(( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا..)) لقد ورد في بداية مقال الأستاذ الحبيشي بأن موسى عليه السلام قد دعا بني إسرائيل إلى التوحيد وهي عقيدة ظهرت في العالم قبل ذلك على يد الملك أخناتون في مصر التي أمضى موسى طفولته وصباه وشبابه في ربوعها متأثراً بعقيدة التوحيد الفرعونية التي كانت تؤمن بوحدانية الله.
انتهى كلام الأستاذ والصحيح أن أخناتون قد وحد الآلهة الفلكية الأرضية الوثنية في إله واحد هو أتون إله الشمس بدلاً من أمون وتوحيد أخناتون هذا للآلهة يختلف عن توحيد الله الواحد القهار وليراجع أي باحث هذه المعلومة وإلا ما معنى أن يقوم موسى بدعوة بني إسرائيل إلى التوحيد وهم أصلاً موحدون أو متأثرون بديانة التوحيد الإخناتونية على أرض مصر التي يعيشون فوق ثراها وتربتها؟! وفي مكان آخر يقول الأستاذ أحمد في مقاله الآنف الذكر: (( فيما أفرط آخرون في تهديد الملوك الذين كانوا يعبدون النار والشمس بالغزو مقابل الاستسلام ودفع الخراج أو الزواج كما حدث للملك سليمان الذي هدد ملكة سبأ بغزو بلادها وإذلال أهلها إن لم توافق على السفر إليه والزواج به بعد أن نجحت هذه الملكة في بناء دولة قوية ومزدهرة
وفي هذا السياق تحدث القرآن الكريم بإجلال عن مناقب ملكة سبأ هذه التي أفلحت في قيادة وإدارة شؤون مملكتها بالشورى والحكم الرشيد... ويبدو أن الأستاذ أحمد قد نسي أن يذكر بأن القرآن الكريم أيضاً قد أشاد بمناقب وخصال الملك سليمان كنبي ورسول وملك وكيف أشاد الله بعدله وتقواه وورعه ولم يذكر القرآن الكريم أنه أجبر ملكة سبأ على الزواج منه أو أنه محتاج إلى خراجها ومالها وهديتها لأن الله قد اصطفاه وأعطاه من الملك ما لم يعط أحد بعده ولم يضغط على الملكة سبأ إلا لتؤمن بالله وتترك عبادة الشمس ه وقومها ويخرجها من ظلمات الشرك إلى الإيمان بالله الواحد القهار الذي خلق النار والشمس وكل شيء،والإسلام قد أثبت في قرآنه أن لا تناقض بين إعطاء الله لشخص الملك والنبوة والكتاب والله هو أعلم بمصالح العباد والبلاد لأنه خالقهم ورازقهم ويعلم ما يفيدهم وينفعهم ويصلح لهم .
بقي في مقال الأستاذ أحمد الحبيشي الشيق والمفيد أنه يريد أن يقول لنا بأن لكل نبي وحياً أو كتاباً موحى إليه فقط لا وحيين مكتوباً وشفاهياً وأن أحاديث وكلام الأنبياء لا يمثل وحياً آخر بل هو شرح وفهم وتفسير بشري للوحي الذي نزل على كل نبي ورسول بداءةً.
وأن رجال الدين بعد موت الأنبياء والرسل هم الذين قاموا برفعها إلى درجة الوحي وأعطوها قداسة الوحي الأول أو الكتب التي نزلت من السماء قد يكون كلام الأستاذ هذا صحيحاً على الديانات السابقة للإسلام التي حرفت كتبها وبدلت وأضافت وزيدت وأنقصت وحذفت وأخفت وأظهرت حتى في الإسلام هناك من كذب على رسول الله وأختلق ولفق أحاديث ونسبها إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم لكن الله
قد حفظ لهذه الأمة دينها لأنه لا نبي بعد محمد حين قال: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» وقد قسم علماء الإسلام الوحي إلى ثلاثة: القرآن والحديث القدسي والحديث العادي قالوا عن هذا الأخير.. منه ما هو وحي ومنه ما ليس بوحي وعندهم أدلتهم وبراهينهم وقرائنهم وشواهدهم وسيسألون عن ذلك يوم القيامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» .. لكننا نريد أفعالاً وسلوكاً لم ترد في الوحي الأول القرآن ووردت في حديث وسلوك وأفعالً النبي مما يدل على أنها وحي من السماء وليس من قول وفعل محمد الإنسان البشري الأمي والبسيط من أمثال قطع يد السارق من الرسغ وهذا ليس مذكوراً في القرآن الوحي الأول ولم يذكر في القرآن أيضاً بأن صلاة الظهر أربع ركعات سراً لا جهراً ولم يذكر لنا نصاب الزكاة ولا عدد ركعات المغرب والعشاء والفجر وغيرها مما يدل على أنها وحي ولا يمكن أن يتقول الرسول الصادق عن الله شيئاً من عند نفسه أو ينطق عن الهوى أو يكذب على الله ، حاشا.