ابتسام العسيري كثر مؤخرا المتسولون والعجزة وذوو الإعاقة في الشوارع ، وآخرون لا يصدق المرء أنهم متسولون بل يستحي حتى من مساعدته أو إعانته بحسب إمكانيته ، واقصد هنا نساء ورجالا يبدو من مظهرهم العفاف يفاجئونك باقترابهم منك ومن ثم يتحدثون بهدوء ويسألونك المال ، فلا تجد بدا من أن تعطيهم أو تتنصل بأدب وقلبك ينفطر حزنا عليهم . هذا كله حقا يثير في النفس الحزن والأسى على ما وصل إليه حال هؤلاء لكن ما يحز في عميق النفس أن تجد امرأة تنام في على ناصية الطريق ، بالإمكان قبول رؤية رجل مسن أو مختل عقليا يفعل ذلك أما أن ترى امرأة بهذا الحال فالأمر يدق ناقوس الخطر .. و تغزو الأفكار والتساؤلات أدمغة الكثيرين الذين لاتزال قلوبهم عامرة بالمشاعر الإيجابية تجاه المجتمع وتجاه الإنسان فأين القائمون على هؤلاء في المحافظة وعلى رأسهم السلطة المحلية !! وأين دور وزارة الشؤون الاجتماعية في التخفيف من هذه المشكلة ووضع الخطط والبرامج الفعلية في الحد من الفقر؟!! ألم يوجه فخامة رئيس الجمهورية وتنطلق خطاباته قاصدة الإصلاحات الإدارية والقضاء على الفساد الذي تعد هذه الظواهر من نتائجه؟! .. [c1]ارحموا عزيز قوم ذل[/c] مزقت قلبي رؤية امرأة - تبدو بصحتها وترتدي عباءتها - تنام في أواخر الليل إلى جانب إحدى الحدائق العامة كانت تلك أول صورة أشاهدها في حياتي لامرأة تنام على ناصية الطريق في منظر مؤلم ، حينها عدت إلى البيت وسألت نفسي هل وصل بنا الحال إلى هذا المنعطف الخطير ؟؟ كان هذا المشهد في إحدى ليالي رمضان ، ولم تزل مخيلتي محتفظة بهذا المشهد حتى اصطدمت عيناي بمنظر هذه المرأة التي تشاهدونها في الصورة تنام في أحدى الطرقات الرئيسية تحتمي بجدار تحاشيا لأقدام المارة التي لا ترحم ، وتساءلت إذا كانت وهي على الأرض لم تجد منزلا ولا مأكلاً أو مشرباً هل ستجد هذه المرأة يوما كفنا وقبرا ؟! هذه المشاهد وغيرها لأناس لم يجدوا سوى الشارع ليستجدو فيه يقينا .. قهر الزمان قدراتهم فليس هناك من يذل نفسه للناس ..فارحموا عزيز قوم ذل يا من أوكلت لكم مهمة الحفاظ على استقرار وأمن الناس . كان لتجربة المجالس المحلية دور رائع في حل وتسهيل ولو جزء من المشاكل والمصاعب التي تواجه الناس في مناطقهم ومجتمعاتهم المحلية ، وكما يبدو جاء مكتب الشؤون الاجتماعية كمنقذ لانتشال المحتاجين والفقراء من بؤر العوز والتسول ، وانصب موضوع محاربة الفساد الإداري والمركزية في ذات السياق ، ووجدت بعض التحسينات في عدد من الجوانب كنظافة الشوارع وتحسين الطرقات ودعم بعض الجمعيات التي تقدم خدمات لأبناء المجتمع وهذا لا ننكره!! لكن ما يصوره الواقع الحقيقي أيضا أن هناك فقرا مدقعاً يزداد وهوة بين الطبقات الاجتماعية ، واستغلال مصالح الناس العامة في ما يحقق مصالح شخصية وهذا من شأنه أن يعيق مراحل التنمية البشرية واستقرار المجتمع ويخلق مشاهد متكررة لهذه المرأة المسنة الراقدة على ناصية الطريق ، ولأكواخ الصفيح التي يسكنها أناس معدمون تحت خط الفقر لم يجدوا منأى عن اتخاذ هذه الأكواخ الصفيحية سكنا لهم هربا من ذل الطريق .. ولا ننسى الزحف العشوائي على الجبال والشواطئ ، والممتلكات العامة ، التي بدت كأنها خرجت عن السيطرة . يفترض بالمجلس المحلي أن يكون مجلس رقابة تشريعية على سير العمل في المرافق والأجهزة الحكومية في المحافظات والمديريات ، على اعتبار انه وجد ليحقق جزءا من عملية الإصلاحات والتسهيلات التي تصب في مصلحة المواطن والمحافظة ككل ، وليس ليقوم بفرض التشريعات التي تثقل كاهل المواطن بالجبايات المختلفة وتزيده فوق معاناته معاناة . مثلا نلاحظ بدلا من تخفيض تعرفة الكهرباء نجدها تزداد وإلى جانبها تضاف أنواع من الضرائب كضريبة الدخل ورسوم النظافة وغيرها .. وبالنسبة للصندوق الاجتماعي فهو مطالب بعملية بحث اجتماعي صادق وعادل وإعادة مراجعة لسجلاته ، والابتعاد عن المحاباة لأنه يلاحظ أن الكثير ممن يستلمون مساعدات من مكتب الشؤون الاجتماعية يستلمون معاشات تقاعدية ومعاشات أسر الشهداء. وكما نعرف فإن هذا الصندوق الاجتماعي وجد لإعانة الأسر الفقيرة في الأساس والتي لا توجد لها عائل أو مصدر دخل .. وكذلك بالنسبة للمسئولين كل في موقعه من المفترض أن يستوعبوا خطاب السيد الرئيس في محاربة الفساد الإداري لا أن يزيدوه ، فما نلاحظه للأسف أنهم يزدادون ثراء ويزداد غالبية الناس فقرا ، وبالتالي يزداد الظلم وتتوسع دائرته وهذا كله يلقي بظلاله على المجتمع وعلى أهله ولعل ما يعصف ببلادنا من أزمات على ارض الواقع احد نتائجه وهو ذاته ما رمى بهذه العجوز وغيرها على قارعة الطريق .
|
الناس
امرأة على ناصية الطريق
أخبار متعلقة