العواصم الاقتصادية في جميع دول العالم تحتل أهمية اكبر من العواصم السياسية نأخذ نماذج كأمثلة دبي وابو ظبي في الإمارات بومباي ونيودلهي في الهند نيويورك و واشنطن في الولايات المتحدة واسطنبول و انقرة في تركيا وكثيرا من العواصم الاقتصادية التي حازت على الاهتمام الأول من قبل دولها من نواحي عدة من حيث البنية التحتية وتوفير أفضل الخدمات كهرباء وماء ومواصلات واتصالات وامن وأمان بمعنى توفير الأرضية الصالحة للاستثمار والتجارة وان تكون سوق حرة أي خالية من الاحتكارات والاستحواذ لفئة {متنفذين } دون أخرى وتعتبر المدينة الاقتصادية مثلها مثل الثروة السيادية للبلد باعتبارها مصدر دخل وطني قومي الحفاظ عليها وحمايتها واجب وطني قومي من يفرط أو يخل في ميزان عدالة قوانين تسيير أعمالها يعتبر خائن للوطن والأمة .
للأسف أثبتنا نحن اليمنيين للعالم أننا استثناء سيئ لان القرار بحد ذاته كان أكذوبة كبرى في حياتنا لان عدن تعرضت للتدمير المتعمد لبنيتها الاقتصادية والخدمية من سيئ إلى أسوى في المقابل حصلت صنعاء العاصمة السياسية على نقلة نوعية في التطور والازدهار على حساب عدن كعاصمة اقتصادية بميناء كسيح معاق محارب من الداخل والخارج ومنطقة حرة عبارة عن مصلحة أراضي تحت سلطتها أراضي عدن من كالتكس الى صلاح الدين استغلها المتنفذين للنهب والاستيلاء على أراضي وقطاعات كبيرة منها لمشاريع وهمية لم نلمس منذ إنشائها سوى مشاريع تحدد بعدد الأصابع لا تلبي طموحات وأمال أبناء عدن و حيث كانت المنطقة الحرة تخضع مباشرة للسلطة العليا محرم فيها الرقابة والمحاسبة .
الكل يعلم أن عدن هي حاضنة الميناء منذ الأزل واعتبر ميناء عدن من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم وخلال الخمسينات من القرن الماضي تم تصنيفه كثاني ميناء في العالم بعد نيويورك لتزويد السفن بالوقود الذي كان منافس صعب وبمواصفات طبيعية وموقع استراتيجي هام رغم عدم الانفتاح الاقتصادي لدولة اليمن الديمقراطية الشعبية إلا انه كان مصدر دخلها الأساسي أن لم يكن الوحيد حيث كان ميناء شحن وتفريغ وترانزيت للبضائع لدول أفريقيا والشرق والجزيرة ويعتبر ميناء عدن ثروة سيادية للصالح العام والدخل القومي وتديره كوادر يمنية بل انه ذات يوم رفد موانئ الخليج والجزيرة بكوادر مدربة وماهرة في الملاحة والشحن والتفريغ لكن بعد الوحدة المباركة وخاصة بعد حرب 1994م على الجنوب تدهور الميناء من سيئ إلى أسوأ حتى توقف عن العمل في مراحل عدة بعد أن استقطعت أراضية وأرصفته لشركات خاصة تنافيا مع سيادته كثروة وطنية داعمة للدخل القومي للبلد المساس بها خيانة بحق الوطن والأمة.
أفتتح ميناء الحاويات نشاطه في 19 /3 /1999 م وتمكن في نهاية ذلك العام من مناولة 121679حاوية وأكمل العام الأول ( 000 2) من هذا القرن (الواحد والعشرين) مسجلا ضعف حجم المناولة عن العام السابق ( 1999 ) بـ 247913 حاوية وفي عام 2001م.وفي عام 2002م ارتفع الحجم إلى 399036حاوية؟ وعند ذلك فقط استرد ميناء عدن نكهته من ذيل قائمة الملاحة العالمية واستعاد اسمه فيها وصعدت مرتبته إلى 108 عالميا .
