
وفي تعليق الدستور والتوقف عن العمل به علق معه أيضا كما يبدو الضمير والانتماء الوطني، وأضحت تلك المؤسسات التي كان يجب أن تعنى بالحماية للملكيات العامة والخاصة ضائعة.
ذلك الفساد أشارت إليه منظمة الشفافية الدولية في تقرير صدر العام 2024م وضع اليمن في درجة رقم 13 من أصل 100 درجة وهي الدرجة الأشد فسادا وتبتعد عن الدرجة رقم 100 الأشد نزاهة بفارق 87 درجة، وعلينا أن نتخيل فقط دون أن نغوص في أعماق الحقيقة ماذا ستكون نتائج ذلك الفساد الذي زلزل كيان هذا الوطن، الذي غابت عنه النزاهة وانتشر الفساد في كل أركانه بما نسبته 87 ٪.
ويُعد مؤشر مدركات الفساد أداة معتمدة لقياس مستوى الفساد المُتصوّر في المؤسسات العامة، حيث يُقيّم البيئة التشريعية والسياسية والاقتصادية على مقياس من 0 (شديد الفساد) إلى 100 (شديد النزاهة).
تردي خدمة الكهرباء ماثل للعيان ولا يحتاج لتحليل عميق وتفصيل، وهي تعتبر نتيجة من نتائج منظومة الفساد العام الذي أشارت إليه المنظمة الدولية للشفافية، وما يجري الآن هو نتائج فساد جاء ليحقق ما نعانيه الآن من غياب كامل لهذه الخدمة الإستراتيجية بسبب فساد منتشر في أركان مؤسسات الوطن.
وتحدث التقرير أيضا عن نتائج هذا الفساد ومن أهمها استمرار انهيار العملة وتحول إدارة السياسة النقدية من البنك المركزي( المشلول) إلى اي كيانات أخرى تمثل( اقتصاد الظل)، فهي التي تمتلك الأرصدة الجبارة والقادرة على رفع وخفض العملة الوطنية، وبالتالي هي المسئولة عن توسع دائرة الفقر العام حتى أوصلت حجم الفقراء إلى ما يقارب 96 ٪ من الشعب، وتم الدفع بهم إلى ما دون خط الفقر( الفقر المدقع).
ويتمثل ذلك الفساد في تحويل موارد الدولة والمنح الاقليمية والدولية لصالح فئة حاكمة تمنع وصولها إلى تحسين الوضع العام، كما أشارت تقارير تفصيلية عن المنح والهبات أصدرتها منظمة الشفافية الدولية، وتقوم منظومة الفساد بضخ تلك الأموال إلى صناديق الكيانات المالية في اقتصاد الظل مما أفقد البنك المركزي قدرته على التحكم في السياسة النقدية.
فعندما نجد أن البنك المركزي يقوم بتنفيذ مزايدات ليبيع أصوله من العملات الصعبة لتوفير العملة المحلية وان البنك المركزي ينتظر النجدة من الكيانات المالية الخاصة (اقتصاد الظل) لإعانته، سنعلم حينها حجم الكارثة، ونعلم أيضا حجم ما سينتح عنه مستقبلا.
اليوم وأصحاب الحل والعقد ومالكو القرار والكيانات السياسية تشهد هذا الموقف المأساوي ومعاناة شعب كامل وهو يعاني من الفقر الشديد وغياب كامل للخدمات العامة دون أن تحرك ساكنا، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن التقارير التي تصدر من تلك المنظمات الدولية ليست محض افتراء بل هي حقائق تلهب ظهر هذا الشعب بسياط منظومة الفساد.