طبيبة سعودية واجهت أبناءها ومجتمعها بشكل علمي بحقيقة إصابتها بالسرطان
الرياض / متابعات :تسلمت الدكتورة السعودية سامية بنت محمد عبد الرحمن العمودي في احتفال أقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم أمس الأول بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس جائزة وزارة الخارجية الأمريكية الدولية لتكريم شجاعة النساء حول العالم ممثلة لمنطقة الشرقين الأدنى والأوسط ضمن عشر نساء أخريات يمثلن مناطق العالم الأخرى.وقد تم منح الجائزة للدكتورة سامية لشجاعتها وصبرها في التعامل مع اكتشافها لإصابتها بمرض سرطان الثدي في شهر ابريل الماضي، وهي الطبيبة المتخصصة في أمراض النساء والولادة ثم حديثها عن ذلك المرض وعن تجربتها الشخصية المستمرة معه بكل شجاعة وصراحة في وسائل الإعلام في المملكة، رغبة منها في توعية وتثقيف النساء السعوديات ولكسر حاجز الخوف والصمت الذي تعاني منه عادة النساء المصابات، والذي يؤدي إما إلى تأخر اكتشافه أو إلى تحملهن لتلك المعاناة بصمت مع ما تتطلبه عملية علاج المرض من مشاركة معنوية ودعم نفسي سواء من داخل الأسرة أو خارجها.وكان للدكتورة سامية مشاركة فاعلة في حملات التوعية والتثقيف المكثفة التي قامت ولازالت تقوم بها لزيادة الوعي بمرض سرطان الثدي، وتشجيع النساء على القيام بعمليات الفحص الدوري للاكتشاف المبكر للمرض والذي يزيد من فرص الشفاء منه.وأيضا لشجاعتها في مخاطبة المسؤولين عبر عمودها الأسبوعي في الصحف لإيجاد التجهيزات الطبية اللازمة ومنح الفرصة للجميع لتلقي العلاج من المرض، وإجراء عمليات الفحص الدوري للنساء بشكل يتيح لهن إمكانية الشفاء منه.يذكر انه تم منح جائزة وزارة الخارجية الأمريكية الدولية لشجاعة النساء التي تم الإعلان عن تأسيسها العام الجاري بالإضافة إلى الدكتورة سامية من المملكة العربية السعودية، إلى كل من الدكتورة جينيفر لويس ويليامس من زيمبابوي ممثلة للقارة الأفريقية، والدكتورة ستي موسداه موليا من اندونيسيا ممثلة لمنطقة شرق آسيا والباسفيك، والسيدة ايليز جوانا اكسين من لاتفيا ممثلة للقارة الأوروبية، والسيدة ماريا احمد ديدي من المالديف ممثلة لمنطقة جنوب ووسط آسيا، والسيدة سارا سوزان ديل فالي من الأرجنتين ممثلة لأمريكا الجنوبية والوسطى، بالإضافة إلى السيدة ماري أكرمي والسيدة عزيزة صديقي من أفغانستان، والدكتورة سندس عباس والسيدة شاسا عبد الرزاق عبوسي من العراق.والدكتور العمودي متزوجة وأم لطفلين عبد الله 10 أعوام وإسراء 6 أعوام، تحصلت على الثانوية العامة من المدرسة الثانوية الثانية بجدة بتقدير إمتياز عام 1975 . تحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة من كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 1981م وكانت ضمن أول دفعة طالبات من كلية الطب بمدينة (جدة) بالمملكة العربية السعودية.التحقت بالعمل معيدة في قسم النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي عام 1981م/1982، وحصلت على الزمالة العربية في اختصاص النساء والتوليد عام 1987 من دمشق. تم تعيينها أستاذا مساعدا بكلية الطب والعلوم الطبية وبقيت في منصبها هذا حتى استقالتها عام 1997 لتتفرغ وتقوم بتأسيس مركز الدكتورة سامية العمودى الطبي.