بداية المشكلة عندما جاءت فكرة إعادة بناء وترميم ثلاث مدارس في مديرية التواهي بفترات متقاربة وهي ثانوية جرادة للأولاد في منطقة البنجسار وتمنع للبنات ومدرسة ابن سينا للتعليم الابتدائي، فقبل أكثر من عامين تم نقل طلاب ثانوية جرادة للبنين من ثانويتهم الأصلية في البنجسار إلى مدرسة الميناء لاستكمال بناء ثانوية جرادة، وبعد أن أصبحت هذه الثانوية في تمام جاهزيتها لاستقبال طلابها جاء قرار من إدارة التربية والتعليم يقضي بضرورة نقل طالبات مدرسة تمنع للبنات التي أوشك بناؤها أن يتهالك إلى ثانوية جرادة للأولاد ثم جاء بنفس العام مشروع هدم وإعادة بناء مدرسة ابن سينا الذي كان مؤجلاً منذ ثلاثة أعوام، ولم يكن هناك خيار أمام إدارة التربية والتعليم سوى أن يتم نقل تلاميذ المرحلة الابتدائية من مدرسة ابن سينا إلى مدرسة الميناء وسحب طلاب ثانوية جرادة منها ليصبح هؤلاء الطلاب مشردين و في أزمة حقيقية حتى صدر قرار إدارة التربية والتعليم باستئجار مبنى في التواهي ليكون ثانوية مؤقتة لهم كحل مؤقت، وهنا جاءت المشكلة الكبرى إذ أن هذا المبنى فيه النيابة العامة للمديرية ما جعل هذه الثانوية ساحة مفتوحة لزوار النيابة ومن لديهم قضايا سرقة وآداب وجرائم مختلفة بالإضافة إلى أن المبنى محاط من الخارج ببيئة يخشى أولياء الأمور على أبنائهم منها لتغدو هذه المشكلات واحدة من أخطر المشكلات التي تهدد مستقبل الطلاب و سير العملية التعليمية والتربوية في الثانوية. بالإضافة إلى ذلك نجد أن طريقة بناء هذا المبنى يفتقد إلى المعايير السليمة والصحيحة للإنشاء كطريقة بناء الصفوف وقلة أعدادها وحجمها الصغير الذي يكتظ به أكثر من سبعين طالباً في الصف الواحد وانعدام مكاتب خاصة للأختصاصيين الاجتماعيين وعدم توفر ملاعب خاصة بالطلاب وإلغاء جميع الأنشطة الفنية والمدرسية فلا توجد ساحة للطابور المدرسي بسبب امتلاء الساحة بزوار النيابة ولان الطلاب في مرحلة عمرية حساسة فإن تلك المناظر التي يتعودون على رؤيتها تفوق إدراكهم وعقليتهم وتجعل البعض منهم يتأثر نفسياً وبحسب بعض المعلمين والأختصاصيين الاجتماعيين فإن بعض الطلاب يقوم بالتداخل مع السجناء ومرافقيهم أمام مدخل النيابة وعدم قدرة المدرسين على ضبط مثل هذه الظواهر التي تتكرر، ويتخوف الكثير منهم من إمكانية حدوث اشتباكات بين مرافقي السجناء والطلبة وتعرض الطلاب لا قدر الله لحوادث سواء من داخل المدرسة أو من البيئات غير السليمة المجاورة للمدرسة.صحيفة (14 أكتوبر) بحثت مع إدارة التربية والتعليم والمجلس المحلي في المديرية أسباب عدم إيجاد حلول بديلة وعاجلة على مدار العام وتلمست مشاكل ومعاناة المدرسين والطلاب وأولياء الأمور من المحيط الذي يتعايش معه الطلاب والذي ينذر بكارثة إنسانية في أي لحظة إذا ما استمر الوضع على ماهو عليه.