لقاء/ دفاع صالح ناجي - ابتسام العسيري - تصوير/ محمد عوض - ابتسام العسيريبدأت صباح أمس في فندق عدن أعمال حلقة النقاش الخاصة بتجربة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة وسبل تمكينها التي ينظمها مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع البرنامج الكندي لتنمية الجهود الذاتية المحلية وتستمر على مدى ثلاثة أيام .وفي جلسة الافتتاح التي بدأت بآيات من ذكر الله الحكيم، ألقى د. عبدالوهاب راوح رئيس جامعة عدن كلمة أكد فيها أن العلاقة بين منظمات المجتمع المدني وجامعة عدن هي علاقة تكاملية تصب في خدمة المجتمع، مشيراً إلى أنه أطلع على أوراق جادة وعلمية منهجية. وأوضح أنه في إطار المرجعية التشريعية فإن بلادنا قد أنصفت المرأة لكن المشكلة تكمن ـ كما أشار ـ في الوسيط الثقافي والمعرفي الذي يعد مشكلة معظم الثقافات والمجتمعات. وشكر في ختام كلمته مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان على تنظيم مثل هذه الفعاليات.وكان الأخ محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان قد ألقى كلمة رحب فيها بالحضور، وأشار إلى أن البعض لا يقبل بمضامين قضية المرأة والمساواة وعدم التمييز ضدها وحقوقها حتى وإن قبل بترديد مفرداتها وشعاراتها، مؤكداً أن هؤلاء يريدون فقط تكرار الشعارات ومفردات الحقوق لكن حين يراد تحويلها إلى فعل وواقع حال وممارسة وخطوات عملية تتجسد على الأرض يبدؤون ـ كما يقول ـ بممارسة التعقيدات المناهضة للتحديث والتطور.واستعرض نماذج من تجارب المركز كمنظمة مجتمع مدني في خدمة المجتمع كمشروع تعليم الفتيات علوم الحاسوب ومشروع البيت الثقافي للشباب والطلاب وكيف أن منظمات المجتمع المدني يمكن أن تساهم في حل بعض المشكلات في المجتمع إلا أنها لا تمتلك الإمكانات المادية الكافية في ظل محدودية المنظمات المانحة، داعياً القطاع الخاص إلى المساهمة الايجابية في حل مشكلات وقضايا المجتمع.كما أعرب عن شكره وتقديره لرئيس جامعة عدن ورئيس مجلس إدارة مؤسسة (14 أكتوبر) على تعاونهما ودعمهما لمشروع البيت الثقافي للشباب والطلاب.و ألقى الأخ فؤاد الجوهري المدير المقيم للبرنامج الكندي لتنمية الجهود الذاتية المحلية كلمة أشار فيها إلى أهمية تمكين المرأة من خلال المشاركة في الحياة السياسية والعامة، مؤكدا أن منظمات المجتمع المدني وجدت كشريك في التنمية وبالتالي يجب أن تعمل بشكل فاعل للقطاع الخاص في مختلف أوجه التنمية.وبعد جلسة الافتتاح بدأت أعمال الجلسة الأولى التي تم فيها تقديم أربع أوراق عمل نستعرضها في الآتي:[c1]تجربة المرأة العدنية من 1946 ــ 9967م[/c]كانت ورقة العمل الأولى بعنوان تجربة المرأة العدنية في المشاركة بالحياة السياسية والعامة من 1946 إلى 1967م قدمتها د. أسمهان العلس أستاذ مساعد في كلية الآداب/ قسم التاريخ أوضحت فيها أن التمكين السياسي مصطلح سياسي قديم جديد، كما أنه مطلب اشتدت المناداة به في السنوات الأخيرة من القرن العشرين وما زالت وتائر هذه المطالبة تتزايد كلما أبعدت المرأة عن الميدان السياسي.