يعتقد الكثير من السادة الفلسطينيين والعرب بأن الدولة الفلسطينية آتية قريباً ومن خلال التفاوض والرهان على الأمريكان تارة والرباعية والدول الأوربية تارة أخرى، بل وعلى التنازلات التي تقدم مجاناً وبلا ثمن لحكومة الكيان الصهيوني،وهذا من وجهه نظري لايمكن أن يتم،فالفكر الصهيوني والإستراتيجية الصهيونية ضد قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل،وتعالوا لنتحدث عن الوقائع.أولاً:لماذا لم يقيم المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة دولة فلسطينية بعد قرار التقسيم 1947،الصادر عنهم،بينما قامت دولة إسرائيل وثم الاعتراف بها من قبلهم؟ثانياً:لماذا لم يسمح بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم؟ثالثاً:لماذا لم يسمح بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة بعد نكبة 1948م؟رابعاً:لماذا لم ينفذ قرار 242 والذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967م؟الجواب وببساطة لأن الأرض والمنطقة هي قلب الصراع،وكان التاريخ السياسي للصهيونية وللدولة الإسرائيلية،وإلى درجة كبيرة وضعا لنقاش مستمر بشأن الطموح الإقليمي ومفاهيم الحدود،وكانت القضية الإقليمية- الحدود- أقصى تعبير عن التوسع الإسرائيلي،ولم تزل إسرائيل منذ نشأتها تعرف وتعد تعريف طموحاتها الإقليمية،ماهي الحدود النهائية لدولة إسرائيل.في عام1999م،وعندما جاء اليهود باراك للسلطة تعهد بالمحافظة على المستعمرات في الضفة الغربية وتقويتها وضمها إلى إسرائيل مع أجزاء كبيرة من الأراضي المحتلة،وأكد التزامه وحدة القدس تحت السيادة الإسرائيلية الحصرية وتوسيع المستعمرات في القدس،وحكومة العمل هي التي أخذت المبادرة عام 1967،بإقامة خط الكبوتسات العسكرية والمستعمرات على امتداد نهر الأردن.لقد كان الصهيونيون يشددون خلال الانتداب البريطاني على أن يشار إلى فلسطين رسميا كـ(أرض إسرائيل) كان لاستعمال القوة لضمان بناء الدولة،واستعادة "الأراضي القومية غير المستردة والتوسع الإقليمي اليهودي الثابت في أرض إسرائيل الكاملة أساس عميق في تفكير بن غوريون وتردد صدى هدف بن غوريون بشأن دولة يهودية تمتد إلى كامل فلسطين،في مذكرته إلى لجنة الأعمال الصهيونية التي اجتمعت في 17كانون الأول ديسمبرم 1983،بعد تخلص بريطانيا الرسمي عن مشروع بيل للتقسيم.لقد أعتبر الفكر الصهيوني السائد دائماً أن الدولة اليهودية من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن هي هدفه النهائي،ورؤيا "إسرائيل الكبرى" بوصفها الهدف النهائي للصهيونية لم تنته مع حرب 1948.واستمر السياسيون الصهاينة بقيادة مناحيم بيغن طوال سنة1949،وأوائل الخمسينات في المطالبة العلنية بالاستيلاء على الضفة الغربية وفي العام نفسه تكلم دايان بوضوح أكثر عن ابتلاع إسرائيل للضفة الغربية يجب أن تكون تخوم- حدود إسرائيل على نهر الأردن.في 22 تشرين الأول أكتوبر 1956،خلال اجتماع لمؤتمر سيغر السري عشية العدوان الثلاثي على مصر،قدم بن غوريون إلى رئيس الحكومة الفرنسية،غي موليه،خطة بعيدة المدى لإنشاء نظام جديد في الشرق الأوسط نظمت الخطة،عدى احتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء،وضمها بما يمنح إسرائيل عمقاً استراتيجياً،إطاحة الرئيس المصري جمال عبد الناصر،وتفكيك لبنان وضم الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني إلى إسرائيل،وإنشاء دولة مسيحية في أجزاء أخرى من هذا البلد،وتقسيم الأردن بين إسرائيل والعراق الملكي شرط أن يوقع العراق معاهدة سلام مع إسرائيل وأن يستوعب اللاجئين الفلسطينيين وبحسب خطة بن غوريون السرية تدول قناة السويس وتتحكم إسرائيل في خليج العقبة،وقد كتب دايان الذي حضر مؤتمر سيغر في سيرته الذاتية معالم بالعبرية أن بن غوريون زعم في سيغر أن لا حق للأردن في الوجود ويجب تقسيمه واعتقد أن خطة سيغر تلاءم المصالح الاستعمارية لفرنسا وبريطانيا وتعزز مواقعها المتداعية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.