ويجعلهم مشاركين لله في الألوهية...لا يا شيخنا -رحمك الله- هناك فرق كبير بين هؤلاء وهؤلاء.وأقول للإخوة المختلفين معي في هذه المسألة:معظم علماء المسلمين في عهد الشيخ محمد وفي أيامنا هذه يقولون بجواز التبرك بالصالحين[14] والتوسل بهم، فهل نحن اليوم نكفر جميع هؤلاء؟! أم نخطئهم فقط؟! بل ليت التخطئة بدليل وبرهان تسلم لنا.إن قلتم: نحن نكفرهم ردَّ عليكم العلماء المعاصرون داخل المملكة وخارجها واتهموكم بالغلو في الدين وتكفير المسلمين!.وإن قلتم: لا، نحن لا نكفرهم رددتم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب تكفيره لهم لأنه كان يكفر علماء وعوام مثل علماء زماننا وعوامهم تماماً، ولن يخرج مقلدو الشيخ من هذه الإلزامات، وإن تكلفوا التفريق بين المسلمين (من العلماء والعوام) الذين كانوا في عهد الشيخ محمد وبين المسلمين (من العلماء والعوام) اليوم؛ كان التفريق بين كفار قريش وبين هؤلاء العلماء والعوام أكثر وضوحاً وظهوراً!.نعم، لأن كل ما أنكره الشيخ محمد رحمه الله على علماء عصره من التوسل بالصالحين أو التبرك بهم أو الاستشفاع بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو زيارة القبور أو ترك الإنكار العلني على العوام والحكام.. الخ، لا زال إلى اليوم في علماء مصر والشام والحجاز واليمن والعراق والمغرب.. الخ فضلاً عن عوامهم.فأنتم إذا كفرتم هؤلاء لزمكم الرد على علمائنا الذين لا يكفرونهم، فإذا بلغ علماءنا ردكم ولم يكفروهم لزمكم تكفير علمائنا؛ لأن من قواعد الدعوة السلفية في كتابات كثير من علماء الدعوة أن (من شك في كفر الكافر فهو كافر)!.[c1]الملحوظة الثالثة:[/c]يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص7: (وإلا فهؤلاء المشركون -يعني كفار قريش- يشهدون أن الله هو الخالق وحده، لا شريك له، وأنه لا يرزق إلا هو، ولا يحيى إلا هو، ولا يميت إلا هو، ولا يدبر الأمر إلا هو، وأن جميع السماوات ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيها، كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره..) ثم سرد الآيات في ذلك.أقول: هنا أيضاً رسم صورة زاهية للمشركين؛ ولم يذكر تكذيبهم بالبعث، ولا اعتقادهم أن الذي يهلكهم هو الدهر، ولا اعتقادهم انهم يمطرون بكذا وكذا، ولا أكلهم الربا، وقتلهم النفس، ودفنهم البنات ولا غير ذلك من المظالم والجرائم؛ ولا وصفهم للنبي صلى الله عليه وآله سلم بأقبح الأوصاف وتكذيبهم له، وتعذيبهم المسلمين وقتلهم المستضعفين..فالشيخ محمد أخذ الآيات التي تدل على إيمانهم على وجه الجملة بأن الله هو الخالق الرازق.. مع أن هذه الاعترافات التي اعترف بها المشركون؛ قد أجاب عنها بعض العلماء؛ وذكروا أن المشركين إنما اعترفوا بها من باب (الإفحام والانقطاع)، وليس من باب الاقتناع، ولو كانوا صادقين في اعترافهم؛ لأتوا بلوازم هذا الاعتراف. فلذلك يأمر الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يذكّرهم بلوازم هذا الاعتراف كما في قوله تعالى: (فقل: أفلا تتقون) (قل: أفلا تذكرون)؟!… الخ.فكأن الله عز وجل يوبخهم بأنهم كاذبون، وأنهم لا يؤمنون بالله عز وجل خالقاً و رازقاً، كما لا يستطيعون في الوقت نفسه أن يقولوا أن الأصنام هي التي خلقت السماوات والأرض!! فبقوا بين الاعتراف بالقول (انقطاعاً) وممارسة ما يخالفه واقعاً.والحاصل: أنه لا يجوز للشيخ رحمه الله ولا لغيره أن يذكر فضائل الكفار ويهمل أخطاءهم، بينما يختار أخطاء المسلمين وينسى فضائلهم!.