السينما المتهم الأول :
القاهرة / 14اكتوبر / هناء عزت :أكد نقاد وسينمائيون أن السينما ساهمت في هبوط مستوى الأغنية بوجه عام في الآونة الأخيرة وأن ضعف السيناريوهات السينمائية قابله ضعف في مستوى الأغنية ،بعدما أصبح ما يقدم في دور العرض السينمائي سواء في الموسم الماضي أو الحالي من أغاني هابطة تخدش الحياء من رقص خليع وكلمات سفيهه لاتخدم المشاهد ويتم إقحامها في الفيلم كنوع من الإثارة .وقالوا أن الغناء بعد أن كان للإحاسيس وللحب وللعمل أصبح للحمير والحشرات والفاكهة بأنواعها من عنب وبلح وغيرها، ورغم كل ذلك تجد أن لهذه الأغاني شعبية كبيرة لدي الجمهور ويرددها إستعراضاً لأغنية "البلح والعنب" لسعد الصغير "التوتو ني" لنيكول سابا و"الجزر"،والكارثة أن من يقومون بكتابة هذه الأغنيات شعراء معروفين نجحوا في الفن الجيد الذي يحترمه الجميع. وأكد منتجون في سوق الكاسيت أن الجمهور يقبل علي هذه الأغاني بقوة ، فبعد شهرة "العنب" لسعد الصغير، واللي سرق العنب لبعرور، نجد أن أغنية "أركب الحنطور واتحنطر" لأمينة أخذت أيضاً شهرة كبيرة، ويبدو أن زمن الغناء للعيون والرموش والشعر الحرير إنقلب وأصبح للديوك والحمير والكلاب والكتاكيت والعنب والبلح واللبن والحنطور، هذه الأغاني ليست جديدة لكن الغريب أنها أصبحت على شريط السينما وفي شرائط الكاسيت بعد أن كانت لمطربين مجهولين مثل "مريم جمال" والتي غنت "شوف الجوازة الشيك بين وزة وأحلي ديك". طرحنا عدد من الأغاني التي يرددها العامة، وتطرقنا لآراء الملحنين والشعراء لمواجهة هذه الظاهرة التي تفشت علي الساحة الغنائية ، مروراً ب"النملة النونو اللي بتحب الفيل" للمطرب إبراهيم عدوية، وانتهاء بعيد ميلاد الفيل الذي حضرته كل الحيوانات، بالإضافة لرائعة شعبان عبدالرحيم "أنا بحب الحمار.. بجد مش هزار".من هنا لم نندهش كثيراً من قرار المطربة الشعبية "أوسا" في التقدم للجنة التظلمات بالرقابة علي المصنفات الفنية خلال قرار الرقابة التي أفضت أغنيتها "الكلب لولو" بدعوى أن الأغنية تتضمن ألفاظاً جنسية وإيحاءات صريحة عن علاقة فتاة بالكلب الذي تملكه وتربطها به علاقة شاذة ، وأكدت المطربة التي رفعت دعوي قضائية ضد الرقابة، أن الأغنية لاتتضمن أي إيحاءات شاذة كما فسرتها اللجنة معللة أن موضوعها عادي جداً وبسيط بل وهادف أيضاً ، وأيدها في حالة الغضب والرفض المؤلف "سيد عبده" صاحب الرصيد الكبير من هذه الأغنيات، وفي مقدمتها أغنية يرصد فيها مشاجرة شرسة بين أسد ونمر أن يصل الأمر لتدخل كل الحيوانات ليكتشفوا أن السبب في الخناقة يتعلق بالشرف والكرامة بعد أن غازل النمر أنثي الأسد.وقرر مصطفي كامل الشاعر الذي اتجه للغناء ثم التمثيل السير علي الدرب مقدماً لنا أحد إبداعاته والتي تستغيث فيها الفرحة المسكينة من القطة الشرسة.[c1]أغنية البانجو[/c]وقام الشاعر "سيد إمام" الذي اتجه للغناء منذ ثلاثة أعوام بتقديم أغنية عن البانجو الذي خاض بسببها معركة شرسة مع "شعبان عبدالرحيم"، حيث راح كل منهما يؤكد أحقيته للأغنية وعندما حسم الأمر لصالحه أصدر الأغنية حتي يرد علي أغنية مصطفي كامل قائلاً أن الديك ملوش وظيفة.. يتجوز وزه ليه.. الوزة عشان لطيفة.. قوام لفت عليه، واستشهد برأي بطة كانت شاهدة علي جوازهما.ومن جانبه قرر الشاعر أمل الطائر الرد عليهم من خلال أحد مؤلفات والده الشاعر الراحل مصطفي الطائر والذي يعود له السبق أول بتأليف أول أغنية من هذا النوع، ويدور موضوعها حول حكاية فرخة في عصمة فرارجي من الفرارجية.