المسجد الجـامع بالقيروان
القاهرة /14اكتوبر/وكالة الصحافة العربية :يؤكد المؤرخون على أن الفن الإسلامي ينبع في جوهره من العقيدة الدينية ، لذا كان المسجد والاهتمام ببنائه وعمارته هو محور إهتمام هذا الفن .. وجاء كل مسجد معبرا عن البيئة التي أنشىء فيها ، فقد كان كل مسجد نموذجا للطرز المحلية في البلدان المختلفة التي انضوت تحت راية الإسلام وقد تميزت عمارة المغرب والأندلس بالكثير من صفات تشكيل الفراغ وتصميم الأعمدة والعقود المتراكبة وزخارف الجص المفرغ.وفي مدينة القيروان - رابع مدينة إسلامية - شرع في بناء المسجد الجامع بالقيروان عقبة بن نافع عام 05 هـ / 675 م ( وهو تاريخ اختطاط القيروان رابعة العواصم الاسلامية الأولي ) وفرغ منه ومن القيروان عام 55هـ / 675م وليست هناك فكرة واضحة عن عمارة المسجد في دوره الأول هذا ، كما لا يعرف أيضا كيف كانت عمارة القيروان الأولى ، ولكننا نستطيع أن نقول أنه كان مكونا من بيت صلاة مسقف بعريش يقوم علي جذوع النخل وصحن مكشوف في نفس حجمه ، وهذا استنتاج من هيئة المسجد فيما بعد ، وقد حرص الذين جددوه علي هيئته الأولي أن يشبه جامع القيروان في تخطيطه الجامع الأموي في دمشق وجامع الزيتونة في تونس ،فهو يتكون من صحن مستطيل تحيط به الأروقة من جميع الجهات ،ويخترق أيوان القبلة رواق المجاز الذي يقسم إيوان القبلة إلي قسمين ، وتنتهي المجازفية بقبة تعلو المحراب .وقد جدد المسجد وزيد فيه مرارا عديدة كان آخرها على يد ابراهيم بن أحمد الأغلبي 578 / 209 وكان البناء 842 / 488 م ووصل بالجامع إلى أوج جماله ..ويمتاز جامع القيروان بالضوء الذي يفيض فيه والإشراق الروحي الذي يحس به الإنسان إذا وقف تحت قبة المحراب وتأمل العقود الجميلة والجدران الرخامية المزينة من أعلى بوحدات زخرفية في غاية الجمال ، والمسجد كله يكاد من الخارج أن يكون حصنا فالجدران عالية سميكة مشدودة بدعامات والمئذنة برج حقيقي وفي بعض مساجد الغرب الإسلامي احتفظت بطابع القصور المغربية والقصر و(جمعه قصور) في المغرب هو الدار المحصنة التي يبنيها أهل القرى ويجعلون لها جدرانا عالية ، وقد يطلق اللفظ على القرية البربرية كلها.[c1]منبر .. تحفة فنية[/c]ويعتبر منبر جامع القيروان من أبدع التحف الخشبية في فجر الإسلام ، فهو من أقدم المنابر المعروفة الآن ، مصنوع من الخشب الهندي ، و روعي في صناعته أن يجمع بين الأسلوب البيزنطي الذي كان سائدا في العصر الأموي والأسلوب الساساني الذي انتشر في العصر العباسي .. يتكون المنبر من عدة حشوات مفرغة دمشقية الشكل داخل إطارات ذات زخارف من فروع العنب محفورة حفرا بارزا .. أما مئذنة الجامع فهي من أقدم المآذن الإسلامية والمثال الوحيد الشاهد على تأثر العمارة الإسلامية في بدايتها بالفن المعماري السوري الذي أخذ شكل المآذن من أبراج الكنائس السورية..وظلت محافظة عليه لعدة قرون ، حيث تتميز مئذنة جامع القيروان بشكلها البرجي وهو شكل مشتق من أحد الأبراج الضخمة المربعة الأضلاع من أساسها إلى قمتها بسوريا ومن أبرز ما يميز هذا المسجد الجامع بلاطات القيشاني الفاخرة التي تؤلف إطار محرابه وما عليها من أبدع التحف الخزفية ذات البريق المعدني وقد أدخلت عدة تجديدات وتطورات وإضافات على المسجد على مر العصور.