ولا يجوز أن نختار الآيات التي قد نوهم بها العوام -دون قصد- بأن فيها ثناء على الكفار، ونترك الآيات التي تذمهم وتبين كفرهم وظلمهم وتكذيبهم بالبعث... الخ.لا يجوز أن نقوم بكل هذا حتى نسوغ به قتالنا للمسلمين الركع السجود؛ بزعمنا أنهم مثل الكفار تماماً الذين (يصلون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله..)؟! وأننا نقوم بعمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه! فهذا غير صحيح، والاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل، والتائب عن الذنب كمن لا ذنب له، ومن رضي المعصية كان كمن شهدها وشارك فيها أو قريب من ذلك، فلنتق الله ولا تخدعنا القوة والكثرة عن ديننا، ولا نغتر بكثرة المناصرين في الباطل، فإن هؤلاء لا يملكون جنة ولا ناراً، ولعل الشيخ الآن أحوج إلى استغفارنا من حاجته إلى نصرة الأخطاء التي وقع فيها، لكننا نغتر بالكثرة والغوغاء.ثم على هذا المنهج العجيب في المقارنة بين فضائل الكفار وأخطاء المسلمين! الذي سبق نقده، على ذلك المنهج يمكننا أن نقول: كيف نقاتل اليهود؟! وهم يصدقون في القول، ويحترمون العدالة، ويوزعون الأموال بالسوية، ويؤمنون بالله، ويحترمون المقدسات، ويحترمون حرية الرأي،..الخ! .ونترك قتال المسلمين الذين يظلمون؟! ويتعاملون بالربا؟ ويكذبون؟ ويخلفون المواعيد؟ ويخونون في الأمانات؟ والذين يجيزون التوسل و يتبركون بالصالحين؟ … الخ.وهكذا فإن ذكرنا محاسن موجودة عند اليهود؛ وتناسينا مساوئهم وعكسنا القضية في حق المسلمين؛ تصبح المسألة ملتبسة، وأصبح قتال المسلمين أولى من قتال اليهود المحتلين[15]!!.أما إن أخذتَ - أيها المسلم- جميع صفات هؤلاء وهؤلاء فستعرف أين تضع سيفك.وكذلك الحال في كفار قريش أو كفار العرب عموماً، الذي بعث فيهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذا اقتصرت على بعض مكارم الأخلاق، وبعض الانقطاعات التي انقطعوا عندها، أواعترفوا بها، خرجت بالصورة الجميلة عنهم التي أخرجها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.أما إن استعرضت جميع الآيات التي تتحدث عن الكفار؛ فستعرف أنهم يختلفون كثيراً عن فساق المسلمين وظلمتهم؛ فضلاً عن صالحيهم وعلمائهم.[c1]الملحوظة الرابعة:[/c] ويقول الشيخ ص9: (فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا - يقصد بأن الله هو الخالق الرازق-.. ولم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، عرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو (توحيد العبادة)، الذي يسميه المشركون! في زماننا (الاعتقاد) !!) اهـ.أقول: سامح الله الشيخ محمد ففي هذا النص تكفير صريح لعلماء المسلمين في زمانه!.ثم إن المسلمين لا يعبدون إلا الله بخلاف هؤلاء المشركين؛ الذين يسجدون للأصنام؛ وإذا لم يكن هذا واضحاً؛ فلن نستطيع التفريق بين أمور أخرى أشد التباساً، ومن تلك الأمور الملتبسة اتهام بعض العلماء للشيخ محمد وأصحابه بأنهم خوارج؛ لأنهم عندهم ممن يكفرون المسلمين ويستبيحون دماءهم، أنهم يخرجون من قبل المشرق، وأن سيماهم التحليق و... الخ.فإذا كانت التسوية بين الخوارج والوهابية ظلماً؛ فالتسوية بين كفار قريش والمسلمين أكثر ظلماً، وأبعد عن الحق، وإن كان الشيخ معذوراً في تفضيل كفار قريش على علماء زمانه؛ فالذي يجعل علماء الدعوة من الخوارج أولى بالعذر؛ لأن الخوارج مع هذا مسلمون على الراجح، ولم يكفرهم الصحابة بينما كفار قريش لا يشك أحد في كفرهم.