سطور
د/ سماح ملهيفي الوهلة الأولى يخال لك بأنك تقرأ جزءاً من فيلم مخيف يتحدث عن الأرواح الشريرة والتعويذات، شيئاً فشيئاً حتى نغوص في أعماق الفصول حتى نستشعر بأن ماقرأناه في البداية ليس سوى مقدم ولمحة مقتضبة حول ما يخبئه الكاتب لنا، يعرض لنا الكاتب الروائي الصديق ياسر عبدالباقي كيفية استخدام المعتقدات التي تدور في أذهان الجميع وكيف لها أن تتجسد عندما تسيطر على الدماغ والتفكير واللسان، فكل ما استخدمه من أساليب ورموز كانت تخدم الرواية إلى حد رائع، استهل البداية بالغراب الذي يعتبر نذير شؤم بصوته ذي النبرة الحادة وكأن هناك شيئاً قادماً وكذلك الكلب الأسود الأعور الذي لصوت نباحه علاقة برؤية الشيطان، والقطط الغجرية والعلاقة بينها اشبه بساحرة تمسك عصار سحرية، وكذلك الثور.هنا استخدم رموز إيحاء بوجود كائن يستتر خلف براثن كل منهم الذي هو الشيطان الذي يسكن عقل الإنسان إلى أن يتخدر، إلى أن يسخر أفكاره إليه يجعله يتسلل من نفسه، إليه، وحتى يدرجهم في مربع الرجاء والخوف والانتظار.أنها أشبه بلوحة استعراضية أو دراماتيكية، تأخذنا من الواقع إلى خلف الواقع، إلى خلف قوقعة العقل، ومن طيات الماضي إلى طي المعتقد الخرافي، الذي يصبح كعقدة في الرأس إذا لم يره الإنسان بين ايام وسنوات الحاضر.أنها الروعة التي تأتي ملاحقة السؤال، كيف استطاع الكاتب أن يجمع بين كل هذه المعطيات وكيف كانت الرمزية والجمل التصويرية ملامسة لأحاسيسنا كثيراً.وهنا تأتي الإجابة كون الكاتب ياسر عبدالباقي لم يكن وليد اللحظة، بل استطاع ان يكون علاقة عشق مع قلمه مع كل تفاصيل حياته، مع الأحرف كذلك التي يحتضنها كلما سال دمع حبرها من قلمه.انها الإنسانية التي تجعل الصديق والأخ/ ياسر عبدالباقي يكتب عن كل ما يجول في عقل الإنسان من معان شتى يكاد أن لا يستسيغها العقل، ولكن يترجمها القلم، لسان حال القلب والعقل معا.تراوديل ...ليست سوى بداية ربما كانت خاتماً ـ أو خاتمة ـ لما حدث ولما سيحدث مستقبلاً.