الحكومة اللبنانية تستعد لاتفاق تسوية و"أسباب سرية" تدفع إسرائيل للموافقة عليه
بيروت / تل أبيب / 14 أكتوبر / متابعات :
تستعد الحكومة اللبنانية لعقد اجتماع من أجل إقرار اتفاق لوقف إطلاق النار، في حين أكد وزراء في الحكومة الإسرائيلية أن أسبابا "سرية ومعقدة" تدفع لاختيار الاتفاق رغم عيوبه.
وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء.
وأضاف الوزير أن الجيش اللبناني سيكون مستعدا لنشر 5 آلاف جندي على الأقل في جنوبي لبنان بمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة قد تلعب دورا في إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الضربات الإسرائيلية.
وأكد بو حبيب أن وجود المقاومة في لبنان مرتبط باستمرار الاحتلال الإسرائيلي، وقال "لا نستطيع أن نوقف المقاومة ما دام هناك احتلال".
وأفاد مصدر رسمي بإبلاغ الوزراء بالاستعداد لعقد جلسة للحكومة صباح غد لإقرار اتفاق وقف إطلاق النار، وإذا لم يتأمن النصاب القانوني للجلسة فسيعقد لقاء تشاوري للوزراء برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ونوه المصدر إلى أن عقد جلسة الحكومة يرتبط بموافقة إسرائيل على مشروع اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح أن لجنة خماسية ستراقب وقف إطلاق النار عند دخوله حيز التنفيذ، مشيرا إلى أن تنفيذ الاتفاق سيتم على مراحل وضمن فترة زمنية تمتد إلى 60 يوما، وأكد أن القرار الأممي 1701 هو المرجعية الوحيدة للاتفاق.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن ملتزم بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، وأكد في بيان تحقيق تقدم في مفاوضات التوصل إلى حل دبلوماسي ومواصلة العمل من أجل هذا الهدف.
وذكر البيان أن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ومجموعة كبيرة من المسؤولين في الإدارة منخرطون بشكل وثيق في جهود الحل الدبلوماسي في لبنان، كما أن مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك سيكون اليوم الثلاثاء في السعودية لمناقشة إمكانية استخدام التوصل إلى اتفاق في لبنان كمحفز لوقف إطلاق النار في غزة.
بدوره، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن التوصل لاتفاق يتطلب موافقة واتخاذ خطوات من الجانبين، وأضاف "لقد أحرزنا تقدما كبيرا نحو التوصل إلى حل لكننا لم ننته بعد من ذلك. لا شيء نهائيا حتى يتم الانتهاء من كل شيء. نواصل العمل في مسعى للتوصل إلى اتفاق، ونأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق، لكننا نحتاج إلى موافقة الطرفين".
وفي إسرائيل، نقلت شبكة "إيه بي سي" عن مسؤولين أنه من المقرر أن يعقد نتنياهو سلسلة اجتماعات اليوم الثلاثاء لمناقشة الاتفاق المرتقب لوقف إطلاق النار مع لبنان.
وأشارت الشبكة إلى أن اجتماعا موسعا للكابينت اليوم قد يجري خلاله التصويت النهائي على الصفقة.
ونقل موقع بلومبيرغ عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن من المرجح أن يوافق الاجتماع على اتفاق وقف إطلاق النار، كما أكدوا أن الولايات المتحدة ستساعد في الإشراف على تطبيق وقف الأعمال العدائية لمدة 60 يوما.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو اجتمع اليوم مع رؤساء بلديات الشمال لإطلاعهم على الاتفاق المرتقب.
بدوره، قال السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل هرتسوغ إن إسرائيل قريبة جدا من التوصل إلى اتفاق مع لبنان، وإن ذلك قد يحدث خلال أيام.
ووفقا لما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، أكد هرتسوغ وجود تفاهمات مع الولايات المتحدة تسمح لإسرائيل بالعودة لشن هجمات في حال حدوث اختراق للاتفاق، وأكد أن الاتفاق مع لبنان قد يتيح خفض القيود على شحنات السلاح الأميركي.