[c1]الملحوظة الخامسة:[/c]قوله ص9: -في وصف محاسن كفار قريش وغيرهم-: (كانوا يدعون الله سبحانه ليلاً ونهاراً! ثم منهم من يدعو الملائكة لأجل صلاحهم وقربهم إلى الله ليستغفروا له، أو يدعو رجلاً صالحاً مثل اللات! أو نبياً مثل عيسى وعرفت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قاتلهم على هذا الشرك! ودعاهم إلى إخلاص العبادة... فقاتلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون الدعاء كله لله والنذر كله والذبح كله لله والاستغاثة كلها بالله وجميع العبادات لله...الخ) أهـ.أقول: الكفار لم يكونوا يدعون الله ليلاً ونهاراً! وإنما كانوا يذكرون هبل واللات ومناة، ولو كانوا يدعون الله ليلاً ونهاراً لما نهى الله نبيه عن (عبادة الذي يدعون) كما في قوله تعالى: (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله..)[16]، وقال تعالى واصفاً حال الكفار ساعة الموت: (حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا: أين ما كنتم تدعون من دون الله..)[17]؟! وقال (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم..)[28]، وقال عن الكفار: (قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين ندعو من دونك..)[29] وغير ذلك كثير من الآيات التي لم أشأ تتبعها، وهي تخبر عنهم بخلاف ما أخبر الشيخ، ولم يكونوا يدعون الله بإخلاص إلا في الشدائد.ولو يدعون الله ليلاً ونهاراً -كما وصفهم الشيخ- لغبطهم عليه زهاد الصحابة! فهذه صورة من الصور الكثيرة الجميلة التي يمدح فيها الشيخ كفار قريش، ليس حباً فيهم؛ ولكن ليقارن بينهم وبين مسلمي عصره؛ ثم ليبني على ذلك تفضيلهم على المسلمين، ثم البناء على هذا كله تكفير المسلمين وقتالهم[20].والذي يجب أن يصحح هنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قاتل الكفار، لأمور كثيرة أهمها الشرك الأكبر بالله وإخراج المسلمين من ديارهم وإنكارهم النبوة وارتكابهم المظالم ... الخ.فتعليل الشيخ محمد ناقص وهذا النقص في التعليل أدى إلى قتال مسلمين (يصلون و يحجون و يذكرون الله)!.ثم لم يرد في القرآن الكريم أن علة قتال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للكفار حتى يكون الذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها بالله.. فقط .وإنما الأسباب الكبرى الرئيسة هي : الشرك الأكبر وإنكار النبوة وإخراج المسلمين من ديارهم..الخ.فالشيخ يذكر أسباباً صغيرة مشتبهة لم تذكر في النصوص وليست متحققة ولا يُدرى أهي سبب في القتال أم لا؟! ويترك الأسباب الكبرى المتفق عليها والمنصوص عليها في القرآن الكريم بأنها هي سبب قتال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للكفار.[c1]الملحوظة السادسة:[/c]ثم يواصل (ص11) بقوله: (لم يريدوا أن الله هو الخالق الرازق المدبر فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون بالله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ السيد!) أهـ.أقول: هذا أيضاً فيه تكفير صريح للمسلمين في زمانه، فالسيد يطلقها الناس إلى اليوم على أهل البيت، وإطلاقها ليس كفراً ولا حراماً، نعم قد يكون مكروهاً، والحديث الوارد في النهي فيه نزاع، ثم ليس صحيحاً ما ذكره من أن المشركين كلهم كانوا يعلمون أن الله هو الخالق الرازق.. فهذا متحقق في بعض الكفار لا كلهم؛ فالدهريون مثلاً لا يؤمنون بهذا بنص القرآن الكريم .