وأشارت في ورقتها إلى أنه عند الحديث عن الخيوط الأولى للمشاركة السياسية للمرأة اليمنية فإن ظروف مرحلة النضال الوطني ضد الإدارة البريطانية في عدن تشكل ملمحاً رئيسياً تستقيم عليه تفصيلات المشاركة السياسية المبكرة للمرأة ولعل الملمح الأول والرئيسي الذي يميز المشاركة السياسية للمرأة في الماضي عنه في الزمن الحاضر ـ كما تقول ـ هو اختلاف الهدف من هذه المشاركة فقد كانت هذه المشاركة هي جوهر النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني لعدن في منتصف القرن العشرين، فيما تعتبر قضية التمكين السياسي للمرأة اليمنية في الزمن الحاضر مطلباً لاكتمال مقومات المواطن.وأبرزت في ورقتها ثلاثة ملامح للمشاركة السياسية للمرأة اليمنية وكان الملمح الأول هو أن المشاركة السياسية في بداياتها الأولى لم تميز بين الرجل والمرأة فهما كائنان يقومان بواجب وطني محدد وهو ضمان الاستقلال والحرية للوطن. والملمح الثاني يكمن في تطور مفاهيم التمكين وأشكاله وأساليبه، ويسجل التاريخ ـ كما تقول ـ إن البدايات الأولى للمشاركة السياسية لا تتحدد بتاريخ معين لكن خروج المرأة إلى الميدان الوطني كان قد أخذ أشكالاً مختلفة لعل أقدمها كان تفاعل المرأة مع أحداث إعلان تأسيس إسرائيل على الأرض الفلسطينية، وكذا العدوان الثلاثي على مصر، فهذان الحدثان كانا قد شكلا ظهور الوعي السياسي للمرأة العدنية وانخراطها في العمل الوطني الداعم للموقف العربي.أما الملمح الثالث فكان حول الحضور السياسي المدني للمرأة، حيث شهدت عدن في مطلع الخمسينات من القرن العشرين ـ كما أوضحت ـ زخماً سياسياً ملحوظاً تمثل بنمو الحركة النقابية واشتداد مطالبها العمالية وصراعها مع أصحاب العمل وكانت أساليب التعبير عن ذلك متعددة منها الإضرابات والمظاهرات وضمن هذه الحركة كان حضور المرأة ملحوظاً. مؤكدة أنه على الجانب الآخر دمجت المرأة في نشاطها الاجتماعي مضامين النضال السياسي الوطني كتأسيس نادي سيدات عدن الذي شكل أول المؤسسات النسائية.[c1]مساهمة المرأة اليمنية في الشطر الجنوبي منذ الاستقلال حتى الوحدة اليمنية[/c]هذا هو عنوان الورقة الثانية التي قدمتها الكاتبة نادرة عبدالقدوس رئيس بيت الإعلاميات اليمنيات ـ استعرضت فيها مساهمة المرأة اليمنية في الشطر الجنوبي منذ الاستقلال حتى الوحدة اليمنية، حيث أوضحت أن مرحلة ما بعد خطوة التصحيح قد شهدت الكثير من التغيرات وبخطى متسارعة وإن تخللتها الكثير من ألأخطاء والتجاوزات ـ كما تقول ـ فقد شهدت بداية السبعينيات العديد من الظواهر الجديدة على المجتمع اليمني التي لم تكن موجودة في العهد السابق للاستقلال، حيث فتحت مجالات العمل للمرأة خاصة بعد صدور القوانين المتقدمة التي أعطت الحق للمرأة في التعليم والعمل والانخراط في مختلف مناشط الحياة.وأوضحت في ورقتها أنه بعد تأسيس المنظمات الجماهيرية اندفعت المرأة برغبة جامحة للالتحاق في صفوفها وطواعية.كما استعرضت في ورقتها تجربة المرأة العدنية في التعليم، وكذا عدد العاملات في مختلف المهن. ثم أشارت إلى أهم القوانين التي صدرت في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهو قانون الأسرة رقم (1) الذي جاء تتويجاً لنضالات المرأة من أجل انتزاع حقوقها. مؤكدة أن ذلك القانون رفع من شأن المرأة بحيث جسد مبدأ المساواة في الإنفاق على الأسرة كذلك حظر على أهل الفتاة المراد خطبتها الانفراد بالموافقة على خطبتها دون استشارتها وأخذ موافقتها، ووضع القانون سناً محددة لأهلية الزواج لكل من المرأة والرجل وكذلك حدد القانون المهر المقدم للعروس لمنع الغلو في هذا الجانب ومنع مظاهر التعالي بين الناس واعتبار المرأة سلعة يتم عرضها لمن يدفع أكثر.