كنت احلم بوحدة عربية كبرى ترفع من شان العرب والعروبة لننتصر لقضايانا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية كنت انتشي بأي نجاح عربي يذكر حتى وان كان صغيرا لا تتصورون كم كانت فرحتي بالربيع العربي الذي حلمنا به منذ زمن وكنت أعيش في أعظم لحظات حياتي وفخري بعروبتي وان أشاهد الجماهير العربية تهتف بالحرية والعدالة والمساواة تلك هي الجماهير التي عانت ولازالت تعاني الكثير كلما تصالحت مع الزمن أتى من يشق صفوفها ويخلق خصاماً بينها وبين تطورات العصر و للأسف نحن العرب نبرر عجزنا وخذلاننا بنظرية المؤامرة على العرب من أعداء العروبة مع العلم أنه مهما كان تآمرهم لن ينجحوا ما لم نترك لهم ثغرات وحماقات تسهل لهم اختراقنا وتنفيذ خططهم التآمرية علينا. ينبغي ان نعترف ان هناك أيادي عربية تعبث بحياتنا هناك من يريد لنا ان نبقى على حالنا و نتدهور هناك من لا يريد للعرب والعروبة النهوض وكل هذا ببرهنة أحداث الماضي من عهد الزعيم جمال عبد الناصر وإجهاض مشروع الوحدة العربية الكبرى وبدايات القاعدة الصناعية ثم العراق وسوريا كلما زهت مؤشرات نهضة عربية تحركت أياد خفية .
القضية الفلسطينية هي قضيتنا الإستراتيجية والخنجر المسموم في خاصرة الأمه العربية بسببه فلسطين تنزف دما منذ 84م وبمرور الزمن يغرس هذا الخنجر أكثر عمقاً في جسد فلسطين العربية وتهدر دماء شعبنا الفلسطيني مع كل شتات لوحدة الصف العربي وصراع الزعامات على الأمة العربية عندما كانت مصر عبد الناصر قلعة العروبة وحصنها المنيع كان الأمل في مشروع الوحدة العربية متاحا ويعيش في وجدان كل عربي غيور على العروبة. اغتيل زعيم العرب واغتيل مشروع الوحدة العربية وتحولت العروبة إلى شعار للاستهلاك السياسي والمماحكة بين الدول العربية بإحجامها وتوجهاتها الفكرية والسياسية ضيقة الأفق وبرزت الصراعات المذهبية والطائفية والعقائدية وغاب المشروع القومي العربي الكبير وانعكس ذلك على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولازال الخنجر يتعمق ويوسع الجرح العربي الفلسطيني وكل عام تهدر دماء أبناء جلدتنا الشعب الفلسطيني المسلم والعرب يشجبون ويدينون ويتسابقون على تقديم المبادرات لإرضاء العدو الإسرائيلي دون أنصاف لشعب الفلسطيني الصامد .
اليوم غزة تقاوم وحيدة وشعبها الصامد محاصر من العرب قبل العدو شعب يعيش في أرضه ذليلاً مهاناً محاصراً يحصل على احتياجاته اليومية بجرع بسيطة لا تسمن ولا تغني من جوع حتى حليب الأطفال ممنوع دخوله بدون تصريح إسرائيلي أي انه شعب مسجون في سجن إسرائيلي عربي كبير وعندما ينتفض ليغير من واقعة ويفك حصاره يتهم انه إرهابي أي ظلم اكبر واشد ظلم من ذلك والعرب للأسف هم حراس إسرائيليون لهذا السجن .
في هذا الشهر المبارك يموت الفلسطيني في غزة والعرب يتبارون على شاشات الإعلام ويكيلون الاتهامات لبعضهم ويتنافسون في المبادرات لهزيمة هذا الشعب أمام عدوه وعدونا عدو الإنسانية والعروبة والإسلام الصهاينة الذين أزهقوا إلى يومنا هذا أرواح 450 فلسطينياً معظمهم أطفال ونساء وشيوخ وجرحوا ما يقارب 4000 في حي الشجاعية وحدها جريمة ضد الإنسانية راح ضحيتها 100 مدني منهم 80 امرأة والبقية أطفال وشيوخ وجرحاهم بإعداد لا تحصى والمدينة تفتقد للمستشفيات والأدوية الضرورية لإنقاذ الحياة ومعبر رفح الوحيد مغلق من قبل السلطة المصرية العربية.. غزة اليوم عبارة عن كم هائل من المشردين الذين دمرت مساكنهم بالقصف الإسرائيلي يجوبون الشوارع وهم مرعوبون من تصيد الطيران الإسرائيلي لهم الذي لا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ ومقاتل أي أن غزة تعيش كارثة إنسانية بكل المقاييس في ظل صمت دولي وخذلان وقيد عربي والله ما يحدث هو عار على حكامنا العرب وامتنا الإسلامية.
كل هذا والشعب الفلسطيني يقدم نموذجاً طيبا للنضال ضد الظلم والاستعباد والاستعمار الغاشم ويحقق انتصارات ويقدم ملاحم بطولية تخجل حكامنا العرب والحكومات العربية إذا كان لديها ضمير قومي عربي أو أنساني يعيش وبعض ماء الوجه يشعرها بالخجل .
كنت أتمنى من كل المجاهدين في سبيل الله الذين دمروا دولنا ويقتلون المسلمين على أرضنا العربية أن يذهبوا للجهاد في فلسطين العربية ويساندوا الشعب الفلسطيني لان أعمالهم وعمليتهم هي ما أضعفت الأمة العربية في مواطنها العربية وشتت الصف العربي وساعدت العدو الإسرائيلي على التمادي بجرائمه والتذرع بالإرهاب.. هم السبب فيما نحن فيه والدول الحاضنة لهم هي اليوم تستمتع بهذا الضعف والخذلان العربي لأنه صناعتهم .
ستنتصر غزة برجالها والشرفاء من العرب والمسلمين ولا نامت أعين الجبناء والمتآمرين عاش شعبنا الفلسطيني البطل والموت لأعداء الأمة .