[c1] نريد حلاً سريعاً [/c] يقول نقيب المعلمين في محافظة عدن معلم اللغة العربية في ثانوية جرادة الأخ صادق قاسم عبدالله: المبنى والمحيط والظروف لا تسمح بأن تكون مدرسة، جميع معايير المدرسة مفقودة بهذا المكان، لايوجد ملعب للطلاب يفرغون به طاقتهم ونشاطهم، والمدرسة مفتوحة لكل من هب ودب سواء للمتابعين بالنيابة وللمشبوهين أو من لديهم قضايا سرقة ومخدرات وآداب وهؤلاء يختلطون بالطلاب والطلاب يتعرفون عليهم، بالإضافة إلى أن المدرسة تحيط بها من الخارج بيئات مشبوهة وغير سليمة ما يؤدي إلى أكثر من مشكلة ولأكثر من مرة وهناك أناس من خارج المدرسة قد حدث بينهم وبين الطلاب مشاكل وجاؤوا إلى المدرسة يشتمون الطلاب. قدمنا مناشدات والتماسات واقتراحات ولكن للأسف جميعها ضرب بها عرض الحائط. ويضيف بالنسبة إلى النيابة فهي موجودة قبل أن نأتي إليها ولكن إدارة التربية والتعليم هي من نقلت المدرسة إلى هذا المبنى وفرطت بمبنى ثانوية جرادة التي كان طلابنا فيها واستبدلتها بثانوية البنات ونحن الآن مشردون نناشد إدارة التربية والتعليم والمدرسة والمجلس المحلي بالمديرية والمحافظة لكي يعملوا حلاً سريعاً قبل أن تحدث جريمة وقبل أن تختل الأوضاع ويحدث ما لاتحمد عقباه. ويختتم حديثه قائلاً: نفسية المعلمين متعبة جداً من جميع الجوانب وليس الطلاب فحسب.[c1] من المسؤول؟[/c] من جانبها أكدت الأختصاصية الاجتماعية أسماء الشامي أن مدرسة ثانوية جرادة للأولاد مدرسة عشوائية بكل معنى الكلمة من حيث الأثاث والنظام لا تسمح بأن تكون مدرسة نهائياً فوجود النيابة والمساجين يضيف السوء فوق السوء، فالطلاب عندما يرون المساجين يقودهم الفضول لان يذهبوا إليهم ويتعرفوا عليهم ونفاجأ ببعض منهم يقول هؤلاء من حارتي يا أستاذة. أحاول أن أثنيه عن مثل هذا التصرف فلا استطيع. أيضاً يحاول الطلاب أن يجربوا الكلبشات ويطلبون من العسكري أن يجربوها ثم يقوم بتقمص دور السجين والتباهي، فالطلاب للأسف في مرحلة المراهقة وينظرون إلى أشياء أكبر من عقليتهم ولا نستطيع أن نردعهم لأنهم أمام هذا الواقع المفروض، أضف لهذا أن الطلاب أصبحوا يستخدمون سيارة المساجين كوسيلة لنقلهم فعندما يخرجون من المدرسة يذهبون مع السيارات التي فيها المتهمون يطلبون توصيلهم ولا استطيع أن أمنعهم خصوصاً وأنهم بسن الشباب الشيء الآخر أن بعضاً من أولياء الأمور مهملون لأبنائهم تماماً بحجة الثقة فيهم ونضطر للتواصل معهم ولا توجد متابعة فأي مشكلة تحدث نتحملها نحن كوننا مشرفين اجتماعيين ونتحمل المسؤولية كاملة، أيضاً لدينا مجلس آباء حاول أن يعكس الصورة السيئة لكن للأسف لا توجد آذان مصغية ومدير المدرسة هو الآخر بذل جهوداً جبارة يحاول ويسعى ويحتج واضرب عن العمل ولكن لا يوجد تجاوب.وأضافت: وضعنا للأسف غير تربوي وغير تعليمي وبدأت مشاكل كثيرة تظهر بالمدرسة وفي الأسبوع الماضي حصل لنا موقف سيئ جداً فهناك طلاب كانوا يؤذون أشخاصاً في المتنزه المجاور لهذا المبنى فقام شخص باقتحام السور وتهديد الطلاب، اتصلنا بالتربية وجاء مدير التربية والأمن فعجزوا عن القبض عليه وجاءت الشرطة مرة أخرى ومدير المدرسة وبحثا عنه ولا نعلم هل تم القبض عليه أم لا.