أما عمل ومشاركة المرأة في مجال الإعلام فتشير الورقة إلى أن مساحتهما قد توسعت في الإذاعتين المسموعة والمرئية وارتفع عدد المذيعات، أما في مجال الصحافة المقروءة فلم تكن هناك سوى صحفية واحدة فقط وهي الصحفية رضية عبدالكريم شاهر التي ظهرت عام 1973م من خلال صحيفة (14 أكتوبر)، ثم شهدت الصحيفة بعد ذلك ازدياداً في عدد الصحفيات المتخصصات اللاتي تخرجن في مستهل الثمانينات من جامعات الاتحاد السوفييتي.ثم أشارت إلى مجالات المسرح والفنون الشعبية وفرق الغناء والرقص الشعبي ومدى مساهمة المرأة في تلك المجالات.[c1]المرأة اليمنية من الوحدة حتى اليوم[/c]وفي ورقة العمل المقدمة من الناشطة الحقوقية رضية شمشير علي استعرضت تجربة المرأة اليمنية منذ قيام الوحدة وحتى اليوم فأشارت إلى أن قضية المرأة العربية عموماً والمرأة اليمنية خاصة شهدت تحولات بارزة خصوصاً مع أواخر تسعينات القرن الماضي وذلك بفعل عوامل خارجية، وأخرى داخلية تطلبت إصلاحات دستورية وقانونية، أدت إلى تنامي وتزايد دور منظمات المجتمع المدني والانتقال ببطء شديد إلى مرحلة الديمقراطية. وركزت في ورقتها على القضايا الأساسية والمحورية المتعلقة بالمرأة اليمنية ريفاً وحضراً وسلباً وإيجاباً والنتائج المحرزة في هذا الجانب، منوهة إلى أن المعوقات لا تزال باقية وماثلة وبحاجة إلى معالجات وحلول، تؤمن الضمانات الفعلية لتطبيق القوانين وتنفيذ الإجراءات والتدابير المتخذة لتمكين المرأة اليمنية في مختلف مناحي الحياة العامة.وعن الحراك النسائي في ظل دولة الوحدة استعرضت الأخت / رضية شمشير دور اتحاد نساء اليمن في التمكين السياسي للمرأة منذ نشأته فبرزت جهوده في صياغة مشروع النظام الأساسي للاتحاد ودفع المرأة بالمشاركة الفاعلة للاستفتاء على دستور دولة الوحدة والمطالبة بالمصادقة على اتفاقية (السيداو) في ظل دولة الوحدة بعد أن كان الشطر الجنوبي قد صادق عليها في مايو 1984م من القرن الماضي إلى جانب المشاركة في كل الفعاليات السياسية والنقابية التي شهدها الوطن وأن تكون للمرأة حصتها في قوام الهيئات القيادية للاتحادات والنقابات والجمعيات, وكذا المساهمة في الحوار وإقناع الأحزاب والتنظيمات السياسية.كما قام الاتحاد بالحوار مع اللجنة العليا للانتخابات لقبول قوائم النساء المشاركات في لجان القيد والتسجيل واللجان الفرعية ولجان الفرز والمطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية لعام 1992م, والدفع بالمرأة اليمنية وتشجيعها على خوض الانتخابات كمرشحة ونوهت الأخت / رضية في ورقتها بأنه على الرغم من كافة الجهود المبذولة من قبل اتحاد نساء اليمن كإطار داعم ومساند لقضايا المرأة في إطار المنظومة السياسية إلا أنه يقع في محذور إلغاء وإقصاء الآخر.واستعرضت الورقة نشأة اللجنة الوطنية للمرأة وأبرز المهام والإنجازات التي حققتها ودور منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان في تشكيل وتأسيس العديد من الجمعيات النسائية تحت مسميات عديدة تصب معظم برامجها في محو الأمية والتطريز والخياطة ورفع الوعي الصحي والاجتماعي ومكافحة الفقر, وأشارت إلى الواقع الراهن لوضع المرأة اليمنية في مجال المشاركة السياسية والتعليم والاقتصاد والفقر والمرأة ومواقع القرار والعنف, وفي ختام الورقة أشارت الأخت / رضية إلى أن قضية المرأة اليمنية قضية وطنية والخطاب السياسي وحده لا يكفي والدفع بالنخبة إلى مواقع صنع القرار ليس حلاً.