في يوم الجمعة الماضي، تمكّن الكيان الصهيوني من تنفيذ هجوم نوعي استهدف أكثر من عشرين من قيادات الحرس الثوري وقيادات الدولة في إيران، بالإضافة إلى اغتيال أكثر من أربعة عشر عالمًا نوويًا خلال ساعة واحدة فقط.
كما تم قصف مئات المواقع الحيوية داخل الأراضي الإيرانية في اختراق استخباراتي بالغ الدقة، يكشف بوضوح حجم الفشل والتخبط الذي يعاني منه النظام الإيراني.
وقبل هذه التطورات، كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، قد استُشهد في العاصمة الإيرانية، في حادثٍ حمل أبعادًا سياسية وأمنية خطيرة.
رغم هذا الاختراق الخطير والفشل الذريع الذي مُنيت به منظومة الأمن والسيادة في طهران، هل تجرؤ أي جهة في الداخل الإيراني على مساءلة النظام؟
هل يستطيع أحد من الإيرانيين أن يطالب بكشف الأسباب وتحميل المسؤوليات؟
الجواب: لا أحد يستطيع. فمن يتحدث أو يعترض يُتهم بالعمالة والخيانة، ويُزجّ به في غياهب السجون، لأن النظام في إيران نظام استبدادي مغلق، لا يُسأل عمّا يفعل.
فالمرشد الأعلى - بصفته القائد الأعلى للثورة، وزعيم البلاد، وولي الفقيه، ونائب “صاحب الزمان” - فوق كل محاسبة ومساءلة.
في المقابل، نجد في الكيان الصهيوني صورة مغايرة تمامًا؛ حيث يخرج المحتجون يوميًا للمطالبة بإقالة نتنياهو ومحاكمته.
المعارضة هناك تشُنّ عليه حملات شرسة، وتسعى بكل الوسائل لسحب الثقة منه ومن حكومته.
وهنا يظهر الفرق الجوهري بين الشعبين والنظامين:
هناك شعب يقدّم مصلحة وطنه على مصلحة الأفراد، ويعيش في ظل نظام ديمقراطي، وتداول سلمي للسلطة، وحرية سياسية حقيقية.
بينما يعيش الشعب الإيراني تحت سطوة حكم شمولي، يقدّس الأفراد على حساب الدولة، ويُخنق فيه أي صوت حر، فلا رأي يعلو فوق رأي المرشد.
فالعواطف لا تصنع النصر، وإنما الذي يأخذ بالأسباب المادية هو من يُحرز التفوق.
الصهاينة أخذوا بالأسباب، بينما الإيرانيون ما زالوا يعيشون في عالم من الخرافة والأوهام، لا يملكون إلا التهديد والوعيد.
قد يقول قائل: “لكن إيران ترد، وصواريخها تصل إلى عمق الكيان الصهيوني”، وهذا صحيح.
لكن ما مدى تأثير هذه الردود؟
هل ستُغيّر المعادلة؟
هذا ما ستُجيب عنه الأيام القادمة.