كثيراً مايستوقفنا عطاء الشعراء من مختلف اقطارنا العربية الاّ أن القليل من هؤلاء يفرض عليك التعاطي مع شعره بصورة مختلفة.. فبعد أن غادرنا الشعر بما فيه من موسيقى وايقاع وأجراس..والتزامه بالقافية ناهيك عن مافي شعر الآخرين من أصالة وجودة والتزام قواعد الشعر المعروفة ،ومحاحسن الصور مثل التشبيهات والكنايات وإلى ما هنالك من إبداع الشعر ومتانة الأسلوب..الأمر الذي حفظ للشعر العربي الجاهلي حيويته ووجوده بعد قرون من قوله أورغم ما في واقع حياة شعراء العصر الجاهلي،وما بعد الجاهلي من تباين مع بيئات العصر الراهن الاّ ان شعر تلك الأزمنة سريعاً ما يجد طريقه الىالاستحضار في ذاكرتنا ولايختلف الحال في التجمعات الحضرية من البدوية في طريقة حفظ الكثير من موروث تلك العصور الغابرة بل وتداول سير فطاحلة الشعراء في تلك العهود فهل غابت عنا في صورة الحاضر كل ملكات الشعر ولم تعد تأتي هؤلاء جن ّوادي ,,عبقر،، حتى يأتون بنصوص شعرية تطرب لها ويسري تناقلها كما كان في شعر الأسلاف؟أم أن صورة الحاضر بها من واحات الشعر والشعراء وابداعاتهم ما يجعلنا نؤمن ان أمتداءنا من أرومة عربية جاءت برهط الصعاليك وما خلّفوا من معلقات.. ومجانين العشق والحب العذري بما جسدت حالات هيامهم وربما جنونهم من معان مفعمة بصدق العاطفة وعذرية العشق في محيط عربي عرف بمكارم الاخلاق حتى في جاهليته..نعم الحال كذلك مايوحي اننا أمة الشعر والشعراء وآذان موسيقية وحس ناقد ومتذوق لكل قول شعري يزرع في الذات حباً وهوى يلامس مافينا من ارث شعري ولأن تواجد المرأة في العالم الشعري يكاد يكون غير ملحوظ الاّ بما خلفت بعضاً من شذرات العطاء النسوي على مر الأزمنه من جودة الشعر ومتانته كشعر الخنساء ورثائها الشهير لأخيها صخر.[c1]*يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره بكل غروب شمس فيالهفي عليه ولهف أمي في التراب وفيه يمسي[/c]الاأن خنساء من الزمن الراهن تضاهي في قدرتها الشعرية..خنساء التاريخ مع قدر هائل من عطر انثوي في دخائل صورها الشعرية المفعمة بصدق العاطفة وقوة الوجدان الذي يفرض على هاجسها كل تلك الكثافة الحسية والصورة الجمالية التي تتوغل في نفسها الايقاعي المتوثب الجميل أسلوب لايمكن ان ينسب الا لخنساء العرب العصرية المتدثرين عباءة أميرة مرموقة وبدوية خالصة..وتارة أخرى امرأة من لون هذا الواقع ومن قلب معاناته..إنها الأميرة سعاد الصباح ..سلسلة أسرة آل الصباح الأميرية في الكويت الشقيق..وهي الأسرة الحاكمة والأكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى ما جعل مناخات الكويت بؤرة ثراء ملفتة من حيث تأثيرها الثقافي في محيطها العربي.[c1]فماذا عن نتاجها الشعري؟[/c]قبل أن ندلف في خمائل هذه الشاعرة أشير الى ملامح هذه المرأة أوالأميرة المبدعة التي ارتسمت عليها تعابير حزن دفين في أغوار ذاتها المبدعة وهي العلامات التي استمد بعض من قابلها من الصحفيين..