.jpeg)
هكذا انتهى حلم صالح عوض شغدارة زميل دراستي في ابتدائية بلدتنا الديس الشرقيةبحضرموت في منتصف ستينيات القرن العشرين الماضي ..انتهى حتى قبل أن يرى حلمه يتحقق ولو في المنام ! وهي (أحلام يقظة) كما عنون مقاله المنشور في “منتدى تاريخ وتراث وادي عمر”، وهو اسم آخر من أسماء الديس العديدة..
الا تعرف ياصديقي صالح أن الحلم في هذه البلاد ممنوع، خاصة إن كان جميلاً ويحتوي على رغبة دفينة في النفس كأن ترى شرمة هذه المحمية والمنتجع السياحي الجميل الذي حباه الله بكل عناصر الجمال، تتطور كما رأيتها في الحلم ؟!
هل تعرف ياصديقي من زمن الطفولة، أن الأحلام أجمل مايحدث لنا في حياتنا، وأننا قضينا أعمارنا بين حلم لايتحقق وواقع عنيد لايتغير ؟!!
ألم تعرف ياصديقي بعد أن الكوابيس فقط مسموح بها في هذه البلاد؟!!وهل هناك ماهو أفظع من الواقع الذي نعيشه كابوساً غير قابل للتغير ؟!! أو للتبدل إلى الأحسن ...! احذر أن تحلم مثل هذه الأحلام الجميلة التي يدحضها الواقع العنيد بما لايقاس بالأحلام من نوع حلم زميلي صالح شغدارة .
شرمة.. لمن لايعرف، أقدم مستوطنة مأهولةعبر العصور. كانت مركزاً رئيسياً للتجارة الدولية، وازدهرت كميناء ازدهاراً عظيماً لم يسبق له مثيل على مدى تاريخه إذ اعتبر واحداً من أكثر الموانئ ازدحاماً في غرب المحيط الهندي، خاصة في الفترة من نهاية القرن العاشرالميلادي قبل أن يتم “التخلي” عنه(على الأرجح) في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي. وكانت ثالث ميناء على مستوى الجنوب بعد الشحر وعدن، وثاني أهم موانئ حضرموت في تلك الفترة.
هذا كان في ماض بعيد لم يعد له وجود اليوم .. فقد فقدت شرمة مركزها كميناء عالمي في غرب المحيط الهندي ، لكن لم تفقد مكانتها كواحدة من أجمل بحار العالم. بحرها لايشبه أي بحر ، وأجمل من أي بحر. وقد سحرتني منذ أن كنت طفلاً، وتسحر كل من يراها بشواطئها الرملية الناعمة، وسلاحفها النادرة، ونوارسها البيضاء، وأسماكها الملونة، وبعالمها من الشُعب المرجانية، وتنوعها الحيوي البيولوجي، وباجوائها الشاعرية التي توحي بالروحانية والإلهام. وأخيراً، باعتبارها من أهم المناطق لتعشيش السلاحف الخضراء النادرة والسلاحف صقرية المنقار المهددة بالانقراض على صعيد العالم . وقد أعلنت في عام 2001 محمية طبيعية، وفي العام التالي 2002 أضافتها “اليونسكو”إلى مواقع التراث العالمي “المؤقتة”. لكنها بكل أسف، رغم هذه الجوهرة الثمينة التي نمتلكها، لم تحظ شرمة بما تستحق من التطوير ومن الترويج السياحي رغم ماتزخر به من تنوع بيئي، ومازالت السلاحف النادرة تتعرض للذبح بوحشية على يد من لايدركون قيمة هذه الثروة النادرة المهددة بالانقراض...!! رغم إعلانها محمية طبيعية منذ ربع قرن(!)
وغير بعيد من شرمة يقع ميناء القرن.
وفي يوم من الأيام كان للديس الشرقية موانئ عديدة: خُلفة، القرن، شرمة، ورأس باغشوة، وجميعها كانت بوابتها على العالم .. وهاهو صديقي صالح عوض شغدارة يكتب في نفس المنتدى ، في نفس اليوم عن واقعة أخرى، ليست حلماً هذه المرة، لكن تدخل في باب التمني والأمنيات عن حال ميناء القرن في الديس الشرقية: “جلست مع مجموعة من الشباب نتداول فيما يخص منطقة القرن، وماتتعرض له من صعوبات. ذكر البعض انه يتم إنشاء مركز للإنزال السمكي. وقال آخر ان القرن تحتاج إلى كاسر أمواج يحمي مركز الإنزال ويحمي القرن كلها. ومن يعرف القرن في الستينات من القرن الماضي يتذكر ان ما ابتلعه البحر من أراضي القرن أكثر من خمسين متراً باتجاه البر مع امتداد مئات الأمتار شرق بغرب.. معنى ذلك إن لم نتدارك الوضع فان التآكل من أرض القرن سيستمر ولابد من إيقاف ذلك. والحل يكمن في إنشاء كاسر الأمواج أو اللسان البحري، وفي نفس الوقت إعادة كبس ما تآكل وانجرف من أرض القرن بما يمكن من إنشاء مرافق خدمات متعددة في المساحة التي سيتم كبسها.
لقد آلمني ما ذكره أحد الأخوة من غرق بعض القوارب بسبب “زعل” البحر عند “التجحوب” فهل من يسمع ويستجيب يا أهلنا في الديس الشرقية ؟!!”
انتهى كلام صديقي صالح شغدارة.
ولإنقاذ القرن من التآكل والانجراف يحتاج الأمر إلى تحرك عاجل من السلطة المحلية في الديس ومن مركز عاصمة محافظة حضرموت، ومن رجال المال والأعمال الحضارم لاستثمار جزء من رؤوس أموالهم في القرن وشرمة وجعلها في مركز الاهتمام والترويج ..
واذا كانت الأحلام ممنوعة من نوع حلم صديقي صالح شغدارة. نرجو الا تكون الأمنيات أيضاً ممنوعة ، أو مستحيلة!!