تصاعد أزمة الميليشيات المتطرفة في جامعات مصر
القاهرة / متابعات :عبر خبراء أمنيون متخصصون في شؤون المنظمات الإسلامية عن خطورة دلالات مشهد ارتداء طلاب في جامعة الأزهر وينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين زياً موحداً يشبه أزياء الميليشيات المسلحة، وقال مساعد سابق لوزير الداخلية المصري، "إن هذا المشهد يعني ببساطة أنه لم يعد مستبعداً أن تنفجر الأوضاع داخل الجامعات المصرية بما قد يؤثر سلبياً على مجمل الوضع السياسي في مصر"، لافتاً إلى أن هذا المشهد رغم أنه لا يشكل أمنياً أي خطورة في حد ذاته، لكنه يعبر عما يدور في خلد هؤلاء الشباب، كما يؤكد أن خيار العنف ليس مستبعداً تماماً، وأن قدرة جماعة "الإخوان المسلمين" على تأسيس جناح عسكري ليست محدودة، بل يمكنها ـ لو أراد قادتها ذلك ـ أن تؤسس جناحاً عسكرياً، بالتوازي مع أجنحتها الأخرى، السياسية والاقتصادية والدعوية وحتى البرلمانية .وربط المسؤول الأمني السابق بين هذا الاستعراض شبه العسكري الذي أداه الطلبة المنتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، وما سبق وصرح به مرشد الجماعة مهدي عاكف قبيل وقف إطلاق النار في لبنان، من أنه على استعداد لإرسال عشرة آلاف شاب مقاتل للقتال بجانب حزب الله اللبناني، وحذر المسؤول الأمني من الاستخفاف بتصريحات من هذا النوع خشية استفحال الأمر على النحو الذي تفاقم فيه وجود التنظيمات الراديكالية داخل جماعات مصر، خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي . ومضى المسؤول الأمني السابق الذي تحدثت معه (إيلاف) شريطة عدم ذكر اسمه ـ بناء على طلبه ـ قائلاً إن تغلغل نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، في كل قطاعات المجتمع المصري لم يعد سراً، وإن تحديهم للإدارة على هذا النحو الصريح في الجامعات ليس سوى مؤشر على حجم تغلغلهم في قطاعات اجتماعية أخرى باعتبار أن الجامعات هي الرافد الأكثر تعبيراً عن بنية المجتمع المصري، شأنها في ذلك شأن عدة مؤسسات قومية، طالما كانت "حائط الصد" أمام مخاطر تمدد نفوذ المنظمات الراديكالية المتطرفة، كالمؤسسات العسكرية والقضائية والأمنية وغيرها .وربط المسؤول الأمني السابق بين مشهد "ميليشيات الإخوان" التي شهدتها جامعة الأزهر قبل أيام، وتلك المصادمات الدامية التي جرت بين طلاب ينتمون إلى الإخوان وطلاب يساريين في السبعينات من القرن الماضي، داخل الجامعات المصرية، وهو ما يلقي بظلاله على حجم مخاطر هذا المشهد الإخواني، واستدرك قائلاً إن اعتذار الجماعة عن هذا المشهد ليس حلاً مثالياً لهذه الواقعة، بل ينبغي على أجهزة الأمن أن تعيد تقويم استراتيجيتها الحالية نحو الجماعة، وأن توجه ضربات حاسمة لأي مظهر من مظاهر علانية أنشطة الجماعة، ومقارها شبه الرسمية، فهذا لا يتسق مع كونها "جماعة محظورة"، وفق القانون المصري .وكان طلاب من جامعة الأزهر قد أدوا عرضا بأزياء شبه عسكرية أمام مكتب رئيس الجامعة احتجاجا على فصل خمسة من زملائهم، حيث ارتدى نحو مئة طالب زيا أسود، ووضعوا أقنعة على رؤوسهم كتبت عليها كلمة (صامدون)، وأجروا استعراضا لمهاراتهم في ألعاب الدفاع عن النفس مثل "الكونغ فو" و"الكاراتيه"، بينما اصطفوا في طوابير منتظمة، وقد اكتفت قوات الأمن بتكثيف وجودها أمام المبنى الذي يضم مكتب رئيس الجامعة لمنع المتظاهرين من دخوله .