
حالة اللاسلم واللاحرب أحدثت موقفا استاتيكيا أثر تأثيرا كبيرا على اقتصاديات الدولة، وبالتالي تأثر المواطن مباشرة بتلك الترديات الاقتصادية المتوالية، وكان أبرزها استمرار الإخفاقات في الجانب النقدي وعدم القدرة على إيجاد حلول توقف الانهيار المتعاظم للعملة الوطنية.
اللاسلم واللاحرب حالة استفاد منها العديد واثروا منها واضحوا من أصحاب القرار النقدي، وهم الآن يتحكمون بأسعار العملة الوطنية مقابل العملات الحرة، وسيجاهدون ايما جهاد لبقاء الوضع على ماهو عليه ولا بأس من الزيادة في انهياره حتى يتمكنوا من شراء كل شيء بأثمان بخسة.
اعتدال الوضع وعودة الروح للدولة وأدواتها الفاعلة عدو مبين لاصحاب مشاريع اللادولة وهم على استعداد لمجابهة اي مشروع يبث الحياة في عضد الدولة الهزيل، لتظل مصالحهم قائمة يجب إبقاء الوضع كما هو وفي ظل غياب القانون، حتى لايتم تحجيم حركتهم التي باتت حرة وواسعة وطالت كل شيء.
هذا الوضع الاستاتيكي الذي خلفه وضع اللاسلم واللاحرب أنجز مشروعا وحيدا وهو إفقار مايقارب %95 من الشعب بل إنه دفع بهم إلى مادون خط الفقر وأضحت السمة المجتمعية فقرا شديدا وعوزا وزحفاً إلى فاه المجاعة بخطى حثيثة، مقابل ثراء فاحش ومنظور وملموس.
انكفأت الأحزاب والفعاليات السياسية ولم تتقدم بمشروع حقيقي يخرج الوطن من هذا المأزق المذل والمهين لقطاع واسع من الشعب، بل لغالبية الشعب، مقابل الانتصار لمشروع البقاء في دائرة القرار، ولم نر منها الا مناكفات نتج عنها قصور في كل شيء، وليس هناك اكبر من تفشي حالات الفقر في عموم الوطن حتى بات الفقر سمة من سماته يتحدث عنها القاصي والداني وتصدر في شأنها تقارير دولية تؤكد استمرار هذا الغول بالتهام كل مقدرات البلاد دون رحمة أو وازع من ضمير.
هل فشلت كل تلك الفعاليات السياسية الحاكمة؟ نعم فشلت فشلا ذريعا بل أضحت أداة من أدوات الفشل الكبير، فقد غاب عنها المشروع الوطني والذي كان من المفترض أن ينتشل هذا الشعب من براثن الجوع والمهانة والذل، بل مازالت تلك الفعاليات تقحم المواطن في بئر مظلمة ليس لها قرار.
الشاهد هنا كنتيجة لهذه الحالة (شبه المستعصية)، بروز ساسة وعلماء اقتصاد وإدارة في تكتلات وازنة مسموعة ضاغطة يتقدمها مشروع وطني متكامل وحقيقي عنوانه استعادة الدولة ومؤسساتها وقادرة على تجاوز كل الضغوطات التي تعمل على بقاء الوضع في حالة اللاسلم واللاحرب.