اللجنة الوطنية للتحقيق والسلطات المحلية بتعز تبحثان توثيق الانتهاكات

تعز / 14 أكتوبر /خاص:
عقدت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، أمس لقاءً موسعًا في محافظة تعز مع مدراء مديريات المحافظة، لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في المديريات المختلفة، وتعزيز التعاون مع السلطات المحلية للوصول إلى الضحايا وتوثيق الانتهاكات وإنصاف المتضررين.
وفي مستهل اللقاء، رحّبت القاضية إشراق المقطري، عضو اللجنة، بالحضور، مشيدةً بالتجاوب الكبير والمشاركة الفاعلة من مدراء المديريات، ومؤكدة على أهمية دورهم المحوري في تسهيل عمل اللجنة، خصوصًا في المديريات التي تُعد مناطق تماس أو تخضع لسيطرة جماعة الحوثي، وهو ما يضاعف من صعوبة الوصول ورصد وتوثيق الانتهاكات.
وأكد المشاركون من مدراء المديريات على أهمية اللقاء الذي طال انتظاره من قبل الجهات الرسمية، مثمنين مبادرة اللجنة في تنظيمه. كما أشاروا إلى تصاعد الانتهاكات في عدد من المديريات، بما في ذلك زراعة الألغام في الأراضي الزراعية، وأعمال القنص والقصف التي تهدد حياة المدنيين وممتلكاتهم.
واستعرض الحاضرون الإطار الإداري والخارطة الجغرافية للمديريات، وأوضاع السيطرة الأمنية والعسكرية، والواقع الإنساني والحقوقي فيها. كما دعوا رئاسة المجلس الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه كافة المديريات، بما فيها الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، باعتبار الحكومة الشرعية مسؤولة أمام المجتمع اليمني والدولي عن كافة المواطنين.
وأكدوا في الوقت ذاته أن ذلك يأتي ضمن الالتزامات القانونية للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وبما يضمن تعزيز أداء الآليات المحلية، وعلى رأسها عمل مديري المديريات والأجهزة التنفيذية التابعة لهم، ودعم المديريات الواقعة على خطوط التماس، والاستماع إلى مطالب المواطنين في تلك المناطق، باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من عملية بناء السلام القائم على العدالة وإنصاف الضحايا.
وخلص اللقاء، الذي يُعد الأول من نوعه على مستوى المحافظة، إلى عدد من النتائج والمخرجات، من أبرزها: إعداد قوائم أولية بالانتهاكات والضحايا في المديريات والعزل المختلفة، وتقديم مقترحات لإنشاء آلية تنسيق وتعاون بين اللجنة الوطنية وباحثيها من جهة، والسلطات المحلية في المديريات كافة من جهة
أخرى، بالإضافة إلى تسهيل وصول اللجنة إلى جميع الضحايا لتوثيق الانتهاكات التي تعرضوا لها، بما يضمن تحقيق العدالة وإنصافهم على قدم المساواة مع الضحايا في باقي المحافظات.
وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود اللجنة الوطنية لتعزيز الشراكة مع السلطات المحلية وتفعيل أدوات الرصد والتحقيق في الميدان، بما يسهم في حماية حقوق الإنسان في اليمن وضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان عن أوضاع مأساوية يعيشها نزلاء السجن المركزي بمحافظة تعز، جنوب غرب اليمن، بعد تنفيذها نزولًا ميدانيًا إلى السجن الجمعة، للاطلاع على الجوانب القانونية والإنسانية.
وأفادت اللجنة في بيان صحفي أن فريقها برئاسة القاضي اشراق المقطري التقى بإدارة السجن ووقف على معاناة 951 نزيلًا، بينهم 14 امرأة، يعانون من نقص حاد في التغذية ومياه الشرب والرعاية الصحية، في ظل عجز كبير في الموازنة وعدم توفر الاحتياجات الأساسية.
كما رصد الفريق اكتظاظ العنابر، وفحص سجلات المحتجزين للتأكد من سلامة الإجراءات القانونية، إلى جانب توثيق أكثر من 75 حالة إصابة باضطرابات نفسية وعقلية، وسط غياب الطاقم المتخصص والأدوية اللازمة لتشغيل المصحة النفسية داخل السجن.
واستمعت اللجنة إلى شكاوى عدد من النزلاء، خصوصًا ما يتعلق بندرة الدواء، وتفشي الأمراض الجلدية، وسوء التغذية، فضلًا عن بطء إجراءات التقاضي، حيث تبيّن وجود ما يقرب من 200 نزيل صدرت بحقهم أوامر إفراج لكنهم عاجزون عن توفير الضمانات المطلوبة.
كما شملت الزيارة قسم النساء، حيث استمعت اللجنة إلى مطالب النزيلات بشأن تحسين التغذية والرعاية الصحية، وضمان حقوقهن القانونية في الحصول على العون القانوني وتسريع الفصل في قضاياهن.
وأكدت اللجنة أن هذه الزيارة تأتي ضمن خطة أوسع تهدف إلى تقييم أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز في عدد من المحافظات، والتحقق من مدى التزامها بالضمانات القانونية المنصوص عليها في التشريعات اليمنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.