ونقل موقع والا الإسرائيلي عن مصادر أمنية أن اتفاق وقف إطلاق النار بلبنان قد يدفع باتجاه إبرام صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين مع حركة حماس.
ويأتي ذلك وسط معارضة للاتفاق يقودها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
ودعا بن غفير إلى الاستمرار في الحرب على لبنان، واعتبر أن الاتفاق المرتقب "خطأ كبير وتفويت لفرصة تاريخية لاجتثاث حزب الله"، وأضاف أن إسرائيل يجب أن ترفض وقف إطلاق النار لأن "حزب الله ضعيف ويتوق إلى وقف الحرب".
وقال بن غفير "نضيّع فرصة تاريخية لتركيع حزب الله وبإمكاننا الاستمرار في سحقه"، ووصف الاتفاق المرتقب بأنه "اتفاق موقع على الجليد"، وأكد أن حزب الله سيعود للتسلح مرة أخرى.
بدوره، قال سموتريتش إن "أي اتفاق لن تكون له قيمة كبرى من الورقة الموقع عليها، والمهم أننا هشمنا حزب الله، وسنواصل تهشيمه".
كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير التراث عميحاي إلياهو تأكيده أنه سيعارض التوصل إلى اتفاق مع لبنان، إلا إذا كان الغرض منه هو كسب الوقت حتى تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة مطلع العام المقبل.
وتوعّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس باستهداف "كل منظمة إرهابية أو محاولة لتسليحها ومنع أي محاولة لتهريب أسلحة"، وأضاف "لن نتسامح مطلقا مع أي انتهاك محتمل لوقف إطلاق النار في لبنان".
في المقابل، قال وزراء في الحكومة الإسرائيلية لصحيفة "إسرائيل اليوم" إن "ثمة أسبابا معقدة وسرية تدفع إسرائيل لاختيار الاتفاق رغم عيوبه"، كما قال مسؤول دبلوماسي لهيئة البث الإسرائيلية إن الاتفاق المرتقب "سيكون هشا لكنه من مصلحة إسرائيل".
ونقلت رويترز عن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر قوله إن الاتفاق المرتقب سيحافظ على حرية إسرائيل في العمل بلبنان "للدفاع عن نفسها وإزالة تهديد جماعة حزب الله وتمكين عودة سكان شمال إسرائيل إلى ديارهم بسلام".
بدورها، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت -نقلا عن مصدر وصفته بالمطلع- أن إسرائيل كانت ستواجه على الأرجح قرارا من مجلس الأمن بوقف الحرب في لبنان، وقال إن الحاجة لإراحة قوات الاحتياط المستنزفة في لبنان وقطاع غزة دفعت نحو اتفاق مع لبنان سيمكن إسرائيل من فصل جبهتي غزة ولبنان وإبقاء حماس وحيدة.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن بعض النقاط الخلافية التي تعرقل التوصل لاتفاق إلى غاية الآن، وأوضح موقع "والا" نقلا عن مصادر أمنية قولها إن الخلاف الرئيسي بين لبنان وإسرائيل يتمثل في تشكيل آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق وصلاحياته.
وأضافت المصادر أن هناك 13 نقطة خلافية بشأن الحدود يطالب لبنان بتثبيتها في التسوية، في حين تصر إسرائيل على تأجيل هذه المرحلة إلى وقت لاحق.
وأوضحت القناة الـ14 أن أبرز تفاهمات الاتفاق تتضمن انسحاب حزب الله في جنوب لبنان إلى ما وراء نهر الليطاني ونزع سلاحه في المنطقة بين الليطاني والحدود الإسرائيلية.
وتشمل التفاهمات السماح بعودة السكان اللبنانيين غير المسلحين إلى بلدات جنوب لبنان، ومنع عودة عناصر الحزب، إضافة إلى الحفاظ على حرية الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان إذا خرق حزب الله الاتفاق وانسحب الجيش اللبناني.
