كما كل عام ومع حلول شهر رمضان المبارك تثار العديد من التساؤلات حول قضية صيام اللاعبين المسلمين في المحترفين في أوروبا من عدمها خلال أيام المباريات التي يخوضونها مع أنديتهم، ليجد الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" نفسه مضطرا هذه المرة للتعامل مع الموضوع بنوع من الجدية على عكس السنوات الماضية.وكان القرار الذي اتخذه الفيفا مؤخرا والقاضي بإجراء تجارب عملية على عدد من اللاعبين أثناء صومهم لقياس مدى تأثير الصيام على أدائهم الفني والبدني بمثابة البداية لهذا الاهتمام، وقد اختيرت تونس لإجراء هذه الاختبارات حيث جرت وتجري في المركز الوطني للطب الرياضي بتونس العاصمة، ويتم التركيز خلالها على قياس الجهد المبذول من قبل اللاعبين خلال الصوم ومقارنته بالأيام العادية.وسوف ترسل نتائج التحاليل إلى مقر الاتحاد الدولي بسويسرا لإخضاعها للمزيد من الدراسة، على أن تجري اختبارات أخرى على نفس اللاعبين في وقت لاحق للتأكد من النتائج النهائية.وبموجب هذه الاختبارات سيعلن الفيفا موقفه رسميا من قضية صيام اللاعبين أثناء مباريات أنديتهم، وسيعمل على وضع قانون ثابت سيكون الجميع مجبرا على التعامل معه، ليقضي على أي خلاف قد ينشب بين اللاعبين وأنديتهم في ظل غياب أي قوانين وتشريعات ثابتة تحكم العلاقة في هذا الموضوع، وقد تعمد الفيفا إجراء الاختبارات في دولة مسلمة، ليغلف النتائج المترتبة عليها بنوع من المصداقية.[c1]حوادث متجددة[/c]وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان لهذا العام شهدت الملاعب الأوروبية العديد من القضايا المرتبطة بصيام اللاعبين المسلمين في أوقات المباريات، إذ طالبت معظم الأندية التركية اتحاد كرة القدم بتعديل جدول الدوري خلال شهر رمضان بسبب الإجهاد الذي يتعرض له اللاعبون بسبب إصرارهم على الصيام.وقال مسئولو الأندية أن شهر رمضان يشهد انخفاض أداء اللاعبين، مما يؤثر على النتائج وترتيب الفرق في جدول البطولة، وأشار الناطق باسم نادي غلطة سراي أعرق الأندية التركية إلى أن فريقه خسر في رمضان الماضي ست مباريات وتعادل في ثلاث أخرى بسبب إصرار عدد من لاعبيه على الصيام، فيما قال ممثل نادي فنربغشة بأن فريقه خسر أربع مباريات وتعادل في واحدة للسبب ذاته.لكن هذه المطالب جوبهت بالرفض من الاتحاد المحلي الذي ناقش القضية على مدى يومين قبل أن يرفضها بسبب ظروف ارتباطات بعض الأندية بمسابقات أوروبا مما يجعل من الصعب إعادة النظر في جداول المباريات.لكن تركيا لم تكن الدولة الوحيدة التي تشهد جدلا واسعا حول القضية، بل تعدى الأمر ليصل إلى فرنسا، حيث شنت بعض الصحف اليمينية هناك هجوما لاذعا على نادي مرسيليا بعد خسارته أمام نانت في المرحلة السابعة من الدوري، واعتبرت أن السبب الرئيسي للخسارة هو صيام ثمانية لاعبين مسلمين في صفوف الفريق أثناء اللقاء مما أدى إلى انخفاض مستواهم وخسارة مرسيليا للمباراة. وهو الأمر الذي لم يستبعده بعض المسئولين في النادي، ليثير ذلك اللاعبين الثمانية الذين رفضوا هذه الادعاءات وأشاروا إلى أن خسارتهم كانت أمرا عاديا كما خسرت أندية أخرى وكما سبق لمرسيليا نفسه أن خسر في مناسبات سابقة، وأكدوا بأنهم يصومون رمضان وعلى الجميع أن يفهم بأن ذلك أمر واجب على المسلمين.