الإرياني يبحث مع مسؤولين أمريكيين حماية التراث اليمني
واشنطن / 14 أكتوبر/ خاص :
عقد وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، عددا من الاجتماعات في وزارة الخارجية الأمريكية، شملت لقاءً مشتركاً مع مكتب الشؤون التعليمية والثقافية (ECA) ومكتب شؤون الشرق الأدنى (NEA)، لبحث سبل تعزيز التعاون في حماية التراث الثقافي اليمني، والتبادل الثقافي، والتدريب على مكافحة تهريب الآثار.
وخلال الاجتماعات، بحضور سفير اليمن في واشنطن، أعرب الوزير الأرياني عن شكره للحكومة الأمريكية على جهودها في استعادة القطع الأثرية اليمنية المنهوبة. مشيراً إلى زيارته لمتحف السميثسونيان للفنون الآسيوية، حيث تم عرض بعض القطع الأثرية اليمنية التي قامت السلطات الأمريكية بضبطها وإعادتها إلى الحكومة اليمنية، وتُعرض الآن في المتحف بموجب اتفاقية تعاون مشترك.
كما شدد الارياني، على أهمية تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة تهريب الآثار، خاصة وأن بعض عمليات التهريب تسهم في تمويل الجماعات الإرهابية مثل مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الايراني.
كما بحث الوزير الارياني، مع المسؤولين الأمريكيين إمكانية دعم متحف عدن، الذي يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على مقتنياته بسبب نقص الموارد.. مؤكدا على أهمية توفير البنية التحتية اللازمة لحماية الموروث الثقافي اليمني.
وفي إطار التعاون الثقافي، ناقش الوزير فكرة تنظيم فعالية موسيقية للأوركسترا اليمنية في الولايات المتحدة.. مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته الفعاليات السابقة في ومصر وفرنسا وآخرها الاحتفال الكبير في المملكة العربية السعودية والذي أقامته الوزارة ومؤسسة حضرموت للثقافة بدعم ورعاية من الأشقاء في وزارة الثقافة السعودية، وطلب دعم الحكومة الأمريكية لاستضافة الفعالية في مركز كينيدي بواشنطن العاصمة ومدن أخرى.
كما دعا الوزير الارياني، إلى استئناف برنامج “فولبرايت” لليمنيين.. معتبرا أن هذه الخطوة ستكون ذات أثر إيجابي كبير على الشباب اليمني، مع التأكيد على تعزيز برامج التبادل الثقافي والتعليمي التي تقدمها وزارة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك برنامج الزائر الدولي.
واشاد الارياني بدعم الولايات المتحدة لمكافحة تهريب الآثار من خلال الاتفاقية الموقعة بين البلدين والتي تعتبر نموذجاً يحتذى به، من خلاله استعادت اليمن عددا من القطع الأثرية المهربة، وفي هذا السياق، توجه الوزير الأرياني بجزيل الشكر والتقدير لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية عبر وزارة الخارجية الأمريكية على دعمها الكبير في تنظيم ورشة العمل المرتقبة في الأردن، والتي ستُعقد بعد عشرة أيام بمشاركة ممثلين عن جميع الوزارات والجهات اليمنية المعنية.
وأوضح أن الورشة تهدف إلى إنشاء وحدة متخصصة لمكافحة تهريب الآثار، وإعداد القوانين والإجراءات اللازمة لحماية الموروث الثقافي اليمني.. مؤكدا أن هذه الخطوة ستشكل نقلة نوعية في الجهود المبذولة لمكافحة تهريب الآثار، التي تمثل أحد أبرز مصادر تمويل الجماعات الإرهابية .
وأشار الوزير إلى أن مليشيات الحوثي تسعى بشكل ممنهج إلى طمس الهوية اليمنية، من خلال نهب وتهريب الآثار وتدمير المواقع التاريخية، في محاولة لطمس معالم الحضارة اليمنية الممتدة لآلاف السنين، كما شدد على أن الآثار ليست مجرد إرث تاريخي لليمن، بل هي جزء أساسي من هوية الأمة، ويجب علينا جميعاً العمل على حمايتها من النهب والتهريب، والحفاظ عليها للأجيال القادمة.
واكد الارياني، على أهمية التعاون الدولي في التصدي لهذه الجرائم، وتعزيز الجهود المشتركة لحماية التراث اليمني.. داعياً المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لوقف عمليات تهريب الآثار، وتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية.
كما أشاد الوزير، بالدور الريادي الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في دعم اليمن في مختلف المجالات، وخاصة في قطاع الإعلام والثقافة وحماية التراث.. موضحاً أن المملكة تلعب دوراً محورياً في مساندة اليمن عبر دعم المنظمات والمؤسسات الدولية المتخصصة في حماية الآثار اليمنية وترميم العمارات الطينية التاريخية، والتي تعد جزءا أساسيا من الهوية الثقافية اليمنية.
كما أشار الارياني، إلى أن المملكة قدمت دعماً ملموساً من خلال تمويل مشاريع الحفاظ على المواقع الأثرية والمعمارية، وتنظيم فعاليات ثقافية وتراثية دولية للتعريف باليمن، والتي كان لها أثر بالغ في رفع الوعي العالمي بأهمية التراث اليمني والحاجة إلى حمايته.. مؤكداً أن هذه الجهود انعكست بشكل إيجابي على صون الهوية الثقافية اليمنية وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
من جانبها، أكدت نائبة مدير الدبلوماسية العامة في (NEA)، الدكتورة زينيا باجاني، حرصها على تعزيز التعاون مع الحكومة اليمنية في مختلف المجالات الثقافية والتعليمية. مشيرة إلى تجربتها السابقة في دعم اليمن خلال عملها في السفارة الأمريكية في اليمن.
