يشترك جميع الناس في هذه الكرة الارضية في مادتين بالضرورة هما : الولادة ، والوفاة، ولم يشغل اذهان الناس شيء كالموت على مر العصور، وما وجد من نقوش وكتابات في تاريخ التعامل مع الموتى وما صاحب ذلك من طقوس مختلفة إلا دليل قاطع على أهمية هذا الحدث .فالموت هو توقف وظائف الأعضاء الرئيسية "في الجسم" توقفاً تاماً ،وعدم قدرتها على العمل ذاتياً ، والموت في اللغة يعني زوال الحياة ، وقد عرفه الفقهاء بأنه نقيض الحياة، وهو خروج الروح من البدن قال تعالى "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى إلى اجل مسمى ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" صدق الله العظيم الزمر 42.ولاغراض تدقيق وتوحيد المفاهيم في هذا المجال، قامت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بتعريف واقعة الوفاة كما يلي : الوفاة هي الاختفاء الدائم لكل مظاهر الحياة في أي وقت بعد أن تكون الولادة قد أخذت مكانها "حدثت" ، كما اضيف إلى ذلك التوقف " مابعد الولادة" للوظائف الاساسية بدون القدرة على الانعاش .ان واقعة الوفاة لفرد ما ظاهرة بيولوجية بحتة بينما نسبة الوفيات في أي مجتمع ومتوسط الاعمار تحددها الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة لذلك فان لدراسة الوفيات بصفتها ظاهرة من الظواهر التي تتعرض لها سائر المجتمعات سواء كانت متقدمة أو نامية أهمية كبرى، فللوفيات اثرها على جوانب عدة في المجتمع، كما ان بعض خواص المجتمع لها ايضاً اثرها على الوفيات ، يضاف إلى هذا ان الدراسة العلمية لظاهرة الوفيات في اطار الدراسات الديموغرافية أدت إلى ايجاد وسائل تحليلية ونماذج اصبحت صالحة للتطبيق على ميادين ديموغرافية اخرى كالزواج والخطوبة والهجرة ، كما ن دراسة موضوع الوفاة تعد من اركان الدراسة السكانية ، لدورها الكبير في التأثير على السكان ، ولايبدو هذا الدور في انقاص عدد السكان فقط ، بل في ما تحدثه من تغييرات على تركيبة لسكان : النوعية والعمرية والاقتصادية وغيرها من التراكيب الاخرى، ويرجع ذلك إلى اختلاف معدلات الوفاة بحسب النوع والعمر والنشاط الاقتصادي والمستوى العلمي والاجتماعي بل وحتى الاختلاف في الدين والعرق . وختاماً يمكن القول ان دراسة موضوع الوفاة مهم جداً من اجل تقييم الاحوال الصحية في المجتمع ، وذلك من خلال وضع البرامج وتحديد الحاجات الصحية مستقبلاً ، كإنشاء المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية ومراكز الامومة والطفولة وتزويدها بالاختصاصين حسب الحالات المرضية. ولاتقتصر دراسة البيانات المتعلقة بالوفاة على معرفة معدل الوفاة العام فقط بل معرفة معدلات اكثر تفصيلاً كاستخراج معدلات الوفاة الخاصة بالنوع ، والعمر ، ووفيات الاطفال الرضع ، واسباب الموت مع تتبع هذه المعدلات خلال فترة زمنية معينة لمعرفة الاتجاهات التي تأخذها هذه الظاهرة ، كما لابد من معرفة التوزع الجغرافي للوفاة حسب اصغر الوحدات الادارية للدولة .ومما يجدر ذكره هنا ان سبب النمو المرتفع للسكان في الدول النامية في الوقت الحاضر وماحدث في أوروبا في القرنين او الثلاثة القرون الماضية انما يعود إلى هبوط معدلات الوفاة لا إلى ارتفاع معدلات المواليد ، ذلك لان معدلات المواليد مرتفعة في الاصل ، وبالتالي فان انخفاض معدلات الوفاة هي السبب في ارتفاع نمو السكان ، لان الرغبة في التحكم في ضبط الموت لدى شعوب الارض لاسيما في الدول النامية اكثر من الرغبة في التحكم في ضبط المواليد. [c1]أمين عبدالله إبراهيم[/c]
أهمية دراسات وفيات السكان
أخبار متعلقة