صحيفة 14 أكتوبر ترصد حياة أبطال سطروا بدمائهم ملحمة وطنية في تحرير مدينة عدن من مليشيات الحوثي الإرهابية






عدن / 14 أكتوبر/ خاص :
في شهر رمضان من كل عام يرجعنا شريط الذكريات إلى الوقت الذي عاش فيه الصغير والكبير، الحجر والشجر، اشد أنواع المعاناة التي لاتزال آثارها باقية في قلوب كل من فقد شهيداً، فهم من سطروا بدمائهم أروع أنواع ملاحم البطولة والشرف ليرسموا بدمائهم كرامة الوطن بتلك الدماء الغزيرة التي روت ثرى الوطن ومثلت المرسم الأول لخطوط الأوطان.
الذكرى الخالدة في قلوب الجميع ذكرى تحرير عدن في ٢٧/ رمضان ٢٠١٥م تعيد لنا ذكريات منقوشة خلدها التاريخ، ابطالها من خيرة شباب عدن والجنوب الذين ناداهم الوطن ولبوا نداءه ؛ وجاؤوا من كل فج عميق لحماية الأرض والعرض والعقيدة، ولم يمنعهم عن ذلك عدم معرفتهم وجهل البعض باستخدم السلاح أو اتقانهم فنون القتال بان يولوا الدبر عن العدو المتربص بهم وبأرضهم، فقد لبوا نداءه مسرعين وشكلوا الدرع الواقي له ليخلدوا أسماءهم بدمائهم العطرة الزكية في سبيل الوطن وينضموا بذلك إلى قوافل الشهداء الأبرار.


الشهيد المتكئ
موت القريب يدمي القلب ألما ولكن عندما تعلم أن فقيدك سعى جاهداً للموت ليس إزهاقا للروح، بل جهاداً في سبيل الله ضد مغتصب لأرضه تهدأ النفس وترضى.. بتلك الكلمات بدأت زوجة الشهيد حكاية استشهاد البطل المغوار.
لم يكن يمتلك وظيفة حكومية كان سائق باص، لكنه كان يمتلك العديد من السجايا الحسنة، كان مسالماً كريماً شجاعاً احبه الصغير والكبير لمكارم ونبل أخلاقه، الشهيد الحي الخالد في ذاكرة وطنه وأسرته وجميع من عرفه الشهيد ( سهيل قائد الرياشي ) متزوج وعنده ولد وبنت تعرض منزلة للقصف في حي القطيع خلال حرب الحوثي ٢٠١٥ م وأدى ذلك إلى استشهاد شقيقة زوجته وطفلها وزوجها.
لم يتردد حينها الشهيد سهيل في الدفاع عن عدن ولم يكن قط حاملا لسلاح إلا عندما ناداه الواجب، حرصه الشديد وأمانته جعلاه مرابطاً لحماية المال العام بالبنك المركزي حفاظاً عليه من النهب والسرقة.
شكل الشهيد سهيل الرياشي مع عدد من رفاقه مجموعة مسلحة بما أوتي لهم من سلاح للدفاع عن عدن.
وفي صباح يوم الخميس 2/ 4/ 2015 اقتحمت مليشيا الحوثي مديرية صيرة آنذاك وشهدت اشتباكات كانت اشد ضراوة.
وعلت صيحات التكبيرات داعية إلى الجهاد لمواجهة العدو.
انهالت عليهم رصاصات وشظايا العدو من كل الاتجاهات وشاء الله أن يختار الشهيد البطل سهيل بجواره ليكون أول دفعة من شهداء كريتر .
لم تكن إصابة الشهيد اصابة مميتة ولكن كان العدو وأسلحته التي امطرت الأرض والحجر والشجر تتربص لأي مسعف يريد إسعافه.
ترك مصابا غارقاً بدمائه الطاهرة التي روت تراب عدن. ترجل الفارس بعد أن خاض معركة بطولية مع قوات مليشيا الحوثي، راضيا بقدره، ارتقت روحه وهو مستلق على الأرض شابكاً اصابع يديه خلف رأسه محدقاً نحو السماء، هبطت السكينة على قلبه الملتاع للجنة وارتسمت ابتسامة رضى على وجهه، ودع الدنيا تاركاً خلفه زوجته وولده وابنته بلا مأوى ومعيل فقد كان هو المعيل الوحيد لهم .
مكث جثمان الشهيد سهيل قائد الرياشي إلى صباح اليوم الثاني إلى أن جاء أبناء حي القطيع لسحبه ليتفاجأ الاصدقاء والأعداء بوضعية استشهاده المثيرة للدهشة والفخر ..رحل وبقيت دماؤه الزكية لعنه على الغاصبين.
الشهيد اليوسفي
في أرض الوطن رجال صدقوا مع الله وايدهم بنصره، رجال صنعوا بأسمائهم لوحة الفخر، عشقوا تراب أرضهم ولم يتهاونوا في الدفاع عنه.
عرف الشهيد علي اليوسفي بـ«صاحب الأخلاق الحميدة والمحب للجميع»، دعاه الوطن حامياً غيوراً مدافعاً له فهب لتلبية الواجب .
في صبيحة الثلاثاء ٢٧ من رمضان ٢٠١٥ اتجه الشهيد علي عبداللطيف اليوسفي هو ورفاقه من شباب المقاومة إلى جزيرة العمال بعد أن ودع كل من احبه وكأنه يعلم بأنها الليلة الأخيرة له في الدنيا .
خلال الساعة الثالثة عصراً كان على موعد مع قناص يعتلي احد المباني العالية في غازي علوان بخورمكسر متربصاً له هو ورفاقه بعد أن لقن العدو المغتصب دروساً عن الثبات والشجاعة بصولاته وجولاته في ميادين القتال، اخترقت رصاصة القناص جسده في أجمل الشهور ( شهر رمضان ) اعتلت روحه الطاهرة بجوار ربه في يوم سجل فيه نصر عدن المجيد وفخر استشهاده مضحياً بنفسه .. رحل ولكنه لم يرحل من ذاكرة الوطن وقلوب من احبهم واحبوه.

الخاتمة
في وطني يوجد الكثير ممن ودعوا فلذات أكبادهم بدموع ممزوجة بالفرح والحزن وهم يزفونهم إلى مثواهم الاخير بعد أن سطروا بأسمائهم الزكية صفحات التاريخ مجاهدين في سبيل الله للدفاع عن الأرض ونيل الشهادة التي اختاروها ودفعوا ثمنها دماءهم التي شكلت الوقود لتلك المعارك.