فيما اشاد مدير مركز التراث الثقافي في (ECA)، جلين ديفيس، بنجاح مشروع ترميم قلعة القاهرة في اليمن الذي تم بدعم من الحكومة الأمريكية.. مؤكداً على أهمية وضع خطة عمل واضحة لتنفيذ اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية الموقعة بين البلدين.. معلناً عن إطلاق برنامج تعليمي جديد لاستقدام مدرسين يمنيين لتدريس اللغة العربية في الولايات المتحدة، إضافة إلى تقديم منح دراسية قصيرة الأمد لطلاب وأكاديميين يمنيين.
في ختام الاجتماعات، وجه الوزير الإرياني شكره للحكومة الأمريكية، على جهودها المتواصلة في دعم اليمن ثقافياً وإعلاميا.. مشدداً على أهمية استمرارية هذا التعاون لتعزيز حماية الموروث الثقافي اليمني.. مجدداً دعوته للمجتمع الدولي للاقتداء بالنموذج الأمريكي والسعودي في دعم وحماية التراث اليمني، ومكافحة تهريب الآثار، وتطوير البنية التحتية الثقافية.
حضر اللقاء، مدير عام العلاقات الدولية بوزارة الإعلام والثقافة والسياحة، يوسف أبو رأس، وأدونيس فخري من السفارة اليمنية بواشنطن.
في سياق منفصل قام وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، بزيارة رسمية إلى المتحف الوطني للفنون الآسيوية بمؤسسة سميثسونيان، وكان في استقباله مدير المتحف، الدكتور تشيس روبنسون، وعدد من كبار الخبراء والمتخصصين في مجال التراث الثقافي.
رافقه خلال الزيارة السفير اليمني لدى الولايات المتحدة الأمريكية، محمد الحضرمي، بالإضافة إلى مسؤول من وزارة الخارجية الأمريكية.
تضمنت الزيارة جولة خاصة في مجموعات المتحف التي تضم قطعًا أثرية يمنية قديمة، سواء المعروضة للجمهور أو المخزنة لأغراض البحث والدراسة والحفظ. واطّلع الوزير على الآثار اليمنية المستعادة حديثًا، والتي تم إعارتها مؤقتًا من قبل الحكومة اليمنية للمتحف، في إطار شراكة ثقافية تتيح لهذه القطع الحصول على أعلى مستويات الحفظ والصيانة وفقًا للمعايير الدولية.
وخلال كلمته، أعرب الوزير الإرياني عن تقديره العميق لمؤسسة سميثسونيان وإدارة المتحف وطاقمه العلمي، تقديرًا لجهودهم الحثيثة في الحفاظ على هذه الكنوز الثقافية اليمنية الثمينة.
كما شدد على أن التراث الثقافي اليمني ليس ملكًا لليمن فحسب، بل هو جزء من التراث الإنساني المشترك، مما يستدعي بذل أقصى الجهود لحمايته من النهب والتهريب، خاصة من قبل الجماعات الإرهابية مثل مليشيا الحوثي.
وأكد الوزير أن هذه الشراكة تعكس التزام اليمن العميق بحماية إرثه الثقافي، معربا عن شكره لمؤسسة سميثسونيان على تفانيها في حماية وصون التراث الثقافي اليمني، وإسهامها في تعزيز الوعي العالمي بأهميته.
وفي ختام الزيارة، تم التوقيع على اتفاقية تمديد الإعارة المؤقتة لـ 80 قطعة أثرية يمنية لمدة عامين إضافيين، مما يعكس الثقة المتبادلة والتعاون المستمر بين اليمن والمؤسسات الثقافية الرائدة عالميًا، وقد وقع الاتفاقية عن الجانب اليمني السفير محمد الحضرمي.
من جانبه، أعرب الدكتور روبنسون عن شكره العميق للحكومة اليمنية على ثقتها في مؤسسة سميثسونيان، وإتاحة الفرصة للمتحف للقيام بدوره في حماية وعرض ودراسة هذه القطع الفريدة. وأكد أن التعاون بين المتحف واليمن يعد نموذجًا رائدًا في مجال حماية التراث الثقافي، ويجسد التزام المجتمع الدولي بالحفاظ على الإرث الإنساني المشترك.
عكست هذه الشراكة بين مؤسسة سميثسونيان والحكومة اليمنية التزامًا مشتركًا بالحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة، من خلال تعزيز التعاون الدولي في مجالات الحفظ والصيانة، والتوعية بأهمية حماية المواقع والقطع الأثرية من الأخطار التي تهددها.
يُعد المتحف الوطني للفنون الآسيوية بمؤسسة سميثسونيان من أبرز المؤسسات العالمية التي تعمل على حماية التراث الثقافي الإنساني، من خلال برامجه المتخصصة في حفظ وعرض القطع الأثرية، وإجراء الأبحاث العلمية الرائدة حول الحضارات القديمة. ويوفر هذا التعاون فرصة لتعريف العالم بالإرث الحضاري اليمني الغني، وتعزيز الجهود المشتركة لحماية التراث الإنساني من المخاطر التي تهدده في مختلف أنحاء العالم.