
غير أن ما كان يُنتظر أن يكون موسماً للبهجة والشفاء، تحول هذا العام إلى موسم للحزن والمأساة، بعد أن ابتلع البحر ثلاثة من شباب أسرة واحدة، رحلوا تاركين خلفهم لوعة الفقد للوالدين وصدمة المجتمَع.
إنها مسؤولية لا يمكن التنصّل منها.
رحيل أولئك الشباب لا يمكن التعامل معه كحادثة عابرة. بل هي ناقوس خطر يدق بقوة في وجه الجهات المعنية بمحافظة حضرموت، وعلى رأسها السلطة المحلية والأمنية والعسكرية وخفر السواحل.
كان من الواجب والضرورة القصوى أن تعلن قيادة السلطة بحضرموت عن حالة الاستنفار القصوى خلال أيام الموسم، مع توافد المئات من المواطنين للاستحمام في البحر، كثير منهم لا يمتلك الحد الأدنى من الخبرة في التعامل مع حركة الأمواج والمد والجزر ما يجعلهم عرضة للموت في أية لحظة.
لم نشاهد في شواطئ المكلا أي لوحات إرشادية، ولا علامات تنبيه، ولا وجود فعلي لدوريات بحرية مرابطة تسمى «إنقاذ» سريعة أو وحدات خفر سواحل قريبة تراقب حياة الآلاف من المواطنين في أماكن الازدحام. أين الخطة الامنية والسياحية التنظيمية؟! وأين الجهات التي يفترض أنها تراقب وتحمي وتوجه؟!
نحن لا نتحدث عن ترف إداري، بل عن أرواح بشرية، عن أُسر جاءت تطلب الشفاء والماء المالح، فعادت محمّلة بالألم والأوجاع والفقد والدموع.
اليوم نبعث بدعوة للمراجعة والتقويم..
إننا نناشد محافظ محافظة حضرموت وقيادة الأجهزة المختصة، بإجراء مراجعة شاملة لما حدث، والعمل على إعداد خطة أمنية ووقائية وطوارئ تنظيمية دائمة لموسم البلدة، بالمكلا وذلك من خلال:
ـ تجهيز فرق إنقاذ دائمًا على مراقبة الساحل المتواجد فيه هؤلاء الاعداد الكبيرة من البشر استعدادا لإنقاذ الارواح، ووضع لوحات تحذيرية واضحة.
ـ تنظيم أوقات النزول للبحر تحت إشراف مختصين يجب أن يكون في الاولوية، وإطلاق حملات توعوية عبر وسائل الإعلام والمنصات الرسمية، وتحدد أماكن آمنة للنزول وتراقب باستمرار.
غدا.. حتى لا يتكرر المشهد من غير المقبول أن يفقد الناس أبناءهم في البحر وهم يبحثون عن موسم للعلاج والفرح. ما حدث بالأمس ليس مجرد حادثة، بل فاجعة وطنية تستوجب وقفة جادة، تحفظ الأرواح، وتصون كرامة الناس.
رحم الله الشباب الثلاثة وأسكنهم فسيح جناته، وألهم أهلهم الصبر والسلوان، وجعل مصابهم تنبيها وإنذارا لتدارك قيادات الدولة والسلطة في حضرموت ما يمكن تداركه قبل أن تتسع الدائرة، ويكبر الحزن.