شوقي عوضأعذرني أيها الراحل فينا والساكن في وجداننا عن هذا الرثاء المتأخر فيك الذي لا يسعني إلا أن استهله بقول الشاعر المجدد أبو الطيب المتنبي القائل: لا تلق دهرك إلا غير مكترث ما دام يصحب فيه روحك البدنفما يدوم سرور ما سررت بهولا يرد عليك الفائت الحزننعم.. لقد رحل عن دنيانا الفانية الفنان صادق عبده خالد في يوم الأربعاء الموافق 4 / 6 / 2012. تاركاً الستة والستين ليقابل وجه ربه بعد رحلة دامت طويلاً مع الفن والشعر منذ سبعينيات القرن الماضي. رحل صادق الخالد وهو متأزم نفسياً غير راض عن وضعه الاجتماعي الذي آل عليه بالويل والثبور فجعله قاب قوسين أو أدنى متيماً منهكاً بالمرارة في الأسى والحياة يندب حظه التعيس في هذه المعاناة والحصار المعيشي اليومي الذي ينطبق عليه قول الشاعر والعالم الجليل أبو الأسود الدؤلي القائل: أميران كانا صاحبي كلاهمافكل جزاه الله عني بما فعل فإن كان خيراً كان خيراً جزاؤه وإن كان شرا، كان شراً كما فعل فكيف لا أذكر ذلك الراحل، القادم من مسقط رأسه قرية (ماوية) إلى تربة مدينة لحج أرض القمندان الخضراء بفيافهما المشهورة بتراثها الغنائي ومبدعيها من الفنانين والشعراء الذين تعرف عليهم الفنان والشاعر الراحل صادق عبده خالد ونهل من مائهم العذب والسلسبيل وأغنى تجربته الفنية والغنائية بمخزون من الذكريات التي تملأ الماضي بالذكريات الفنية منذ نشأته في بداياته الفنية الأولى بلحج حيث تعرف هناك على مطربيها وفنانيها الكبار من أمثال الفنان الشعبي الكبير الراحل فيصل علوي ومحمد سعد الصنعاني، محمد علي الدباشي، عبدالله حنش، سعودي أحمد صالح، حسن عطاء، عبدالكريم توفيق، فضل ميزر.. إلخ.وسكن في قلوب أبنائها العبادل الطيبين حتى صار واحداً منهم حيث تعلم منهم وفهم لهجتهم ومفرداتها الشعبية فكان له ما كان من الذيوع والانتشار في الحضور الفني والغنائي في ذاكراتنا الغنائية والوجدانية الشعبية ومنتدياتنا الثقافية والأدبية. وبما شكله من حضور فاعل وحي وبصوته في الغناء شدواً وطرباً في محافل هذه الجمعيات من منتديات ثقافية وأدبية وفنية حيناً، وعكسه في مشاركاته في الأحزان والأفراح بإلقاء الشعر حيناً آخر سواء حزناً أو فرحاًً فكلها أفعال تدل على صادق عبده خالد الراحل فينا والحاضر بيننا بإشراقاته الإبداعية وهواجسه من الألحان والأشعار المموسقة بالآلام والأحزان ومعترك الحياة وصعوبة المواجهة فيها وفي كيفية الخروج منها والثيران الاسبانية. بيد أن تلك المعاناة لا تعني بأي حال من الأحوال أن لا تكون للفنان الراحل صادق عبده خالد صولاته وجولاته في عالم الاغتراب- حيث عاش ردحاً من الزمن مغترباً في المملكة العربية السعودية وزار بعضاً من البلدان العربية كما زار أثيوبيا وأسمرة وإندونيسيا.. إلخ. واحتك بفنانيها واستفاد من تجاربهم الإبداعية الفنية والغنائية في واقعه الإبداعي والفني بشكل أو بآخر كما أخبرني بذلك.إلا أن التأمل والتفكير في حب الوطن قاده في عام 90م إليه والاستقرار فيه وعلى وجه التحديد بمنطقة دار سعد- حيث هوى من حيث لا يدري فيها وشيع ودفن بمقبرة (داود) بدار سعد، بعد عمر حافل بالعطاء الإبداعي والفني تمثل بتسجيل بعض من الأغاني العاطفية لتلفاز القناة الثانية وكتابة القصائد العاطفية والوطنية قام بنشرها بالصفحة الثقافية في صحيفة 14 أكتوبر (الغراء) فوداعاً يا صديق الإبداع والمبدعين.(إنا لله وإنا إليه راجعون)
|
ثقافة
الفنان صادق عبده خالد .. هوى من حيث لا يدري
أخبار متعلقة