ميدانيا أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء أن قواته وصلت إلى نهر الليطاني جنوبي لبنان، في حين أوقعت هجمات لحزب الله بالصواريخ والمسيّرات إصابات وأضرارا شمالي إسرائيل.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على موقع "إكس" صورا لما قال إنه وصول قوات إسرائيلية لنهر الليطاني.
من جهتها، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن قوات من لواء غولاني وصلت إلى منطقة نهر الليطاني على عمق 10 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، بينما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الوصول للنهر هو الأول منذ الانسحاب من لبنان عام 2000.
وفي تطورات المعارك البرية، قال مراسل الجزيرة إيهاب العقدي إن الاشتباكات مستمرة في بلدتي شمّع وطيرحرفا بالقطاع الغربي من الحدود، مشيرا إلى تعرض المنطقة لغارات وقصف مدفعي.
وأضاف العقدي أن الدبابات الإسرائيلية أطلقت القذائف على الحي الشمالي في بلدة الخيام التابعة لقضاء مرجعيون في النبطية بالقطاع الشرقي، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية الرئيسية تتمركز في هذا الحي.
وكانت قوات الاحتلال قد فجّرت اليوم منازل في المنطقة الشمالية بالخيام، موضحا أن البلدة هي مركز العمليات العسكرية والجهد الحربي الإسرائيلي منذ 10 أيام.
من جهته، أعلن حزب الله أنه دمر بصاروخ موجه دبابة ميركافا قرب مركز بلدية الخيام، وأوقع طاقمها بين قتيل وجريح.
من جهتها، قالت وسائل إعلام لبنانية إن دبابات الاحتلال أطلقت قذائف مباشرة نحو بعض أحياء الخيام أثناء محاولة تقدم جديدة نحو وسط المدينة.
وكان حزب الله أعلن في الأيام الماضية أنه تصدى لمحاولات إسرائيلية للتقدم داخل بلدة الخيام وكبدها خسائر في الأرواح والآليات.
وفي الإطار نفسه، قالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام إن الهدوء الحذر يسيطر على بلدتي البياضة والناقورة بالقطاع الغربي بعد فشل محاولات تقدم قوات الاحتلال باتجاهها، وذلك وسط قصف إسرائيلي على المنطقة.
وتواصل القتال والقصف المتبادل عبر الحدود، بينما تتواتر التصريحات عن اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان.
وفي الخامس من أكتوبر الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية برية في قرى حدودية جنوبي لبنان وتقدم في بعضها بشكل محدود، وذلك وسط مقاومة عنيفة من حزب الله الذي كبده عشرات القتلى.
وفي تطورات ميدانية أخرى، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن إصابة جندية بجروح خطيرة إثر انفجار مسيّرة أطلقت من لبنان باتجاه جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، انفجرت طائرتان مسيّرتان أطلقهما حزب الله صباح اليوم في موقع للجيش الإسرائيلي بجبل الشيخ، مما أسفر عن وقوع إصابات.
من جانبه، أعلن حزب الله أنه قصف مستوطنة كريات شمونة برشقة من الصواريخ النوعية.
وأفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن صواريخ أطلقت من لبنان استهدفت بشكل مباشر موقعين في كريات شمونة بإصبع الجليل.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن السلطات تتعامل مع تسرب للغاز من مبنى تضرر بشكل بالغ عقب القصف الأخير على كريات شمونة، في حين أفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن 5 صواريخ أطلقت على هذه المستوطنة مما تسبب في أضرار بمبانٍ عدة.
كما قال حزب الله إنه هاجم بسرب من المسيّرات الانقضاضية ثكنة معاليه غولاني وموقع حبوشيت على قمة جبل الشيخ بالجولان المحتل، واستهدف بالصواريخ تجمعا لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة أفيفيم.
وكانت صفارات الإنذار دوّت قبيل ذلك في عدة مستوطنات بالجليل الأعلى بينها في يرؤون وأفيفيم.