وتم تعيينها في كلية الطب والعلوم الطبية (قسم الطالبات) عام 1990. عملت مستشارا لمنظمة الصحة العالمية في شرق البحر المتوسط في مجال النساء والتوليد، وشاركت في تحرير النشرة الطبية العربية الخاصة بالجمعية السعودية لأمراض النساء والتوليد، وعملت كعضو في مجلس إدارة الجمعية السعودية لأمراض النساء والتوليد، فيما تعمل حاليا استشارية ومديرة الإدارة بمركزها الطبي الواقع في أبراج البدرية بحي الخالدية بمدينة جدة.[c1]ومن مؤلفاتها:[/c]1. أختي الحامل وأسئلة سرية خاصة2. مسائل طبية سرية وحرجة للأنثى3. أسئلة خاصة جدا4. رسائلي أليه5. سلسلة مستشار الطب الأسلامي (1) مسائل فقهية في أمراض النساء والتوليد6. سلسلة مستشار الطب الأسلامي (2) مسائل فقهية في أمراض العقم7. سن النضج والهرمونات البديلة8. الحامل والسفر9. العقم وأطفال الأنابيب10. ملخصات البحوث الصادرة من قسم النساء والتوليد بالمتشفى الجامعي بجدة ( باللغة الآنجليزية)11. الالتهابات النسائية[c1]فيما يلي أحد مقالاتها الذي شرحت فيه كيف واجهت أبنائها بحقيقة اكتشافها الإصابة بمرض السرطان :كيف أبلغت أبنائي أن عندي سرطاناً بالثدي[/c]عندما اكتشفت أن عندي ورما في الثدي كانت أول وأهم مشكلة عندي هي ابنائي وكيف سأقوم بالتعامل معهم..وقد أحسست بالورم يوم الجمعة كما كتبت سابقاً.. وفي لحظات أدركت قضاء الله.. فخرجت من غرفتي وذهبت إلى أبنائي.. كانت مشاعري في حالة ذهول.. لكن خوفي عليهم كان أعلى من كل ذهول أو صدمة.. وأبنائي ثلاثة عبدالله في الاولى متوسط وإسراء طفلة في الرابعة ابتدائي ومعي ايضاً ابنة زوجي واختهم من أبيهم وهي في الجامعة، وبعد انفصالي عن والدهم بقيت معي ومع اخوتها هؤلاء هم أبنائي الثلاثة والذين هم محور حياتي لذا كان خوفي عليهم كبيراً، وأعرف أن كثيرين قد لا يتفقون معي في طريقة تناولي للموضوع معهم لكن التربية قناعات وكل أم لها قناعاتها وتعرف أبنائها ولها طريقتها في تناول أحداث الحياة معهم لذلك اتبعت قناعاتي التربوية والإيمانية الخاصة بي وأحببت أن يعرفوا المعلومة مني مباشرة بدل أن يسمعوا معلومة خاطئة من غيري فيخافوا ويهتز أمانهم والأهم أن لا أخفي عنهم حقائق أو أكذب عليهم فأبناؤنا اليوم يعرفون من التلفاز والنت أكثر مما نتصور.. لذلك عندما احسست بالورم في صدري خرجت إليهم ودعوتهم للجلوس وقلت لهم أريد أن آخذ رأيكم في مشكلة تمر بها إحدى صديقاتي فهي في أمريكا واكتشف الأطباء عندها ورما في الثدي أي سرطان وهي لا تعرف كيف تخبر أبناءها.. فقال لي ابني عبدالله يعني خطير يا ماما فردت عليه سوزان طبعا خطير جدا فقال لي هم سيخافون يا ماما لكن الأفضل تصارحهم بالأمر.. وقالت صغيرتي إسراء ذات التسعة أعوام يا ماما أكيد هي ستشعر بالألم ولازم يعرفوا حتى يحسوا بها ويشاركوها الألم.. أما سوزان فقالت لي يا أبلة سامية الصراحة أفضل كما تقولين دائماً فابتسمت وأنهيت الحوار عند هذا الحد.. كانت تلك بداية التدرج في طرح المعلومة. في مساء ذات اليوم أخبرت ابنتي سوزان بالاحتمالات قلت لها سأجري فحوصات غداً.. لكن أريد أن أرى الشخصية المؤمنة القوية في الأزمات.. خوفها وحبها يشعرني أن تربيتي لها في حضني منذ جاءتني طفلة هذه التربية وهذا الحنان أرى ثمارها في الدنيا قبل الآخرة فلك اللهم كل الحمد.. في اليوم الثاني كان التشخيص واضحاً بعد عمل الماموجرام وعندما عادوا