لم يراودني على الإطلاق حلم الحصول على فرصة لتوجيه سؤال إلى رئيس البلاد الموجود في السلطة، لكني حصلت على هذه الفرصة قبل بضعة شهور. في سبتمبر/أيلول 2012، قام الرئيس عبد ربه منصور هادي بزيارة لواشنطن العاصمة.ونظرا لأنني كبرت في اليمن، فقد أثار وصوله اهتمامي. وكامرأة، أردت أن أسمع منه رؤيته عن دور المرأة في اليمن الجديد.وبينما كانت جلسة السؤال والجواب مع الرئيس هادي تقترب من نهايتها، تمكنت من انتزاع الميكروفون.سألت الرئيس عن خططه لليمن، لاسيما ما يتعلق بالانتقال إلى الديمقراطية وكيفية تعيين المسؤولين الجدد. وكنت مهتمة بشكل خاص بكيفية اضطلاع المرأة بدور أكبر في العملية.أشار الرئيس هادي إلى أن تطبيق اتفاق مجلس التعاون الخليجي، الذي أنهى الأزمة السياسية في اليمن، سيضمن مشاركة المرأة على كافة المستويات. وقال الرئيس، “نحن بحاجة إلى توجه شامل وسنعمل على تفعيل هذه المبادرة.”نظريا، يمهد الاتفاق الطريق لنقل السلطة تدريجيا، ويشهد اليمن حاليا مؤتمرالحوار الوطني. تتعاون فيه كل الأطراف لإعادة صياغة دستور البلاد.و تشكل النساء 30 في المائة من كل “كتلة” سياسية مشاركة في الحوار الوطني. ولهذا فإن الحوار الوطني الذي أنطلق رسميا في 18 مارس/آذار يتيح فرصة صغيرة، وإن كانت مهمة، للمرأة لكنها لن تقهر كل التحديات التي تواجهها المرأة في اليمن.نظرة إلى الوراء حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2011كانت الثورة في اليمن على قدم وساق بالفعل منذ أكثر من عام .وأصبحت اليمنيات أقوى صوتا خلال الثورة.فقد انطلقن إلى الشوارع وطالبن بسبل أفضل للحصول على الوظائف والتعليم والخدمات الاجتماعية والمشاركة السياسية. ومن المدهش أن الحركة النسائية في اليمن غدت أكثر تألقا من نظيراتها في البلدان العربية الأخرى. كان هذا مذهلا خاصة وأن اليمن هو أحد أشد بلدان العالم قهرا عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة.ونالت المرأة اليمنية الكثير من الإطراء والإعجاب لدورها النشط في الثورة.ولكن بعد مضي أكثر من عام، بات من الصعب رؤية أية شواهد على زيادة مشاركة المرأة في النظام الجديد:- فهناك فقط 3 سيدات بين 35 وزيرا في الحكومة المركزية.كما أن اثنين من هذه المناصب كان من يشغلهما في الغالب نساء، ومن ثم لم يحدث تقدم كبير.- لا يضم أعضاء مجلس الشورى سوى سيدتين اثنتين.- كما أن البرلمان المؤلف من 301 عضو ليس به سوى امرأة واحدة.- لم تضم لجنة التحضير للحوار الوطني المؤلفة من 31 عضوا سوى ست سيدات.وهنا يبرز السؤال: هل هذا ما تستحقه المرأة اليمنية رغم الدور المهم الذي لعبته في الثورة؟ هل هذا هو النهج الشامل للجميع المأمول لانتقال اليمن إلى الديمقراطية؟ورغم أن المتفائلين أشاروا إلى استحواذ المرأة على 30 في المائة في الحوار الوطني، فما تزال أمامها احتمالات بمعركة صعبة للغاية:1. الكم مقابل الكيف. نعم، 30 في المائة حصة عظيمة بالمقارنة بما قبل الثورة في اليمن. لكن معايير اختيار المرشحات للحوار الوطني لا تزال غير واضحة. أخشى أن بعض الكتل المحافظة يمكن أن تعوق الهدف الرامي إلى تخصيص حصة للمرأة بترشيح السيدات اللائي يسرن على خط الحزب فقط.2. فرق تسد لا ريب أنه سيكون هناك خلاف حول حقوق المرأة حينما يوضع دستور جديد. هل يجب أن يتعامل مع قضايا المرأة مباشرة، أم أنه ينبغي أن يتناولها في إطار الخطاب الأوسع لحقوق الإنسان؟ هل ينبغي أن يقوم على الشريعة، أم أنه يجب أن يضمن قيام دولة علمانية؟ هذه القرارات ستشكل قوانين الأسرة والحقوق السياسية. لكن أكثر ما أخشاه هو ألا تستطيع النساء المشاركات اللائي يساندن أحزابا مختلفة عرض نهج موحد نحو إصلاح حقوق المرأة.3. الترهيب من أجل إجراء مناقشات مثمرة ومفتوحة، لا ينبغي أن تخشى المرأة من التحدث بشجاعة. وقد واجهت العديد من الناشطات في اليمن تهديدات لفظية وجسدية، وتحرشا، وتشهيرا خلال الأيام السابقة على الحوار الوطني. ولا تعني الكوتا النسائية شيئا إذا تعرضت هؤلاء السيدات للترهيب.لهذا، فحينما أفكر في دعوة الرئيس لاعتماد نهج شامل للجميع، أشعر بالأمل، ولكن بالحذر. ونهج كهذا لا يعني فقط حضور المرأة، بل حصولها على الفرصة للتعبير عن مطالبها. وسيفضي النهج الشامل لجميع إلى دمج مطالب المرأة في متن الدستور. وسيؤدي إلى تحول المرأة إلى قوة سياسية تمثل بنات جنسها في حكومة يمنية جديدة.ولذا، فإنني بالطبع أتفق مع رؤية الرئيس هادي بشأن النهج الشامل للجميع.فهذا أمر مهم لانتقال اليمن إلى الديمقراطية. لكن من المهم التأكد من عدم التمييز في الاشتمال بين فئة وأخرى.[c1]- مديرة مشروع تابع لإحدى مؤسسات التنمية الدولية في واشنطن العاصمة، يركز عملها على قضايا المرأة العالمية واليمن.[/c]
إشراك المرأة في الحوار الوطني
أخبار متعلقة