وبدأت المأساة في مطلع عام 2004م عندما سلم لشركة موانئ دبي باتفاقية مجحفة لم تقتصر على تدمير البنية التحتية التي كانت قائمة للميناء بل عملت على شل أداء وفعالية الميناء كانت نتائجها مؤثرة سلبا على عدن خاصة واليمن عامة اقتصاديا وتضرر ميناء حاويات المعلا الذي ينافس ميناء حاويات كالتكس وفية 1500 عامل وموظف إجمالي عمال المؤسسة الذي تم توقيفه بعذر عدم صلاحية الريل للسكة ألجسرية ولابد من إصلاحه حتى تعود السكة للعمل علما ان هذا الميناء كان يرفد المؤسسة بإيراد من العملة الصعبة وميناء حاويات كالتكس الذي فيه 560 عاملا وموظفة والنهوض بميناء عدن يتطلب الإرادة الصادقة وتوفير بنية تحتية تتمثل في محطة للكهرباء وترميم شبكات الماء والمجاري، وسن تشريعات اقتصادية تسهل إدارة الميناء بأيادي يمنية خالصة من كوادر البلد المخلصين واستتباب الأمن، وإعادة الاعتبار لمدينة عدن بصفتها العاصمة الاقتصادية للبلاد .
وبإخلاص القيادة السياسية ممثلة بالأخ الرئيس ووزير النقل الشاب المخلص واعد باذيب الذي استطاع حل قضايا العمال وإيقاف الإضراب الذي شل حركة الميناء وتوفير مطالبهم وتحسين مستواهم المعيشي وتوفير الضمان الصحي لهم ولذويهم كما ان زيارة الأخ الرئيس لدولة للصين الشعبية الصديقة أسفرت عن توقيع اتفاقية تأهيل وتطوير وتوسعة الميناء بتكلفة 500 مليون دولار وكان مجلس الوزراء أقر أخيراً تنفيذ مشروع تطوير «ميناء عدن» من جانب الشركة الصينية لهندسة الموانئ «تشاينا هاربر»، ووافق على العقد المبرم بين مؤسسة «موانئ خليج عدن» اليمنية والشركة الصينية لتطوير ميناء عدن للحاويات وتأهيله. . وألزم المجلس إدارة المنطقة الحرة في عدن تسجيلَ «شركة عدن لتطوير الموانئ» باعتبارها شركة يمنية ذات مسؤولية محدودة وفقاً للقرارات الصادرة في هذا الشأن، واستكمال الإجراءات القانونية والإدارية لديها. وشدّدت الحكومة على اعتبار التراخيص الممنوحة من المنطقة الحرة في عدن للشركات الاستثمارية لإنشاء مشاريع على المساحات المائية المحاذية لميناء عدن وميناء الحاويات، مخالفة للقوانين والقرارات النافذة وتعيق نشاط الميناء وعملية تطويره وتوسيعه، ما يستلزم من إدارة المنطقة الحرة إلغاء تلك التراخيص وتسليم المواقع لمؤسسة «موانئ خليج عدن» بهذا القرار أصبح الميناء بأياد يمنية هي أكثر حرصاً وتفانياً في تفوقه وإعادة الميناء إلى أحضان عدن واليمن وأبنائها ونحن على يقين أن عدن ستعود ثغر اليمن الباسم باستعادة مينائها ونأمل أن يكون لأبناء عدن النصيب الأكبر في التوظيف لان عدن هي الميناء والميناء هو عدن وللأسف هناك من يدفع لتقييد الميناء مرة أخرى لتحويله تحت إدارة المنطقة الحرة بما يتعارض مع دوره الخدمي والسيادي لعدن والوطن ورفد الاقتصاد الوطني للبلد وفق الله الجميع لما فيه خير الوطن والأمة