[c1]الحقوق السياسية للمرأة في التشريعات الوطنية[/c]واستعرضت / د . هدى علي علوي أستاذ القانون الجنائي المساعد – كلية الحقوق في ورقتها الحقوق السياسية للمرأة في الإسلام, حيث أشارت إلى دور المرأة في التاريخ الإسلامي وإسهاماتها إلى جانب الرجل في مختلف مراحل إقامة كيان الدولة الإسلامية إلا أن دخول المرأة ميدان العمل السياسي وتقرير مشاركتها في الشؤون العامة كانت وما زالت محل جدل لا ينتهي, حيث ذهب جانب من الفقه الإسلامي إلى أن الإسلام لا يشجع النساء على المشاركة السياسية بحجة أنه يقيم وزناً للأضرار الاجتماعية الناجمة عن هذا الحق إلا أن علماء الدين وفقهاءه من أنصار منهج الوسطية والاعتدال وافقوا على مباشرة المرأة جميع الحقوق السياسية فيما عدا (الإمامة الكبرى) مستندين إلى نصوص القرآن والسنة التي تقر بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ولا استثناء إلا بنص خاص.واستشهدت / د . هدى علوي بالروايات الكثيرة عن جرأة المرأة في التصدي لقضايا مجتمعها بشجاعة فاعترضت على القرارات التي يصدرها ولاة المسلمين وانتقدت الحكام في سياساتهم دون منكر لذلك.وأوضحت في الورقة الضمانات الدستورية للحقوق السياسية للمرأة والتي كفلها الدستور اليمني من خلال مساواة المرأة بالرجل كمبدأ يساوي بين المواطنين عموماً في الحقوق والواجبات العامة.واستعرضت الورقة أبرز الحقوق السياسية كحق الترشيح في الانتخابات وذلك بنص المادة (43) من الدستور بأن للمواطنين عموماً الحق في المشاركة السياسية وفي وضع القرار فأعطى لهم الحق في الترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء بل شدد القانون رقم (13) لعام 2001م وفي المادة السابعة منه على ضرورة قيام اللجنة العليا للانتخابات باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية، وتطرقت إلى الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والانتماء إليها وذلك باعتراف الدستور للمواطنين ذكوراً وإناثاً في المادة (58) بحق تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً وبإشارة المادة (5) من القانون رقم (66) لعام 1991م بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية على أنه يحق للمواطنين تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية ولهم حق الانتماء الطوعي لأي حزب أو تنظيم سياسي طبقاً للشرعية الدستورية وأحكام هذا القانون.وتطرقت الورقة أيضاً إلى الحق في تولي الوظائف العامة والتي تضمنت تمتع المرأة بحق شغل الوظائف العامة السياسية والتنفيذية أسوة بالرجل ووفقاً للشروط التي ينص عليها القانون دون تمييز بينهما على أساس الجنس.وخرجت الورقة بعدد من التوصيات كرفع مستوى وعي النساء وتأهيلهن للمشاركة السياسية والعمل على تذليل الصعوبات وإزالة العراقيل على أرض الواقع, وتدريب النماذج القيادية النسوية على أساليب إدارة الشؤون العامة والاستفادة من كل فرص الدعم الانتخابي لنجاح المرأة المرشحة في الانتخابات والتأكيد على ضرورة قيام تكتل مدني يدعو إلى تصحيح المفاهيم وتنقية الموروث الثقافي من الشوائب.هذا وتستمر الحلقة النقاشية ثلاثة أيام يتم فيها استعراض عدد آخر من أوراق العمل.