ويرتبط هذا المشهد المشار إليه بما شهدته الانتخابات الطلابية في الجامعات المصرية مؤخرا، والتي أسفرت عن سيطرة المرشحين المنتمين إلى الحزب الوطني (الحاكم) على غالبية المواقع، في ظل غياب الطلاب عن المشاركة في التصويت، بسبب أحداث العنف التي شهدتها الجامعات، احتجاجا على استبعاد الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان ووصلت إلى حد استخدام الأسلحة البيضاء والجنازير وقنابل المولوتوف في اشتباكات دامية بين الطلاب، فضلا عن اشتباكات بين الطلاب المعارضين وقوات الشرطة، ما أعاد إلى الأذهان وقائع دموية جرت في السبعينات من القرن الماضي، حين قرر الرئيس الراحل أنور السادات الاستعانة بجماعة الإخوان لحصار الطلاب اليساريين والناصريين، وفشل احتضانه للجماعة في بداية حكمه، بعد أن انقلبت عليه ودخلت في مواجهات عنيفة مع نظام حكمه وصلت إلى حد اغتياله.و في أول رد فعل من قبل أجهزة الأمن المصرية على استعراض "ميليشيات الإخوان المسلمين" داخل حرم جامعة الأزهر، شنت الشرطة حملة مداهمات واسعة لعدد من قادة ونشطاء الجماعة، امتدت إلى توقيف محمد خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة وحوالي عشرة من قيادييها، فضلاً عن العشرات من أعضائها خلال الحملة الأمنية.وتأتي هذه الحملة في أعقاب الاستعراض شبه العسكري الذي نظمه يوم الأحد الماضي طلاب في جامعة الأزهر ينتمون لجماعة "الإخوان المسلمين" وقد تركزت الحملة الأمنية فيما يبدو على قيادات الجماعة المرتبطة بحركة طلابية في جامعة الأزهر أسست ما أسموه "اتحادا طلابيا حراً"، بعد استبعاد طلاب من الإخوان رشحوا أنفسهم لاتحاد الطلبة .وشنت الصحف الحكومية والمعارضة والمستقلة على السواء هجوماً شرساً على سلوك طلاب جماعة "الإخوان المسلمين"، واعتبره معلقون ومحللون استعراض قوة يعني أن الجماعة تستطيع تأسيس "جناح عسكري"، وهو ما نفاه قادة الجماعة، واعتبروا أن هذا الأمر اتخذ أكثر من حجمه على حد تعبير النائب الأول لمرشدهم العام محمد حبيب .وبينما أعلن محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" رفضه لما أسماه "عبث الطلاب"، فقد نفى نائبه الأول محمد حبيب أن تكون الجماعة قد شكلت ميليشيات، وقالت الجماعة ان الطلاب أجروا الاستعراض من تلقاء أنفسهم .وقالت جماعة الإخوان في بيان حمَل توقيع مرشدها العام "إن هذه الحملة اتخذت من مسرحيةٍ اصطَلَحت بعضُ أجهزة الإعلام على تسميتها بـ"ميليشيات الأزهر" ذريعةً لتصوِّر الإخوانَ على أنها جماعةٌ لها من الأغراض غير المعلَنة ما يتسم بالعنف"، وفق بيان الإخوان .كما تقدَّم طلاب الإخوان بجامعة الأزهر باعتذارٍ عما وصفوه بالصورة السلبية التي أعطاها "الاستعَراض الرياضي التمثيلي"، الذي قاموا به ضمن الاعتصام للاعتراض على فصل 8 طلاب لمدة شهر من الدراسة، لنشاطهم في الدعوة لانتخابات ما يسمى الاتحاد الحر بالجامعة .وشملت حملة المداهمة التي بدأت فجر أمس الخميس عدداً من قيادات الجماعة من أبرزهم : ممدوح الحسيني، ود. فريد جلبط أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، والدكتور عصام عبد المحسن الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، والمحاسب ياسر عبده الأمين العام لنقابة التجاريين بالجيزة، ورجل الأعمال صادق الشرقاوي، ومحمود المرسي، والدكتور محمود أبو زيد أستاذ الجراحة بطب القصر العيني، والدكتور محمد بليغ بمعهد الرمد بالجيزة، والصحافي أحمد عز الدين، ومصطفى سالم .وتأتي هذه الحملة الأمنية بعد أيام من الإفراج عن قياديي الجماعة محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد وعصام العريان المسؤول السياسي في الجماعة .وهنا تجدر الإشارة إلى أن الشاطر هو المسؤول الأرفع مكانة في الجماعة الذي تعتقله الشرطة المصرية منذ الإفراج في (أغسطس) الماضي، عن الأمين العام لمكتب الإرشاد محمود عزت .