
ما يربطنا بالجذور التاريخية والهوية هي تلك القلاع ومنها قلعة صيرة واحجارها المتداعية، والمدافع التي كانت تحمي المدينة قد تدحرجت لتغوص في مياه البحر، مع شكرنا وتقديرنا لمحاولات البعض انتشالها وترميمها، ولا ننسى صهاريج عدن المعلم التاريخ العظيم بعظمة العقول التي بنته منذ آلاف السنين.. ولم يعد يبقى من الذاكرة الثقافية غير مخطوطات ومحتويات المركز، تشعر بالفخر وانت تعتلي السلم التاريخي للمركز، وتتمعن بالبناء الشامخ على تل حي الرزمت الخليج الامامي المطل على شاطئ صيرة، فتطل من نوافذه لتستطلع القلعة وجبل معاشق وتتذكر الغزاة وهم يجتازون الشاطئ بعد ملاحم بطولية مع ابناء عدن الذين هزمهم فارق التسليح والمكر السياسي.
هذه عدن المتجذرة في التاريخ والراسخة بهويتها، قاومت كل الغزاة والطامعين واستبسل ابناؤها دفاعا عنها، تقاوم للحفاظ على ذاكرتها الثقافية والتاريخية، التي تعرضت للمحو، وسعى اعداؤها الى محو أي ارتباط بالجذور التاريخية والهوية، مما احدث هشاشة يمكن من خلالها احداث تغييرات ديمغرافية وثقافية للسيطرة عليها، واخضاعها لخدمات المستعمر القديم الجديد.
كانت دعوة لندوة حماية الموروث الثقافي والتاريخي الاصيل الذي يعود إلى آلاف السنين، وهو ثمرة كفاح القدماء، وعصارة عقول الاجيال وما زال المركز يتلقى البحوث والدراسات والصحف والمجلات، مع ما يعيشه من وضع سيئ بسوء أوضاع الوطن والدولة، والميزانية الحقيرة التي لا تذكر لحقارتها، حضر الندوة كوكبة من ابناء عدن الخيرين بكل اطيافهم واعراقهم، تنوع امتازت به عدن عن غيرها، وتعدد ارتقت به لمصاف الدول المحترمة، مثل الحضور هذا الرقي بتعدده وتنوعه، وهم يرفعون صوتهم للدفاع عن ذاكرتهم الثقافية وموروثهم التاريخي، و يجتهدون في سبل الدفاع عن هذه الذاكرة وذلك الموروث، طبّ علينا محافظ عدن، واشتد النقاش حدة وحماس الحاضرين، و وعد ونتمنى ان يكون عند وعده، وحفز الحاضرين بتشكيل لجنة واعداد استراتيجية تطوير وتحسين، وننتظر تفعيل ما اتفق عليه والايفاء بما وعد، وهو بداية لتستعيد عدن مكانتها كمحمية تاريخية قديمة بقدم معالمها وارثها، وتصحح كل الهشاشة المصطنعة اليوم في مجتمعها، والتفسخ المتعمد الناتج عن صراع عبثي استمر عشرات السنين ، ومشاريع كانت عدن قد رفضتها واليوم يراد لها ان تعود.
ما يطفو اليوم على المشهد في عدن، هي نتائج طبيعية لتدمير الذاكرة الثقافية والهوية، بسبب تراكمات الصراع البيني، والتدخل الخارجي، والمستعمر الذي مرغت عدن انفه وخرج صاغرا، يعتقد انه سيعود من خلال هذه الهشاشة.
لكي نستعيد عدن علينا ان نستعيد ذاكراتها الثقافية ومورثها التاريخي، ونعود لفكر لقمان وباذيب، لننقب عن مشروع عدن الوطني، ومن لا يعلم عن مشروع عدن الوطني عليه ان يعود لينقب في الذاكرة، سيعرف ان عدن تصدت لكل المشاريع الاستعمارية والمؤامرات الخبيثة لتطويعها لخدمة اعداء الامة.
شكرا لكل من اعد ورتب ونظم الندوة وكل من شارك وتحدث واهتم بعدن المدينة والمدنية.