سؤالاًعن سرعلامة هذا الحزن الذي زاد من "كاريزما" الأميرة المحبوبة تألقاً ومسحة جمال.الملفت هنا ان الأميرة الشاعرة عبرت عن قدرة من حزن أمومة دفين ارتبط بحادثة رزيه جابهتها ولم تبارحها بعد..أي فقد زهرة من زهرات روحها "الإبن".حين طالعتني مثل هذه الإجابة..اشبعت ما كان في من فضول .الاأن الحال بعث تساؤلاً آخر أي علاقة الشعر بالحزن..بالفرح علاقة شظف العيش وحياة الثراء والدعة بالعطاء الشعري وعلنا نجد في نصوص سعاد الصباح اجابات شافية لما سلف وهو حال يذكرني بسؤال صحفي وجه للشاعر الأمير خالد الفيصل عن سر نبرة الشوق والحرمان في شعره وهجر المحبوب رغم كونه أميراً كثيراً ماتلى حاجاته ولايرى السائل للحرمان مكاناً في عالم الأمير الشاعر الاّ أن الشاعر الأمير خالد الفيصل أعطى اجابة صادقة قاطعة للسائل فحواها انه مثل غيره من عامة الناس يعيش الحب اخفاقاته..ووصل وهجر وعناد المحبوب مايجعله يعيش تلك اللحظات التي تعكسها قريحته الشعرية وروحه المنسلة من محيط الامارة الى عوالم البشر والعوام وأحاسيسهم.فماذا عن سعاد الصباح الأميرة الشاعرة..؟أنا أرفض الحب المعبأ في بطاقات البريد إني أحبك في بدايات السنةوأنا أحبك في نهايات السنةفالحب أكبر من جميع الأزمنة والحب أرحب من جميع الأمكنةوهي كثيراً ماتنشد بلسان حال جنسها مخاطبة الرجل ولكن بصورة مختلفة عن المألوف الشعري الذي غالباً مايبدو على هيئة ذم كامل للطرف الأخر قفزاً على محاسن الحياة المخملية التي تعيشها الأنثى مع الطرف الأخر بعيداًعن نواميس وعادات القوم التي غالباً لايحبذ أصحابها الاعتراف بمبدأ التكافؤ بين المرأة والرجل..وانهما مكملان لبعضهما في الحياة.ياسيدي...ياممن يغيّر في أصابعه حياتييامن يولفني ويخرجني ويكسرني ويجمعنيويشعل ثورتي وتحولاتي أجراس نصف الليل رائعة وهذا الثلج موسيقى تكلمناوهكذا هي اشتعال ثورة الحب تقول:ــ مالجنوني أبداً حدودولالعقلي أبداً حدودولالحماقاتي على كثرتها تحدها حدوديارجلاً يغضبه تطرفي من الذي يغضب من تطرف الورود؟هذا أنا من يوم أن خلقت أنوثتي ساحقة عواطفي حارقة شواطئ تضربها البروق والوعود.وتارة أخرى نقول:ياأيها المخبو من عشرين عاماً..في الوريد يامن يغطيني بمعطفة اذا سرنا معاً فوق الجليد مادمت لاجئة لصدركما الذي في هذه الدنيا أريد؟مادمت موجوداً معي فالعام اسعد من سعيدوهي في خطابها للطرف الأخر أكثر اعترافاً بمبادئ الحب وسلطانه القاهر للنفوس لجنونه وعنفوانه..اذنراها تقولأنا التي كنت تناديني اذا أردتنيياقمر الزمان يامن على يديه تشكلت أنوثتي ياأيها المسؤول عن هندسة الخصروعن تموج الشعر وعن مواسم الشمس والرمانيارجلاً عوضني بحبة عن أجمل الأوطان..فمما لاشك فيه ان كل قصيدة من قصائد الأميرة الشاعرة سعاد الصباح تعبر عن حالة شعرية خاصة بنكهة وعطر وصدق قريحتها وفيض عبق أنوثتها الطاغية فما أروعها من شاعرة عربية سليلة فرسان الشعر وأمرأئه!
|
ثقافة
الأميرة الشاعرةسعاد الصباح خنساء العرب في العصر الحديث
أخبار متعلقة