وفي وقت مبكر اليوم الثلاثاء، أصيب 3 أشخاص، وتضرر مبنى جراء سقوط صواريخ في نهاريا أطلقها حزب الله.
في غضون ذلك، شن الطيران الحربي الإسرائيلي اليوم الثلاثاء سلسلة من الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبدأت الغارات بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارات بقصف مبانٍ في الضاحية.
وبالتزامن، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل قائد منظومة العمليات في جبهة الساحل بحزب الله في غارة على مدينة صور.
وفي الجنوب، تعرضت صور وبلدات وقرى عدة لغارات وقصف مدفعي، مما أسفر عن ضحايا.
وقالت وكالة الأنباء اللبنانية إن 3 أشخاص استشهدوا وأصيب آخرون جراء قصف استهدف منزلا في جبشيت بقضاء النبطية.
كما أفادت بأن غارة إسرائيلية عنيفة استهدفت منازل في بلدة دير قانون رأس العين وسوتها بالأرض.
من جهتها أفادت الأنباء باستهداف غارات إسرائيلية لمحيط بلدات طيرحرفا وشمّع والقليلة ومنطقة الحوش جنوبي لبنان.
ووفق أحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة اللبنانية، أسفرت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان منذ الثامن من أكتوبر 2023 عن مقتل 3768 وإصابة ما يقرب من 16 ألفا آخرين، وسقط أغلب الضحايا منذ بدء العدوان الإسرائيلي واسع النطاق أواخر سبتمبر.
بعد شن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، استهدفت الطائرات الإسرائيلية مبنىً سكنياً في منطقة النويري وسط العاصمة، دون سابق انذار، في اعتداء هو الثامن على العاصمة منذ بدء المواجهات في الثامن من أكتوبر الماضي.
وبالتزامن أصدر المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، تحذيرات جديدة لسكان الضاحية الجنوبية. وحث على اخلاء عشرات المباني السكنية موزعة وعلى 20 موقعاً، في مناطق حارة حريك، والحدث وبرج البراجنة، في أكبر انذار منذ بداية الصراع في أكتوبر من العام الماضي
لتنطلق سريعاً موجة ثانية من الغارات العنيفة والكثيفة على تلك المناطق.
في المقابل، أعلن حزب الله في بيان أنه استهدف معسكر تدريب للجيش الإسرائيلي جنوب نهاريا للمرة الأولى.
فيما أفادت الأنباء بتسلل مسيرتين من الجانب اللبناني إلى الجليل الغربي، وإطلاق صواريخ نحو كريات شمونة.
وكانت الضاحية تعرضت بوقت سابق اليوم إلى عدة غارات طالت مواقع متفرقة في أقل من ساعة، عقب تحذيرات إسرائيلية باخلائها.
أتت هذه التطورات الميدانية، وسط مزاعم للجيش الإسرائيلي بوصول قواته إلى نهر الليطاني على بعد 10 كيلومترات من الحدود.
كما جاءت بينما تتحضر الأوساط السياسية لإعلان وقف إطلاق نار بين إسرائيل ولبنان خلال ساعات، وذلك بعد أسابيع من التصعيد.
وكان مسؤول إسرائيلي أكد قبيل تصديق مرتقب للحكومة الإسرائيلية على وقف إطلاق النار، أن هذا الاتفاق يضمن حرية تحرك بلاده في الداخل اللبناني، عند حصول أي انتهاك..
يذكر أن إسرائيل كانت صعدت خلال الأسابيع الماضية، من هجماتها العنيفة على مختلف المناطق اللبنانية لاسيما الضاحية الجنوبية، فضلا عن الجنوب والبقاع، وهاجمت مئات المواقع لحزب الله.
كما توغلت قواتها في عدة بلدات حدودية في الجنوب، حيث اشتبكت مع عناصر الحزب.
بينما سعت أميركا منذ أشهر عبر موفدها آموس هوكستين إلى التهدئة وإرساء هدنة بين الطرفين.