يعتبر الثأر من أخطر المشاكل في المجتمعات المتخلفة التي تهدد وحدتها وتفكك روابط بنيتها خاصة المجتمعات التقليدية الكلاسيكية المتأثرة بالعلاقات البدوية وتضرب اطنابها اكثر واعمق في تلك المجتمعات ذات الاقاليم التي لاتتوفر فيها وسائل الضبط الاجتماعي الرسمية والمتمثلة بقوات الامن والمحاكم واجهزة العدل الموجودة في المجتمعات المتحضرة والمتمدنة ومجتمعات كهذه لاتوجد فيها وسائل الضبط الاجتماعي الرسمية هي اساسا مجتمعات متأخرة حضاريا ومدنيا تغلب عليها النزعة القبلية ويستفحل فيها طابع الثأر الى درجة الاعتقاد بانه الخيار الذي لابد منه في حسم المنازعات التي تتعلق بقضايا الحياة كالزواج والطلاق والارض والنهب والتخريب تطبيقا لمبدأ القول (العين بالعين والسن بالسن) ولان الاعتقاد السائد بان الثأر يجلب لفاعله ولقبيلته وجماعته السمعة والشرف الرفيع لكنه في حقيقة الامر يجلب الكثير من الاضرار على المجتمعات .فهو يؤدي بها الى ان تفقد مقومات بنائها وكذا يجعلها عاجزة عن القيام بوظائفها الاساسية وخاصة اذا ما حدث لهذه المشكلة ان تغلغلت في مجتمع المدينة بحكم الهجرة الريفية غير المنظمة بعاداتها وتقاليدها الموروثة تضاف الى المشاكل الاجتماعية المزمنة التي تشكو منها المدينة كازدحام السكن والبطالة. وهذه الظروف قد تؤدي في كل الاحوال الى ارتكاب جرائم مماثلة كما ان لمشكلة الثأر اسباب نفسية واجتماعية وسياسية معقدة يمكن لنا ان نذكر اهمها. فمن الاسباب النفسية وجود الغريزة العدائية المتأصلة في طبيعة الانسان حيث ان سلوك الانسان اليومي حسب آراء البروفسور (مكدوكل) والبروفسور (فرويد) ما هو الا انعكاس للدوافع الغريزية الموجودة في مستوى العقل الباطني للانسان والتي تدفعه للقيام بأعمال كثيرة منها ما هو ضروري لسد حاجاته البيولوجية او النفسية او الاجتماعية فسلوك الاخذ بالثأر هو عمل عدائي يرجع سببه الى وجود غريزة الحرب والدمار والموت في الانسان بعدما يشعر بأن هناك جوا اجتماعيا يشجعه على القيام بهذا العمل والمتمثل بالبيئة التي تسيطر على مجموعة من التقاليد والعادات والمثل والقيم والمقاييس الاجتماعية التي تقر وتسند عادة الأخذ بالثأر لذلك فكلما ازدادت قوة وسائل الضبط الاجتماعي الرسمية أي قوة اجهزة الدولة القضائية كلما تقلصت مشكلة الاخذ بالثأر اضافة الى العمل على تغيير طبيعة العادات والتقاليد والقيم والمقاييس التي تقر وتبرر شرعية وجودها.
|
ثقافة
الثأر ووسائل معالجة أسبابه ثقافياً
أخبار متعلقة