كتبت / دفاع صالحلا يكاد يفارق مخيلتي وضع المكتبة الوطنية بعدن منذ زيارتي لها مطلع الأسبوع الماضي ، لعل ذاكرتي كانت تبحث عن عبارات تصف بها لحظات الزيارة إلى صرح ثقافي وتراث معرفي بحجم المكتبة الوطنية بعدن .. [c1]من دار أنس إلى دار هجر [/c]الوضع الطبيعي لكل مكتبة أن تكون « دار أنس « فللكتاب متعة مميزة في مخاطبة الروح والوجدان ، ومهما اختلفت الوسائل التي تقدم المعلومة والمعرفة فلن تستطيع بأي حال من الأحوال إقامة حوار مع الوجدان كما يفعل الكتاب .. فلما بدل الحال في المكتبة الوطنية بعدن ؟! لما صارت دار هجر ؟! هجرها القراء والعاملون فيها إلا القليل ، فمن خلال زيارتي إليها عرفت أن العاملين فيها ما يقارب مائتي عامل وعاملة ما رأيت منها إلا عدداً بسيطاً ، راعني المكان وغاب عن تفكيري للحظات أني في زيارة لمكتبة وطنية يفترض أن تدب فيها الحياة من قراء ينهلون من الكتاب ، وسيلة الثقافة الأولى وسجل الحضارات وتاريخ الأمم .[c1]قارئ وحيد [/c]أثناء تجوالي في قاعات المكتبة لم أجد فيها سوى قارئ وحيد يقرأ في قاعة المراجع الأجنبية التي تحوي ما يقارب ( 4700) كتاب باللغة الفرنسية ، و ( 1227) كتاب باللغة الألمانية ، و ( 1200) في الأدب الإنجليزي والفنون والتكنولوجيا والعلوم وفي مختلف المجالات . وفي القاعات الأخرى لم أجد سوى المشرفين على القاعات وكتب تحاكي الرفوف وتستغيث من يزيح عنها غبار الدهر .[c1]المكتبة تستغيث [/c]مديرة المكتبة الوطنية نعمة الغابري وجهت مناشدة إلى وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب وقيادة محافظة عدن وكل الجهات المعنية وكل من نهل من نبع المكتبة قديما وحديثا ، بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على هذا الموروث الفكري وإعادة بناء كيانه الثقافي كون المكتبة الوطنية تعاني إشكاليات عدة من شحة إمكانيات وضعف التجديد وغياب عوامل الجذب لرواد المكتبة . [c1]بين القارئ والكتاب [/c]من الواضح أن الغالبية العظمى من الناس قد قل لديهم الإحساس بمتعة القراءة أمام انتشار الوسائل والأجهزة الأخرى المرئية والمسموعة ، والسهولة في تقديم المعرفة والمعلومة بأشكال متعددة مصحوبة بالمؤثرات البصرية والسمعية والموسيقية ما أصبح ذلك شيئا محببا لدى الناس ، ولم تعد القراءة عنصرا مهما في الحياة اليومية ، ولم يعد الكتاب منهل الثقافة الوحيد ، بيد أن انتشار الكتاب ورواجه هو الذي يمكن أن يعيد له قيمته وأهميته ، والانتشار هو الوسيلة الناجحة للاعتراف بوجود الكتاب وبوظيفته وبرسالته وتأثيره في حياة الفرد والمجتمع ، ويمكن للمكتبات أن تقوم بإعادة العلاقة بين القارئ والكتاب من خلال التجديد ونوع ( السلعة ) التي تعرضها تلك الكتب وجودتها ومستواها ، وتسهيل تقديم خدمة قراءة الكتب في ظل ارتفاع سعر الكتاب مقارنة بأسعار الخدمات المعرفية والثقافية الأحرى . وعلى الجهات المعنية تقع مسؤولية إعادة الاعتبار للمكتبة الوطنية بعدن في القيام بالدور التنويري والارتباط بالتراث الثقافي والفكر المعاصر .
|
ثقافة
المكتبة الوطنية بعدن .. صرح ثقافي مهجور
أخبار متعلقة