[c1]الملحوظة السابعة:[/c] قوله ص11: (فأتاهم النبي (صلى الله عليه وسلم) يدعوهم إلى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها ...)أهـ.أقول: لكن مجرد التلفظ بها ينجيهم من التكفير والقتل بينما من يقولها من معاصري الشيخ لا تعصمهم من تكفير ولا قتال ، فالمنافقون في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) يقولون الشهادتين بألسنتهم، وكان النبي (ص) يعرف ذلك في كثير منهم؛ ومع ذلك عصمت دمائهم وأموالهم، أما المعاصرون للشيخ من المسلمين فلم تعصم دماءهم و أموالهم لا الشهادتان ولا أركان الإسلام.. مع صدقهم في ذلك.[c1]الملحوظة الثامنة:[/c]ويقول ص12: (فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفرة، بل يظن (يعني المدعي للإسلام) أن ذلك (يعني تفسيرها) هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني)؟! أهـ.أقول: هذا غير صحيح؛ فليس هناك مسلم واحد يقول إن معنى (لا إله إلَّا الله) هو التلفظ بها دون اعتقاد القلب لذلك.والمسلمون جميعهم علماؤهم وعوامهم، يمقتون في المسلم أن يقول ما لا يعتقد، بل حتى العوام يسمون هذا (نفاقاً)، وهم يذمون من يخالف قوله فعله، بل حتى الكفار يذمون من يخالف قوله فعله..فكيف يقول الشيخ هذا الكلام -سامحه الله- ويزعم أن المسلمين في عصره يقولون بجواز أن نشهد الشهادتين بلا اعتقاد لمعانيها، فنقول (لا إله إلا الله) ونعبد غيره، (ونقول: محمد رسول الله) ونعتقد كذبه..؟!.فالمسلمون في عهد الشيخ مثل المسلمين اليوم في البلاد الإسلامية، فهل يجوز لنا أن نقول اليوم: إنهم يقولون: (نقول: الشهادتين باللفظ فقط وسننجو حتى وإن اعتقدنا خلافها)؟!. نعم لهم شبه وأدلة يستجيزون بها التوسل والاستشفاع والاستغاثة ونحو ذلك، وهذا خطأ بلا شك عندنا في ذلك، لكن هم عندهم شك، بل هم لا يرون هذا متناقضاً مع الشهادتين، ولهم في ذلك مؤلفات وأدلة وشبهات وتأويلات، مثل تأويلاتنا وشبهاتنا؛ في تكفير المسلمين ومدح كفار قريش وتفضيلهم على المسلمين!! وهم يصرون على عقائدهم مثل إصرارنا؛ ويتهمون ناصحيهم بالعمل لصالح الوهابية، مثلما نتهم ناصحينا بالعمل لصالح الصوفية والشيعة، وستبقى نظرية المؤامرة والتشكيك في نيات الآخرين حاضرة في حواراتنا، ما دام الغلو والغلو المضاد لهما حضورهما في هذه الحوارات ولن يقطع هذا إلا المباهلة.ثم كيف يجعلهم ممن (يدعون الإسلام)؟! يعني وليسوا مسلمين!! وهذا تكفير آخر فتنبه!![c1]الملحوظة التاسعة:[/c] ثم يقول ص13: (والحاذق منهم -يعني ممن يدعي الإسلام من علماء المسلمين!- يظن أن معناها لا يخلق ولا يرزق إلا الله)! ثم يتبع هذا بقاصمة وهي (فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله)؟!. أقول: سبق الجواب بأن علماء المسلمين في زمانه لا يفسرون الشهادتين كما ذكر هنا -فيما أعلم- نعم لهم تأويل بأن التبرك والتوسل لا يناقضها وهذا شيء آخر.لكن أن يأتي عالم ويزعم أن (لا إله إلا الله) ليس معناها إلا (لا خالق إلا الله ولا رازق إلا الله) مع جواز صرف العبادة لغيره فلا أظن عالماً عاقلاً يقول هذا، ومن زعم هذا فعليه الدليل والبرهان.[c1]الملحوظة العاشرة:[/c]ذكر ص16-15: أن أعداء التوحيد قد يكون عندهم علم وحجج وفصاحة … وهذا إقرار منه بأنه يتحدث عن معارضيه من علماء عصره في نجد والحجاز والشام[21].. معهم علم وفصاحة وقبل هذا ينفي أنهم لا يعرفون معنى لا إله إلا الله!!.