من مدارسهم وعلى الغداء حكيت لهم أنني قابلت قريبتنا وصديقتي فلانة ولأن أبنائي أصدقاء أبنائها.. أحببت تقريب الفكرة لهم قلت لهم عن زوجها الذي مر بمحنة المرض منذ سنوات وقد تعاملت هي مع أبنائها بإيجابية عالية فأحببت أن يعرف أبنائي عن مرضه حتى شفاه الله قلت لهم ها هو يعيش بيننا ويعمل وبصحة جيدة ولله الحمد.. كانت مجرد حكاية أحكيها لهم عن أحد الأهل والأصدقاء ممن يعرفون حتى يعرفوا أن حولنا أناساً مثلنا.. وفي المساء بدأ الجزء الأهم.. فالوقت ضيق أمامي والفحوصات متسارعة قلت لهم سأذهب للطبيب لأنني تعبانة وعندي غدة في صدري.. فلما عدت من زيارة الطبيب سألني ابني عبدالله ماذا قال الطبيب يا ماما قلت لا بد من أخذ عينة من الغدة وتحليلها فصمت وقال يعني احتمال يا ماما يكون سرطان سؤال مباشر ومحدد وعلي التعامل مع ابني كرجل ناضج قلت ممكن يا عبدالله وممكن لا لن نعرف إلا بعد أخذ العينة.. ثم سألته عن المذاكرة وماذا أنهى في غيابي وأغلقت الحوار بشكل عادي... يا إلهي.. الوقت يتسارع وليس أمامي وقت.. سيبدأون العلاج معي وسأدخل المستشفى أما للجراحة أو العلاج بالكيماوي.. وعليّ أن أشرح لهم ما سيرونه وما سيعيشونه من الآن فصاعداً وعليّ أن أكون أماً ومعلمة وأخصائية اجتماعية ونفسية في آن واحد.. بل ومؤمنة تعطي جرعة إيمانية لأبنائها.. لحظات صعبة نعيشها كأمهات جميعنا بلا استثناء كل الأمهات سواء في حالة المرض أهم ما يشغل بالهن الأبناء.. في عملي ترفض السيدات الدخول للمستشفى بل ويطلبن تأجيل العمليات فترات الاختبارات حتى لو كان على حساب صحتهن.. كل الأمهات هكذا.. وأنا واحدة من هؤلاء.. وضعي صعب وخوفي أصعب. في اليوم الذي بعده كان لا بد من التحديد أكثر كان لا بد من الجلوس معهم قلت لهم إن نتائج الفحوصات مبدئياً تقول ورم غير حميد قلت لهم السرطانات أنواع كثيرة ومنها أنواع يعيش بها الناس عشرين عاما او أكثر. والموت ليس له علاقة بالمرض قلت لهم تعرفون جارنا توفي رحمة الله عليه قبل أشهر لم يكن به شيء خرج من بيته وصدمته سيارة ولم يعد.. وقلت لعبدالله لو قال لك أحد أصحابك أمك عندها سرطان وأنها ستموت قل له ليس صحيحاً ماما دكتورة وشرحت لنا عن السرطان وقلت لهم لأن أمكم طبيبة فأنتم تعرفون معلومات صحيحة أكثر من أصحابكم وعلينا الدعاء فالله عندما يحب إنسانا يختبره وهذا اختبار حتى يعطينا الله الأجر.. وهكذا كانت معرفتهم وأخذنا بعدها نتحدث في مواضيع أخرى وأخذت على نفسي عهداً أن تسير حياتهم بشكل طبيعي قدر ما استطيع لأن عدم تضخيم الامر وعدم الجزع والهلع والانهيار هو السبيل الوحيد لهدوء نفسهم وتعليمهم معنى الصبر والبلاء.. ومواجهة الأزمات وكنت أطلب منهم أن يضعوا أيديهم الصغيرة على صدري ليقرأوا لي الدعاء (اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك).تلك لحظات صعبة عشتها في معركتي هذه.. لحظات جعلتني أعيش الحب معهم طعماً جديداً.. كنت أقبلهم وأحضنهم.. لكنني اليوم أدفن رأسي في شعر ابنتي كأنني أشم رائحتها وأحضن ابني كما لو كنت أود الذوبان فيهم.. تغير طعم قبلتي ودفء حناني ليس لأنني أخاف الرحيل وإنما لأنني أشعر بمتعة وجودهم معي.. فكأني بنفسي نعيش أجزاء اللحظة حتى لا نحس بالحرمان مما فيها.. تلك هي قصتي مع أبنائي. والله من وراء القصد.[c1]د/ سامية العمودى [/c]