وهذا واضح وملموس من خلال وصول الاخوان الى السلطة فقد بدؤوا في صبغ الحياة في مصر أرض الكنانة بصبغة إخوانية وتناسوا بأن المجتمع المصري متنوع ففيه المسيحي او القبطي وفيه العلماني والليبرالي وفيه الذي ينشد الحياة المدنية التي تحترم حقوق الإنسان والعدالة والحرية الاجتماعية ويكره الإرهاب والجبر والقهر والاستبداد والقمع وفرض قناعات فئة داخل المجتمع على قناعات الفئات والشرائح المجتمعية الأخرى وهذا ما سبب انقساما داخل المجتمع المصري بل وداخل الشرائح التي كانت من قبل تتعاطف مع جماعة الاخوان وتحولت الى الطرف الآخر المناوئ لهذه الجماعة التي تزعم امتلاك الحقيقة وتزكي أنفسها على بقية الطوائف الأخرى لانهم يعتقدون أنهم على الحق والصواب وما عداهم هم أهل الزيغ والضلال والغي والطغيان وتناسوا أيضا ان المسألة في الأخير كلها سياسة في سياسة وليست من أمور العقيدة بل من أمور الدنيا التي يتشارك فيها المسلم وغير المسلم وتتعايش فيها كل الطوائف والشرائح والفئات بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو الدين لأن الوطن للجميع.
إن التشدد الذي تلمسه في سلوك بعض عناصر الإخوان مرجعه إلى هذه العقليات المتحجرة التي ترى نفسها فوق الجميع وأن قولها هو الحق والفصل خاصة عند جماعة التكفيريين من هذه الفئة المحسوبة على الإسلام السياسي مع أن غالبية المجتمع المصري شعب مسلم وتغلب عليه العاطفة الدينية و يمكن ان تزايد جماعة الإخوان على الشعب المصري في هذه الجزائية أو تدعي أنها متميزة عن بقية الطوائف الإسلامية داخل المجتمع المصري خاصة الأغلبية الصامتة والتي لا ترى ما تراه جماعة الإخوان أو تخالفها الرأي والسلوك والمنهج والأهداف والمرامي القريبة أو البعيدة ويكفي أن ترى أو تسمع أو تشاهد حالة الحراك السياسي والاجتماعي تجاه هذه الجماعة التي أثبتت فشلها في السياسة وفي قيادة المجتمع أو حتى في عملية التحاور مع الأطراف الأخرى المعارضة لها لأنها لم تدرك أو تستوعب بعد مشاكل عصرها وواقعها وتحديات هذه المرحلة التي تمر بها بعض الشعوب العربية في الوقت الراهن ولا تملك حلولا لهذا الواقع سوى العنترية والتلويح بانتهاج أساليب التصعيد والتهديد بالإرهاب وإقلاق السكينة والأمن وإثارة
الفوضى وإيقاف عملية التنمية ويكفي أن تشاهد وتسمع حالة لرفض السلوك وتصريحات بعض قادة الإخوان من قبل الكثيرين من فئات الشعب المصري بل والعربي والإسلامي والغربي وكأن العالم بأسره يريد أن يقول لجماعة الإخوان في مصر وفي غيرها عيشوا عصركم وتكيفوا معه حتى يمكن قبولكم في هذا الزمن المعاصر ولا تعيشوا في جلابيب الآباء والأجداد مفصولين عن واقعكم وزمنكم وعصركم.