[c1]الملحوظة الحادية عشرة:[/c]ويقول ص17: (والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من علماء هؤلاء المشركين)!!أقول: هذا تكفير واضح لعدد كبير من العلماء ويستحيل في العادة أن يوجد مثل هذا العدد من العلماء الكفار في بلد واحد؛ فاعرف هذا فإنه مهم وهو من أدلة من يتهم الشيخ بتكفير من لم يتبعه!! والشيخ وأتباعه يقولون : معاذ الله أن نكفر المسلمين لكن هذا المسلم عند الشيخ له شروط طويلة يختلف فيها مع العلماء قبل العوام ولا تكاد تنطبق إلا على من يقلده ويتبعه - كما سيأتي مدعماً في الأمثلة القادمة- فالخلاف يكاد يكون لفظياً فقط!!.[c1]الملحوظة الثانية عشرة:[/c]ويقول ص19: (وأنا أذكر لك أشياء مما ذكر الله في كتابه جواباً لكلام احتج به المشركون في زماننا علينا...)!!.أهـ.أقول: يا ترى من هم هؤلاء المشركون الذين يغوصون في أدلة الكتاب والسنة مع فصاحة وعلم وحجج…؟! أليسوا علماء مختلفين معه في دعوى كفر مخالفيه من علماء وعوام؟ لا ريب أن هذا فيه تكفير صريح للمخالفين له ممن نسميهم (خصوم الدعوة) أو (أعداء التوحيد) أو (أعداء الإسلام)!! وهذا ظلم، لأن الشيخ كان يرد على مسلمين ولم يكن يرد على كفار ولا مشركين، وهذه رسائله وكتبه ليس فيها تسمية لمشرك ولا كافر وإنما فيها تسمية لعلماء المسلمين في عصره كابن فيروز، ومربد التميمي، وابني سحيم سليمان وعبد الله، وعبد الله بن عبد اللطيف، ومحمد بن سليمان المدني، وعبد الله بن داود الزبيري، والحداد الحضرمي، وسليمان بن عبد الوهاب، وابن عفالق، والقاضي طالب الحميضي، وأحمد بن يحيى، وصالح بن عبد الله، وابن مطلق، وغيرهم من العلماء الذين يطلق عليهم (المشركون في زماننا)!! و قد استمر علماء الدعوة بعده في تكفير أو تبديع يصل للتكفير لعدد آخر من علماء المسلمين -أخطؤوا ولم يكفروا- في عهد الدولة السعودية الثانية كابن سلوم وعثمان بن سند وابن منصور وابن حميد وأحمد بن دحلان المكي .. وداود بن جرجيس وغيرهم.وفي القرن الرابع عشر الهجري استمر تكفيرنا وتبديعنا لعلماء معاصرين -أخطؤوا ولم يكفروا- كالكوثري، والدجوي، وشلتوت، وأبي زهرة، والغزالي، والقرضاوي، والطنطاوي، والبوطي، والغماري، والكبيسي، وغيرهم، ولو نستطيع لقلنا عنهم (المشركون في زماننا) وقد قيل!! ومن المؤسف أنه لا يوقف تكفيرنا وتبديعنا للآخرين إلا السلطة أو العجز، ولولاهما لما أبقينا أحداً إلا وصمناه بكفر أو بدعة مكفرة! مع أن الواجب أن يكون هذا التورع عن التكفير والتبديع من العلماء لا من الحكام، ولا وقت العجز، لأن العلماء يعرفون عظمة حق المسلم وتحريم دمه وماله وعرضه، فهي آخر ما أوصى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع، فهذه الخطبة التي بثها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مائة ألف من المسلمين؛ يحفظها بألفاظها العلماء لا الحكام، فكان الأولى والأجدر بهم حفظ ورعاية هذه الوصية النبوية الكبرى.[c1]الملحوظة الثالثة عشرة:[/c]قوله ص12 -مخاطباً أحد العلماء المختلفين معه-: (وما ذكرتَ لي أيها المشرك!! من القرآن أو كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) لا أعرف معناه...)!!.