دايان هو الذي عمل وأكثر من أي شخص مؤسساتي أخر على ترويج مفهوم إسرائيل الكبرى وبدء الدمج الفعلي للضفة الغربية وغزة،ودايان هو الذي أطلق عند وصوله ‘إلى حائط المبكي في القدس القديمة الكلمات الشائع ترويجها "لقد عدنا إلى كل ما هو مقدس في بلدنا،لقد عدنا ولن نفترق ثانية أبداً".أنا شخصياً لم أرى تغير في الإستراتيجية الصهيونية ولن أتوقع أي تغيير في المستقبل،إسرائيل بؤرة استيطانية ومشروع صهيوني عنصري احتضنه الغرب وتبناه وساعد على تزويده بكل أسباب البقاء والولايات المتحدة وريثة الاستعمار القديم ومحتكر الاستعمار الجديد،كانت قد ثبتت المشروع الصهيوني الذي هو في الأساس مشروع استعماري غربي يعتمد على مبدأ الترحيل والاستيطان وتفاعلت مع الرؤيا الإسرائيلية وانحازت لتحقيق مصالحها الخاصة إلى تبني الأفكار الصهيونية المرتكزة على مبادئ الردع والقوة في التعامل مع الجانب العربي.أن مصالح الولايات المتحدة لإبقاء المنطقة العربية تحت سيطرتها ولاستمرار استغلالها الثروة النفطية العربية الهائلة،وجدت في إسرائيل ضالتها المنشودة لتحقيق هذا الهدف الذي تعده هدفا استراتيجياً مهماً.أن اندماج المصالح الإسرائيلية مع مصالح الدولة الأمريكية أصبح أمراً يصعب التفريق بينهم وخاصة بعد إعلان أمريكا حربها على الإرهاب.لقد بلغ عدد السفراء اليهود في إدارة بوش الابن عن 24 سفيراً،منهم 3 سفراء في دول إسلامية.أن ما توفره أجهزة الإعلام الأمريكية من مواد ودعايات لصالح لإسرائيل ومواقف معادية للقضايا العربية لابد أن يوصى بأن العلاقة المتينة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي علاقة إستراتيجية تبنتها الإدارات الأمريكية منذ قيام الدولة اليهودية.هل بعد هذا كله نأتي نحن الفلسطينيون والعرب ونراهن على إعطائنا دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة؟..هل بعد هذا كله نراهن على أمريكا؟بالأمس القريب وقعت حماس وفتح اتفاق مكة برعاية المملكة العربية السعودية ونحن مع هذا الاتفاق،وحقق منجز كبير بوقف الاقتتال الفلسطيني ونزيف الدم،لكن ما هو الجواب الأمريكي؟..تابعت لقاء على قناة الجزيرة قبل أيام قليلة مع عزام الأحمد وعبد الباري عطوان وكان السؤال الموجه لعزام الأحمد عن اتفاق مكة والموقف الأمريكي منه،فأجاب:الدول العربية باركت الاتفاق وكذلك الرباعية والدول الأوربية،فلماذا لا توافق أمريكا؟يجب أن توافق.ونفسه السؤال وجه لعبد الباري عطوان،فأجاب بعرضه قصة طريفة ومرافقته والذهاب عند الملك لخطبة ابنته،فتعجب الأب وقال:كيف نذهب ولا يمكن أن يقبل الملك،ولكنهم ذهبوا عند الملك وعند خروجهم سألهم أحد الأقارب،ماذا فعلتم قالوا:نحن وافقنا والملك رفض.خلاصة القصة أن المهم أن توافق أمريكا(الملك)،ثم جاء جواب أمريكا في لقاء رايس مع الأخ أبو مازن ثم في اللقاء مع اولمرت.ثم جاء الجواب في اولمرت وقال أنا اتصلت مع بوش تليفونيا ونحن نتفقون في الموقف،يجب الاعتراف أولاً،طيب وماذا بعد الاعتراف،لقد اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل في اتفاق أوسلو وعدلت الميثاق وشطبت بند الكفاح المسلح. لقد وافقت منظمة التحرير على خارطة الطريق ولقد..ولقد..ولقد!!!.ماذا كانت النتيجة؟إسرائيل لا تريد السلام وقالتها جلودا مائير يوما:لا يمكن أن نسمح بإقامة دولة فلسطينية تكون بمثابة السيف المسلط على رقبة إسرائيل،وقيام دولة فلسطينية يعني بشكل أو بأخر عند الإسرائيليين بداية نهاية دولتهم.فكيف يوافقون على إقامة هكذا دولة؟هل نفهم..,ومتى؟.
|
ثقافة
فكر واستراتيجية الصهيونية ضد قيام دولة فلسطينية
أخبار متعلقة