قصة قصيرة
تكسرت في وجهه الأحلام، وشاخت في ذاكرته الأماني، رغم أن عمره قصير ولا يزال ينمو كالبدر، إلا انه قتل حلمه بيده أو حكم عليه بالإعدام مع وقف التنفيذ . أقعده المرض فلم يستطع حراك ذرة للأمل، فاليأس كان كفيلاً بهضم خلايا أمله، هنا اسودت الدنيا في وجهه وشاخت عقارب الساعة في عينيه، ليس هناك مخرج إلا الدعاء والصدقة، بعد أن قدم له الطب كل ما يستطيع، بعد أن عجز البشر عن شفائه. تركه يقبع بين أنينه ومرارة مرضه ، تصارعه الذاكرة بالماضي ، يتذكر كل حسنة عملها ويندم عن كل خطيئة ارتكبها، لم يعد لدى الطبيب ما يعطيه، المسألة مسألة وقت فقط، هج بماله وفج بحثاً عن أغلى ما فقد ، لكن الله لم يأذن بشفائه فكل شيء بقدر.حيطان غرفته كانت كفيلة بقتله ألف مرة ، لولا شجرة تطل عليها نافذته الضئيلة . تعلق بأوراقها كما يتعلق الرضيع بثدي أمه حين يشعر بالخوف. ولكن الشجرة التي كانت تأنس وحدته وتسامره سهره، وتعانق دموعه، بدأت تساقط أوراقها، ومع تساقطها بدأ يشعر بالموت، حتى انه علق حياته بأوراقها قائلاً : حين تسقط أخر ورقة من الشجرة تنتهي حياتي.يا إلهي كيف تملكه اليأس هكذا كيف يموت الأمل بالله تماماً، إنه المرض واليأس معاً .ظل صديقه يشد عزائمه ويبني له من الأمل صرحاً عله يخفف ألمه، عله يجفف دموعه، لكن اليأس قتله قبل أوانه.أسقطت الشجرة كل أوراقها لكن هذا لا يعني نهايتها فهي في موسم جديد تنبت أوراقها وتعلو فوقها الورود .بقيت في الشجرة ورقة واحدة لم تسقط ، إنها تقاوم كل الزوابع والكوارث .مرت الأيام وفي كل صباح كان يطل من نافذته يسائل نفسه لماذا بقيت هذه الورقة، وبينما الحال هكذا . تقدم الطب وأعلن عن اكتشاف علاج لمرضه وكأن هذا العلاج كالمطر على الأرض الجدباء بدء يزرع بذور الأمل في قلبه ويسقي لواعج الأماني في ذاكرته . الحمد لله فقد عافاه الله مما ابتلاه وأعادت العافية ولادته من جديد خرج مبكراً يسبقه الكثير من الأسئلة إلى تلك الورقة لماذا لا تسقط ؟ وهنا كانت دهشته فقد كانت الورقة اصطناعية زرعها صديقه ليبقي للأمل في قلبه نافذة تشعل فيه شمعة بمساحة ولو ضيقة تقول له:(لا يأس مع الشجرة) لا يأس في الحياة.