أقول: يا ترى من هذا المشرك الذي يستدل على الشيخ بالقرآن والسنة؟! أي مشرك هذا؟![c1] الملحوظة الرابعة عشرة:[/c]ويقول ص23: (فإن أعداء الله (هكذا!) لهم اعترافات كثيرة يصدون بها الناس منها قولهم نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عليه السلام لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قاتلهم رسول الله (ص) مقرون بما ذكرت ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئاً وإنما أرادوا الجاه والشفاعة…) أهـ.أقول: هذا يدل على أن الشيخ يرى تكفير هؤلاء الذين يقولون القول السابق، وأنه يعتبرهم مشركين شركاً أكبر؛ كشرك كفار قريش وهذا عين التكفير، وأكبر أحوالهم أن يكونوا مبتدعين فقط، والمبتدع لا يجوز تكفيره فضلاً عن قتله، وكل المبتدعين المقتولين عبر التاريخ إنما كانوا مقتولين لظروف سياسية بحتة؛ يدركها من درس التاريخ[22].[c1](يتبع يوم الأحد القادم)[/c][c1]هوامش:[/c][13] قد يلاحظ بعض الإخوة أنني أقتصر في الصلاة على النبي والآل دون الصحابة تمسكاً بالنص الذي نردده في كل تشهد (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)، فليس في الأحاديث التزام الصلاة على الصحابة كما نفعل اليوم اتباعاً للبدع السلفية الأولى ولم نكتفِ بالصلاة على الصحب حتى أدخلنا فيها كلمة (أجمعين)! حتى يدخل معاوية والوليد وقاتل عمار! فهذه للأسف من البدع (السنية) المشتهرة، التي ابتدعناها لمعارضة الشيعة، وهي دليل على رغبة الغلاة منا من قديم ألا يختص أهل البيت بشيء من الخصائص!، ولولا أن الصلاة على الآل يردده المسلمون في كل تشهد لنسوه مثلما نسوا المنزلة الهارونية وبغي معاوية. [14] اعتمدت على نسخة صغيرة - طبع دار زمزم -بالرياض-أعده للطبع حمدي أبو السعود آل حمدان- الطبعة الأولى 1414هـ. هناك طبعات أخرى لكن الرسالة صغيرة فمن وجد أي طبعة فيمكنه قراءتها في دقائق معدودة. [15] البعض يقول: لو لم يكفرهم الشيخ محمد ويقاتلهم لما انتشر الإسلام الصحيح! ولبقينا في البدع والخرافات إلى زمننا هذا! …وهذا افتراض غيبي، وقد يقول آخر إن الإسلام انتشر في معظم أفريقيا ومعظم آسيا بغير سيف، فلو أن الشيخ راسل العلماء و الأعيان لربما اهتدوا للإيمان الصحيح بلا ضرر ولو تأخرت استجابتهم، وسلمت الدعوة من تهمتين كبيرتين وهما (التكفير والقتال) ظلتا عائقاً كبيراً من عوائق نجاحها إلى اليوم، بل قد يعرض بعضهم عن الإيمان النقي من الشبهات والبدع ويزين له الشيطان الدفاع عن الباطل، كل هذا من باب الخصومة للوهابية، لأنهم في رأيه كفروا مسلمين وقتلوا مسلمين بلا بغي ولا قطع طريق، وهكذا كل يفترض، فالافتراضات لا مكان لها عند مناقشة الأمر شرعاً، بمعنى أن حد السرقة هو القطع حتى لو افترض آخر أن قتل السارق سيكون أكثر تأثيراً في منع السرقة، لكن عندما يعلم الآخرون أن الفئة الفلانية يقتلون السارق فسيتخوفون من هذه الفئة ويعملون على عدائها، وهذا سر كثرة أعداء الوهابية وربما من أناس ليسوا بأورع ولا أتقى، لكن التكفير والقتال للمسلمين جعل لهم المشروعية في هذا العداء من وجهة نظر بعض العلماء على الأقل.إذن فمعرفة حكم الشيء لا تدخل فيه التوقعات المستقبلية، وكذلك إذا كان الرجل مسلماً لا يجوز تكفيره وقتله ليهتدي غيره! ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)؟!. [16] بل نقل ابن حجر أن التبرك بالصالحين جائز عند جمهور علماء المسلمين ( فتح الباري).