وقال لاعب الفريق الجزائري الأصل سمير ناصري أن هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهو اعتداء صارخ على الأخلاق، فيما اعتبرها نجم الفريق والمنتخب الفرنسي فرانك ريبيري الذي اعتنق الإسلام وحول اسمه إلى (بلال) "كلاما زائدا لا يليق بمسئول أو صحافي".وقد شهدت المباراة المذكورة مشاركة ثمانية لاعبين مسلمين هم بالإضافة لناصري وريبيري، حبيب باي ولوريك كانا وموديست مبامي وتويفيليو ماوليدا و مامادو نيانج و تايي تايوو وكان هؤلاء جميعا صائمين أثناء اللقاء حسبما أشارت الصحف الفرنسية.ولم تكن هذه المرة الأولى التي يواجه فيها اللاعبين المسلمين في فرنسا ضغوطات من هذا القبيل، إذ رفضت العديد من الأندية الفرنسية في سنوات سابقة وخاصة في الدرجات السفلى مشاركة لاعبين صائمين في مباريات فرقها، معللة ذلك بالمصلحة العامة للنادي، وقامت بخصم نسب من رواتب اللاعبين الذين يغيبون عن المباريات لهذا السبب، بينما وجد لاعبون آخرون أنفسهم مضطرين لتجاوز الأزمة بالإفطار أيام المباريات فقط، وتعويض ذلك في أيام أخرى.ومن المعلوم أن الدوري الفرنسي بدرجاته المختلفة يحوي المئات من اللاعبين المسلمين سواء من العرب أو الأفارقة، وتعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوربية جذبا لهم.[c1]استطلاع رأي [/c]الاهتمام الخاص من الفيفا لم يقتصر فقط على إجراء اختبارات على اللاعبين الصائمين تمهيدا لاتخاذ قرار حاسم حول الموضوع، بل شمل أيضا إجراء اللجنة الطبية التابعة له باستطلاع رأي شارك فيه العديد من اللاعبين العرب والمسلمين المحترفين في أوروبا، حيث قال المهاجم المصري أحمد حسام "ميدو" لاعب توتنهام الانكليزي "أصوم رمضان بشكل عادي باستثناء أيام المباريات".فيما قال المدافع الفرنسي المسلم فيليب كريستانفال "مرت سنوات عديدة و أنا أصوم رمضان، لقد أصبح أمرا طبيعيا بالنسبة لي لأن جسمي تعود على ذلك، مدربي شخص متفتح و متفهم، بالطبع تحدث بعض المشكلات إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة، ولكن الأمور تمر بشكل عادي". [c1]الفيفا أجرى دراسة حول الصيام لدى اللاعبين [/c]أما لاعب الوسط التركي أوميت دافالا فيقول "أحاول خلق التوازن بقدر الإمكان بين الصيام ولعب كرة القدم، ولكن مع اقتراب خوض مباراة ما يصبح الأمر مستحيلا".وتواصل اللجنة الطبية في الفيفا استطلاع رأي اللاعبين حول الموضوع، ويقول المدافع المغربي عبد الإله فهمي "أصوم منذ بلغت 16 عاما، وبالتالي أتدرب كما يتدرب الآخرون وليس لدي مشكلة إلا في أيام المباريات التي لا أصوم فيها، ولكني أتدارك ذلك بعد شهر رمضان خلال فترات التوقف مثلا لأن هذا أمر واجب". ويتابع فهمي "في يوم المباريات يمنع على اللاعبين الصوم، حيث يكن على اللاعبين الإفطار بأي ثمن، فنحن نعطش كثيرا و لكني لم أتخلف عن أية حصة تدريبية بسبب ذلك".هذا الالتزام النسبي يقابله العكس من لاعبين آخرين مثل لاعب الوسط المالي محمد ديارا الذي انضم إلى ريال مدريد هذا الموسم، فقد قال ديارا "كنت أصوم عندما كنت في مالي، وحين أتيت إلى أوروبا حاولت أن أحافظ على صيام هذا الشهر، ولكن ذلك كان أمرا صعبا للغاية، ولم أتمكن من أن أتابع صوم هذا الشهر بعد أسبوعين والآن لا أصومه".وهو ما ينطبق على اللاعب الجزائري ياسين عبد الصادقي المحترف بنادي ستراسبورغ الفرنسي، الذي قال بحسب اللجنة الطبية في الفيفا "إذا أردت أن تنتزع مكانك في الفريق، فمن المؤكد انه عليك أن تكون في كامل لياقتك البدنية والفنية".!.