إنصاف تاريخ الثورة 3-3
بقلم / نصر صالح : مثلما شاب التناولات التي تعرضت لمجريات أحداث ثورة 26 سبتمبر 1962م من التباسات التباين في الروايات: وعدم الدقة في توثيق الأحداث و .. و.. ، كذلك صار نفس الشيء لمجريات أحداث ووقائع المحطات المفصلية في ثورة 14 أكتوبر 1963.. بل لعل ما صار - هنا- أكثر.. حيث أخضعت الكتابات التي تتعلق بثورة أكتوبر إلى رقابة صارمة وإلى التوجيه السياسي والأيديولوجي المحدد. ولم يقف الأمر عند هذا، إذ كان كل فريق منتصر يكتب التاريخ وفق مايراه، ويحذف أو يشوه دور الخاسر وكان ذلك على امتداد الزمن الواقع منذ30 نوفمبر 1967م حتى 22 مايو 1990م.. بل وتواصل على نحو ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية. وكما هو معروف فقد كان يحدث ذلك على امتداد الصراعات الداخلية التي كانت تحسم بدورات دم. التاريخ يكتبه المنتصر: والمقولة المعروفة " التأريخ يكتبه المنتصر" تختزل كل ما جرى ( ويجرى).. فحقائق التاريخ لا تكون في كثير منها حقائق.. ذلك أن مجريات الأحداث يتم فرزها وتبويبها بحسب ما يريد الطرف المنتصر ويختار منها ما تصلح له ويحذف أو يتجاهل ما تبقى.. ومن الأحداث والوقائع التي ترى النور كثيراً ما تكون قدتم العبث في صياغتها. حق.. من الحقوق: إننا، وقد أصبحنا نحيا عهداً جديداً لم يعد فيه أي نوع من الرقابة أو الحجر على الكلمة والفكر والمعلومة والبحث العلمي.. والرأي، لم يعد هناك من مفر للمراجعة والتصويب.. وإعادة كتابة تاريخ الثورة بصدقية وشفافية حيث يغدو ذلك حقاً مدنياً مواطنياً وإنسانياً مكفولاً شريعة ودستوراً. إن من الحقوق الأساسية للإنسان: المعروفة والمعلومة. وعليه، فقد بات تحقيق ذلك واجباً ملزماً للمعنيين من المختصين ( باحثين، مؤرخين وصحافيين) ومعهم، للمساعدة والتدقيق في توثيق الوقائع كل من عاصر / أو شارك - على نحو ما في صنع هذه الوقائع في أي فترة أو مرحلة من مراحل الثورة.. وطبعاً بتبني ورعاية الدولة، وسلطتها السياسية الديمقراطية. إنصاف الثورة : يمتلك اليمانيون تأريخاً كفاحياً نضالياً جهادياً مشرفاً و طويلاً- وتجارب متراكمة وغنية. وتاريخ ثورتنا محط اعتزاز لنا.. واليمانيون بطبعهم، الثورة منغرسة في وجدانهم، كانوا كذلك ومازالوا، رغم تبدلات الزمن.. وتطور الأشياء. إن تاريخ ثورتنا نحبه كما هو عليه، فإذا كان من سلب في عدد من أحداثة ( أو في محطات ما ) فيغلب الإيجاب في معظمة إجمالاً. ولأضير، أو حرج من ذكر السلب فيه بشفافية.. لأن في ذلك التزاماً معنوياً وأخلاقياً بالصدقية ولعل في ذلك ما يفيد لاستخلاص الدروس والعبر من أخطائنا بما يخصنا من الواقع بمثلها مستقبلاً. ختاماً: ختاماً، أرى واجباً علي، أن أشير إلى ما يبذله الجادون في هذا المجال.. أفراداً ومؤسسات.. كمثل ما يقوم به - حالياً فريق عمل شبه متكامل حتى الآن وهو في طور أن يكتمل بقيادة الأستاذ سعيد أحمد الجناحي/ الصحافي المخضرم والكبير والأديب الكاتب الباحث والمؤرخ/ رئيس مركز الأمل للدارسات والصحافة والنشر ومركزه صنعاء، ويعمل أفراده وهم من أصحاب التخصصات في عدد من محافظات الجمهورية. والمشروع ضخم وموسوعي وجامع لكل تاريخ اليمن.. ولعل من الواجب - أيضاً لفت انتباه الجهات الرسمية العليا لدعم هكذا عمل ضخم. كما لن يفوتني أن أشير إلى جهود صحيفة 26 سبتمبر ورئيس تحريرها العميد ركن/ الأستاذ علي الشاطر. في إقامة الندوات العلمية الخاصة بتوثيق تاريخ الثورة اليمنية، وعلى امتداد سنوات مضت وحتى الآن. وهناك جهود أخرى كثيرة تستحق أكثر من مجرد الإشارة إليها. غير أن معلوماتي بها قليلة.. ولعلي أتحدث عنها في مناسبة قادمة بعد توافر المعلومات اللأزمة..