وعلي الفور قرر المطرب الشعبي حمدي بتشان صاحب "الأساتوك" الرد علي كل هذه الافتراءات بتصعيد الأمر للقضاء حتي يحسم كل هذه الخلافات فقال: "الوزة رافعة دعوي على الديك بتاع بولاق"، إلي أن المطرب الشعبي طارق الشيخ للرد علي هذه المزاعم وتفنيد الدعوي مؤكداً أن العصافير بريئة تماماً من هذه الادعاءات لكون العصفور مكسور الجناح، مؤكداً أن الأمر محسوماً من البداية علي يد المنتج نصر محروس حينما أصدر ألبومه الشهير "الفريكيكو" وتتغني فيه الفرخة قائلة: رقصني يا معلم.. قطعني يا معلم.. أشويني يا معلم.. الهفني يا معلم".ومن جانبه قرر الشاعر محمود الهوا السير علي الدرب بتدليك الحمام الذي يملكه قائلاً: نويت أربي الحمام ويا سلام ع الحمام" فأعرب المنولوجست عادل الفار عن استيائه الشديد مما يحدث وراح يرصد لنا قصة حب فاشلة بين معزة وخروف ، وطريقة غناء "بنات شبرا" علي طريقة فرح اللمبي الشهير حيث احتفلت كل الحيوانات بزفاف الأسد علي الغزالة الحلوة.[c1]هبوط عام[/c]وأكد نقاد ومتابعون للوسط الفني في مصر أن السينما ساهمت في هبوط مستوي الأغنية بوجه عام في الآونة الأخيرة وأن ضعف السيناريوهات السينمائية صاحبه ضعف في مستوي الأغنية لأنها تناقش موضوع الفيلم، فإذا كان الفيلم ينتمي للأعمال الجادة لابد أن تكون الأغنية جادة وقيمة ،و نظراً للدعاية المكثفة، للأفلام السينمائية واستقدام هذه الأغاني للإعلان عن الفيلم يتم عرضها علي الفضائيات وبشكل مكثف طوال فترة تواجده في السينما أو دور العرض .وقالوا : أن الرقابة مسئولة عن تفويت مثل هذه الأغاني التي تخدش الحياء سواء بالألفاظ أو الحركات أو الرقص الخليع قدر مسئوليتها عن المادة الدرامية وطريقة تصويرها، مؤكدين أن هناك أغاني قدمت من أجل خدمة النص الدرامي علي شكل أغنية عادية مثلما حدث في فيلم "الكيف" .[c1]تقليد أعمي [/c]وأكد الموسيقار محمد سلطان أن الأسباب التي أدت إلى هبوط الأغاني والسينما هو تقليدنا الأعمى للفن الأمريكي والأوروبي، فالأغاني التي تقدم بالأفلام ليست وحدها الهابطة، بل كل الأغنيات تقريباً لدرجة أن عشاق الطرب أنفسهم أصبحوا يتلقون الأغنية بأبصارهم وليس بآذانهم علماً بأن الأغنية مخلوق للسمع وليس للبصر، وعندما وصلت الأغنية لهذا الانحدار رأي المهتمون بالسينما إنها أصبحت مناسبة لأفلامهم.بينما يري الموسيقار حلمي بكر أن الجمهور هو السبب الرئيسي في حالة تدني الفن يعتبره العنصر المساعد على تدمير السينما والغناء مشيراً إلي أن الجمهور هو الذي يشجع علي انتشار هذه الأعمال الغريبة وأصبح مثل الأطرش في الزفة، وأصبح لا يميز بين الصوت الجيد من السيئ، والقليل من الجمهور هو القادر علي التمييز وتحول الأمر إلي "النكتة البايخة"، فقد أصبحت الأغاني تحمل الكثير من المفردات الخاصةبقاموس الحيوانات والحشرات، وهناك مطربون قدموا أغنيات للطيور مثل أغنية "عندي حمامة" التي فيها إيحاءات جنسية، وأيضاً أغنية "بحبك يا حمار" و"بيئة طحن" وأغنية تقول "لا بالطويل ولا بالقصير ولا بالتخين ولا بالرفيع".ويشير حلمي :لابد من تدخل سريع للرقابة علي المصنفات الفنية ونقابة المهن الموسيقية من أجل وقف هذه المهزلة المتمثلة في قيام بعض الأصوات النشاز بتقديم أغاني تحمل كلمات مسفة، ولابد من تدخل النقابة والرقابة علي المصنفات الفنية، لأن الذوق العام أهم بكثير من أي شيء.ويختتم الموسيقار د. جمال سلامة أن الإبداعات الغنائية عبارة عن فكرة يراها البعض سيئة ويراها البعض الآخر جيدة وهذه هي حرية التعبير لأن هناك أغاني مثل التي قدمها سعد الصغير منعت من التليفزيون المصري لكنها عرضت علي الفضائيات يمكن من يرفض هذه النوعية من الأعمال الفنية لا يشاهدها.ويضيف : اليوم معظم الأغاني انحرفت إلي طريق آخر، فأنا لست ضد ما يقدم لأنني علي يقين بأن كل فنان له الحرية في أسلوب تناوله للفن طالما مقتنع به، لكن ليس معني ذلك أن يقدم السيء، فرغم سعادتي بالحرية التي توصلنا إليها لكن أطالب بتقديم فن محترم.