[17] وقد رأينا نتيجة هذا -فيما يبدو- في بعض مواقع الإنترنت السلفية!! التي لا تأسف على ذهاب الشهداء من الفلسطينيين، وزعم هؤلاء الأخوة الغلاة أن الأمر سيان فالأمر: كفار يقتلون مبتدعة! فالمسألة طوب يكسر بعضه -حسب تعبيراتهم- وسبق لهؤلاء الغلاة أيضاً، أن ارتكزوا في ذم مجاهدي البوسنة والشيشان على مثل هذه الأقوال العجيبة التي وجدوا لها ما يسوغها في كتب العقائد القديمة والحديثة؛ ولو شئت أن أنقل تفضيلهم اليهود والنصارى على المسلمين -المختلفين في الرأي- لما انتهيت، وقد ذكرت شيئاً من هذا في كتاب (قراءة في كتب العقائد) فليراجعه من شاء . [18] سورة الأنعام آية 56.[19] سورة الأعراف آية 37.[20] سورة الأعراف آية 194.[21] سورة النحل آية 86. [22] والشيخ محمد رحمه الله أثنى على الكفار في مواضع كثيرة منها قوله عن كفار قريش ( كانوا يعرفون الله ويخافونه ويرجونه)! الدرر السنية(1/146)، وهذا لا يصح إطلاقه، ومن ذلك قوله: (كانوا -يعني كفار قريش- يتصدقون ويحجون ويعتمرون ويتعبدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفاً من الله عز وجل!!) (الدرر السنية 2/118).ومن ثنائه على المنافقين لهذا الغرض قوله: (كان المنافقون على عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ويصلون مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصلوات الخمس ويحجون معه..) انظر الدرر السنية (2/86).قلت: كل الكلام السابق يمكن قبوله إلا قوله (في سبيل الله) فالمنافقون لا يفعلون هذا لأجل الله وإنما لأهداف أخرى. وستأتي نماذج من وصف كفار قريش بمثل هذا وتفضيلهم على مسلمي عصره. كما مدح الشيخ -سامحه الله - المرتدين كمسيلمة وأصحابه للغرض نفسه، فقال في الدرر السنية(2/44): (مسيلمة يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويصلي ويصوم!!)، وهذا غير صحيح ، فلو شهد أن محمد رسول الله لما ادعى النبوة. وقال عن بني حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب في الدرر السنية (9/ 387): هم عند الناس من أقبح أهل الردة وأعظمهم كفراً وهم مع هذا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويؤذنون ويصلون وأكثرهم يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك )!اهـ.وقال عن أصحاب مسيلمة أيضاً في الدرر السنية(9/383): (شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لكن صدقوا لمسيلمة أن النبي أشركه في النبوة، وذلك أنه أقام شهوداً شهدوا معه بذلك، وفيهم رجل من الصحابة معروف بالعلم والعبادة، يقال له الرجال، فصدقوه لما عرفوا فيه من العلم والعبادة)!اهـ. أقول: إذن فبنو حنيفة ضحية نظرية عدالة الصحابة!، التي نكاد نكفّر من لم يؤمن بتحققها في كل فرد منهم، وهذه دعوة للإيمان بالأمور المتناقضة، فمن اتبع مسيلمة كفر، ومن رد شهادة الصحابي كفر! وكذّب بالآيات في تعديلهم في زعم الغلاة! فماذا تريدون من أصحاب مسيلمة أن يفعلوا؟ هم من غلاة السلفية في قضية عدالة الصحابة! فهل تريدون منهم أن يكفروا بنظرية عدالة الصحابة أم يؤمنوا بنبوة مسيلمة؟!.وقد أثنى الشيخ على المرتدين الذين أحرقهم علي فقال عنهم(2/44): كانوا يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله !!) وهذا غير صحيح، فالقوم كانوا مرتدين. [23] وقد كرر غير مرة بأن خلافه مع الصفوة من العلماء والقضاة لا مع العوام.[24] توسعت في هذا في كتاب العقائد فلا يظن ظان أن خالد القسري والحجاج وأمثالهم ممن كانوا يحرقون الكعبة ويقتلون الصالحين أنهم قتلوا الناس حرصاً على الدين!!.[c1]* مفكر إسلامي سعودي[/c]
|
دراسات
مـحـمـد بن عبـد الوهــــاب داعية ولـيس نبياً (2-3 )
أخبار متعلقة