وعن القدرة الاستيعابية للطلاب تقول الأختصاصية الاجتماعية أسماء: القدرة الاستيعابية محدودة جدا ولا توجد ساحة، اضطررنا لإلغاء حصص الفنية والبدنية ولايوجد لدي حتى الآن مكتب خاص بالإشراف الاجتماعي فأظل واقفة مع أولياء الأمور بالخارج أمام العسكري والسجين وفي الممر نسمع ألفاظاً سيئة، فالساحة مليئة بالناس ولا استطيع أن أميز الطالب من الزائر خاصة في وقت الاستراحة لأن المتهمين يرتدون ايضا مع الطلاب اللون البني، وهناك أكثر من موقف، وأكثر من مرة أقول للشخص ادخل إلى الحصة وأفاجأ بأنه أتى للنيابة لديه قضية ما. أيضاً الزائرون الداخلون إلى النيابة يصعدون إلى الصفوف والصفوف مفتوحة لهم والحارس كبير في السن لا يمكنه طرد الطالب المتأخر أو المتسرب ولا يمكنه غلق الباب لأن النيابة مشتركة معنا. وهناك حمام واحد مشترك بين زوار النيابة والطلاب وهناك سلوكيات جديدة لم تكن موجودة العام الماضي فألفاظ الطلبة أصبحت سيئة. الوضع للأسف مأساوي فمن المسؤول عن كل مايجري؟[c1]نتأثر من مجرد النظر[/c]الطالب فتحي حسين أحد طلاب ثالث ثانوي القسم العلمي يقول: أنا كطالب مستاء جداً من وجودي في هذه الثانوية، هذا المبنى لا يعتبر ثانوية والشخص نفسه بمجرد النظر إلى المساجين يتأثر. لقد ناشدنا وقدمنا طلباً بتغيير الثانوية، والطلاب عندما يرون هذه المشاهد تخلق بينهم مشاكل. أتمنى تغيير الثانوية لندرس بطريقة صحيحة فنحن مقبلون على امتحان وزاري وقد تحدث كارثة في أي لحطة.ويضيف: المعلم نفسه وهو يشرح المادة لايستطيع أن يخرج كل ما عنده من معلومات بسبب ازدحام الصف والفوضى الناتجة من هذا الازدحام، حتى سلوك الطلاب تغير إلى الأسوأ مقارنة بالأعوام الماضية.[c1]لا حياة لمن تنادي[/c] التقينا بولي أمر الطالب رأفت احمد عمر الذي قال: قدمنا للمدرسة ولإدارة التربية والتعليم مشاكلنا وقلنا لهم هؤلاء أبناؤنا ووضعنا لهم العديد من الإشكاليات ولكن لم يتجاوب أحد معنا، فالبيئة التي يتعايش معها الطلاب غير مناسبة ونحن نقول التربية قبل التعليم. وضعنا حلولاً للنيابة كمجلس آباء فقالوا لنا ابحثوا لنا عن مبنى، بحثنا ووجدنا ولكن لاحياة لمن تنادي. هذه المدرسة لا تجلب سوى الخوف على الطلاب بل تجلب الخوف على الآباء والمعلمين على حد سواء. وعن إمكانية نقل ابنه إلى مدرسة أخرى يقول: فكرت بذلك ولكن المدارس الأخرى مكتظة أيضاً بالطلاب وإذا قمت بنقله إلى خورمكسر فالمسافة طويلة جدا، ويضيف: قدمنا مناشدات واقتراحات ولكن لم يتفاعل أحد معنا.