عشرة رؤساء أمريكيين لم يتمكنوا من اسقاطه
هافانا / متابعات :اضطر فيدل كاسترو، آخر زعيم شيوعي في العالم الغربي الذي سيبلغ الثمانين من عمره في الثالث عشر من اغسطس الحالي، الى التخلي للمرة الاولى عن منصبه الذي يتولاه بلا منازع منذ 48 سنة ، حبث سلم هذا الاسبوع الرئيس فيدل كاسترو مقاليد الحكم في بلاده مؤقتا إلى أخيه وخليفته راؤول إثر إجراء الزعيم الكوبي عملية جراحية بسبب تعرضه لنزيف داخلي. وقال كاسترو ــ في رسالة موجهة إلى الشعب الكوبي كتبها بنفسه وقرأها بالنيابة عنه على شاشة التلفزيون الحكومي الرسمي مدير مكتبه ــ أكّد كاسترو أنه تعرض لنزيف معدي معوي استلزم إجراء عمل جراحي دقيق عاجل. وخاطب كاسترو في رسالته الكوبيين قائلا: "إن الضغط الشديد قد أثار عندي أزمة معدية معوية حادة نتج عنها نزيف دموي، مما اضطرني للخضوع لعملية جراحية معقدة...والعمل الجراحي يلزمني بأخذ عدة أسابيع من الراحة". وأضافت الرسالة أن النزيف نشأ عن الإجهاد الذي تعرض له الرئيس الكوبي إثر قيامه برحلة إلى الأرجنتين وحضوره احتفالات الذكرى السنوية لقيام الثورة الكوبية. والثابت ان عشرة رؤساء اميركيين و 13 ادارة ــ حيث ان بعضهم انتخب مرتين ــ لم يتمكنوا من ازاحة فيدل كاسترو المتحصن في جزيرته على بعد مسافة قصيرة لا تتعدى 140 كلم من السواحل الاميركية، يتحدى ويقارع واشنطن بنفس الحماس الذي كان يدفع الشاب المظفر في الثالثة والثلاثين حين دخل هافانا منتصرا في يناير 1959م قبل ان يفرض حكما ثوريا على ثلاثة اجيال من الكوبيين.ولم يغير شيئا انهيار حماته السوفيات، فخالف فيدل كاسترو كل التكهنات وظل ثابتا بعد زوال الشيوعية قبل 15 سنة.ورغم المعاناة الشديدة للشعب الكوبي والقمع الشديد لمعارضيه لم يتخل عن قناعاته. وقد نجح فيدل كاسترو وهو ابن مهاجر اسباني نشأ لدى اليسوعيين واعار طوال حياته السياسية اهتماما كبيرا لمكانته في التاريخ ، ونجح في تحويل جزيرة يسكنها ستة ملايين نسمة عام 1959 - اكبر جزيرة في الكاريبي - الى مثال للثوريين يبجلها مفكرو اليسار العالمي الذين يعتبرونها آخر معقل صامد في حقبة الحرب الباردة.ويتذكر جيلان من القرن العشرين على الاقل اسبوعا حاسما بين 22 و 28 نوفمبر 1962 كاد يندلع خلالها نزاع نووي بسبب كوبا.وتم احتواء " ازمة الصواريخ " السوفياتية الموجهة الى الولايات المتحدة من الجزيرة بفضل تحلي الرئيسين جون كنيدي ونيكيتا خروتشوف بضبط النفس مما اثار غضب فيدل كاسترو لانه لم تتم استشارته.وفي المقابل تخلت واشنطن عن استخدام القوة لقلب نظام الناشط الثوري المقيم على مشارفها وذلك بعد سنة من محاولة قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية (سي.اي.ايه) وآلت الى فشل ذريع في عملية "خليج الخنازير" لانزال قوات قوامها 1400 من مناهضي كاسترو.وقد اضطروا بعد معارك استغرقت 72 ساعة الى الاستسلام ليتمكن فيدل كاسترو من تحقيق نصر أسطوري على "الامبريالية".يذكر أن الحكومة الكوبية كانت قد أعدت خطة لتنظيم احتفال ضخم في الثالث عشر من شهر أغسطس بمناسبة عيد ميلاد كاسترو الثمانين، إلا أن الحفل قد أجل الآن إلى شهر ديسمبر المقبل.