انتهت تجربة ادخال الابقار الهجينة الاكثر انتاجا للألبان، وتم تدمير مصنع الالبان، ومضت الامور باتجاه العدمية التي بات معها انتشار امراض الحيوانات شائعا في معظم المناطق ولا توجد تخصصات طب بيطري تنقذ هذه الثروة من الأوبئة.
السؤال هل فكرة احياء معهد البيطرة امر عبثي ام ان الحيوانات لا تستحق ذلك رغم ما تشكله من اهمية غذائية للسكان؟ هل فكرت احياء مراكز الابحاث الزراعية ايضا من الماضي ام ضرورة لبعث الاهتمامات بالزراعة التي شهدت تطورات واسعة لدى بلدان كثيرة ما جعلها تخلق تحولات في مستويات المعيشة؟ علما ان اصنافاً كثيرة من الخضروات والفواكه ادخلت عليها تحسينات ادت الى مضاعفة الانتاج وذلك مرده إلى الابحاث على هذا الصعيد وادخال اصناف مهجنة حسنت الى حد كبير من الانتاج.
مجتمعاتنا جزء منها يعتمد على الزراعة الامر الذي يدعو الى الأخذ بكل جديد واحياء تلك التجارب باعتبارها تشكل جسرا نحو المستقبل الذي ادخلت عليه مفاهيم كثيرة.
فماذا لو تم الاخذ بتلك التجارب وتم اعادة الاهتمام بالثروة الحيوانية والزراعية في نطاق انشطة استثمارية واسعة تخدم قطاعات كبيرة وتحسن الانتاج وتوفر فرص عمل للكثيرين؟ ام ان مفهوم الاستثمار لدينا يظل محصورا بالعقار وفق معطيات سنوات خلت؟ بمعنى ان فكرة توفير الامن الغذائي للسكان من بين اولوياتها تنمية ما لدينا في حين ان الامن الغذائي لا يتجزأ فكل جانب يمكنه ان يسهم في ذلك، والثابت ان الثروة الحيوانية من بين مصادر دخل السكان وامنهم الغذائي وهناك بلدان تعتمد في اقتصادها على الثروة الحيوانية. نحن قطعا لا نطمح لذلك من منظور ما لدينا من مقومات، لكن ذلك لا ينفي اعطاء اهتمام اكبر وتوفير مناخ مناسب لهذه الأنشطة وتلك، فبلادنا لديها مقومات كثيرة الا اننا نعاني اصلا من سوء ادارة تلك المقدرات للأسف، ما يجعلنا نعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد.. اليس من المضحك مثلا ان نستورد معلبات الاسماك والطماطم في حين انها تتلف في موسم الذروة؟ فهل من المستحيل اقامة مصانع تستوعب الإنتاج؟ لاشك أن لدينا خللاً في مفهوم الاستثمار وغياب رؤية في التخطيط لمثل تلك المشاريع.