[c1]ليس لدينا بديل [/c] رفعنا جميع هذه المشاكل إلى النيابة العامة ممثلة بوكيل النيابة في مديرية التواهي الذي رفض الادلاء بأي معلومات إلا بتوجيهات من مجلس القضاء الأعلى، فانتقلنا إلى إدارة التربية والتعليم في المديرية ممثلة بمديرها الأخ محمد السقاف الذي أكد بدوره أن وضع طلاب مدرسة جرادة مؤقت وقال: كانت الخطة بان ننتظر إتمام إنجاز مبنى جرادة في منطقة البنجسار ليتم نقل طلاب جرادة إلى مبناهم الأصلي، ولكن فوجئنا بتساقط أحجار في ثانوية تمنع ومدرسة تمنع الأساسية في الوقت الذي بدأ مشروع مدرسة ابن سينا الذي كان مؤجلاً لثلاثة أعوام فاضطررنا لنقل الطلاب من ابن سينا إلى مدرسة الميناء وأخذنا طلاب جرادة إلى هذا المبنى ولا يوجد لدينا للأسف أي بديل في هذه اللحظة. وعن أسباب عدم بناء أو ترميم ثانوية تمنع منذ عام يقول: هناك وجهات نظر مختلفة بين المجلس المحلي والتربية، فالمجلس المحلي يريد الترميم ومكتب التربية يرى أن الهدم والبناء هو الأفضل وأنا يهمني الحصول على المبنى. وأضاف: الحل الوحيد هو بناء سور بين النيابة والطلاب إذ لايوجد أي مبنى حكومي ممكن استغلاله حتى الآن. وعن إمكانية نقل مبنى النيابة إلى مقر آخر يقول مدير إدارة التربية: أوجه من خلال هذه الصحيفة نداء إلى الأخت نورا ضيف الله التي كانت معنا لمدة 8 أشهر للبحث عن حل والمساعدة في نقل مبنى النيابة.[c1] ظرف استثنائي[/c] رئيس المجلس المحلي في مديرية التواهي الأخ محمد الجباري أكد بدوره أن وجود طلاب ثانوية جرادة في هذا المبنى العام يأتي كظرف استثنائي وبقاؤهم فيه سيكون مؤقتا حتى يتم تأهيل ثانوية تمنع أو الانتهاء من بناء مدرسة ابن سينا، أما في الوقت الحالي فلا توجد هناك أي حلول بديلة، ونحن نطالب الأخ المحافظ وأمين عام محلي المحافظة بمساعدتنا في إقناع نيابة الاستئناف باستئجار مبنى آخر وإفراغ المبنى ليكون لثانوية جرادة وبإمكاننا أن نفصل بسور بين المدرسة ومنتزه نشوان ونحن على استعداد أن نرفع سوراً ونقوم بفتح الباب الشرقي للمدرسة.وعن أسباب اختلاف وجهات النظر بين اعادة ترميم ثانوية تمنع أو هدمها وإعادة بنائها يقول: تمنع تم اعتمادها ضمن البرنامج الاستثماري للمديرية للعام 2010م ونزل المحافظ وتم اعداد الدراسة على أساس هدم وإعادة بناء، ثم نزل المحافظ مرة أخرى مع مجموعة من المدرسين والهيئة الإدارية بالمديرية واتخذ قراراً بأنه لايمكن أن يتم هدم مثل هذا المبنى التاريخي، كذلك هيئة الحفاظ على المباني التاريخية اعترضت على هدم المدرسة وطالبت بالترميم فقمنا بعمل مناقصة بالتنسيق مع شعبة المشاريع في المحافظة، وقام مهندسون من كلية الهندسة بجامعة عدن بالنزول الميداني وإعداد الدراسة لمدرسة تمنع العام الماضي 2010م، وبعد أن جهزت الدراسة طلبنا من مكتب التربية إنزال المناقصة فقالوا لنا لايمكن إنزال المناقصة الآن وسيتم انزالها بداية العام.وعن حمام المدرسة يقول الجباري: لا يوجد هناك حمام مشترك للطلاب وزوار النيابة، هذا الكلام غير صحيح ابداً، هناك حمامات خاصة للنيابة بالأسفل وحمامات للطلاب بالأعلى وإذا كان زوار النيابة يصعدون إلى الأعلى فهذه المسؤولية تقع على عاتق مدير المدرسة، ويجب أن يقوم بالتنسيق مع وكيل النيابة لإيجاد عسكري يحرس المكان بحيث لايستطيع أي شخص الصعود للأعلى.
|
تحقيق
معالجات تسير مثل السلحفاة وتبريرات الحفاظ على المبنى القديم تحبط إعادة البناء
أخبار متعلقة