اصدر مؤخراً مكتب وزارة الثقافة بمحافظة حضرموت-المكلا-كتاباً يحمل قدراً كبيراً من معاني الوفاء والعرفان واحترام المسؤولية ففي بادرة تفيض صدقاً وجدية أقام المكتب حفلاً تأبينياً مهيباً بمناسبة مرور عام على رحيل مدرب الفنون الشعبية الفنان المسرحي “عمر درهم احمد” الذي وافته المنية بدولة الإمارات العربية المتحدة.في حفل التأبين الذي أقيم بمركز بلفقيه الثقافي بمدينة المكلا في النصف الثاني من ديسمبر الجاري تم توزيع ذلك الإصدار الأنيق الموسوم” عمر درهم الساكن في الوجدان” .. فمن هو ياترى عمر درهم احمد؟!مدرب فني من طراز رفيع،وفنان مقتدر وموهوب، مصمم رقصات بارع.. مثل حضرموت واليمن عربياً ودولياً.. ساهم وشارك في اغلب المهرجانات الفنية والمسرحية لفترة تزيد عن ربع قرن.. عشرات الأعمال المسرحية كان احد أطراف نجاحها.. ترك اثراً لا ينسى حيثما ذهب ودابة لتطوير أدواته وقدراته الفنية والمهنية ناهيك عن سرعة نسجه علاقات حميمة وعميقة مع جميع زملائه دون استثناء.. وهذا ما أكده الأستاذ صالح سعيد باعامر الأديب المعروف مدير مكتب وزارة الثقافة بحضرموت حين كتب في تصدير الكتاب السالف الذكر.. قائلاً:“انه الزميل والصديق والرفيق الفنان المتألق والمبدع الأصيل الذي حلق في سماوات الحب والجمال، ليبدع فناً أجمل من الفن، وحباً لن ينضب مدى الحياة”دعونا نحاول الاقتراب من محتويات الكتاب الذي ينقسم إلى أربعة أبواب.. الأول يتضمن التصدير الذي كتبه الأستاذ باعامر ثم نعي من مختلف الأطر الفنية بحضرموت، ويليه برقية عزاء من منتدى الخيصة .. مايمكننا استخلاصه من معلومات قيمة عن الراحل في الباب الأول للكتاب نجدها في كونه من أوائل الكوادر الفنية التي نالت تاهيلاً اكاديمياً عالياً، فالفنان الراحل عمر درهم حاصل على ماجستير من “جامعة طشقند” في الفنون الشعبية، ويعد احد أهم المدربين في الفنون الشعبية في اليمن.قدم العديد من الرقصات الشعبية واللوحات الفنية الجميلة التي عبرت عن الفن الشعبي الأصيل.. وكان احد المدربين اليمنيين الذين شاركوا في انجاز العمل الفني الكبير “ خليت براقاً لمع”.الباب الثاني من الكتاب ضم اكبر عدد من صفحاته فهو في الحقيقة مادة الكتاب، حيث احتوى جملة من الشهادات والمقالات لزملاء الفقيد واصدقائة ومحبيه ولذا فقد جاءت مؤثرة وصادقة معبرة عن حقيقة وأهمية الدور الذي قام به الراحل في توثيق ونشر الموروث الفني الشعبي لمنطقته حضرموت واليمن عامة فالراحل يعتبر احد أهم الفنانين الذين أوصلوا هذه الرقصات الشعبية الحضرمية الى مختلف بقاع العالم.عمر درهم وفرقة الفنون الشعبية بحضرموت قدما خلال عقد الثمانينيات من القرن المنصرم اعمالاً فنية فريدة ورائعة في مختلف البلاد العربية والأجنبية في القاهرة وصنعاء وعدن وابوظبي وألمانيا وغيرها حيت أعطوا صورة حقيقية للفن الأصيل والموروث الشعبي النبيل الصاعد من أرضنا اليمنية الطاهرة.كتب الفنان المعروف أنور سعيد الحوثري عن صديقه الراحل عمر درهم قائلاً:“إن الحديث عن الكيف والحال والمكان في مسيرة النجوم أمثال عمر درهم حديث لاتكفيه الجراح وقصائد المدح والعويل ولكن ينبغي أن يكون باعثاً على استعراض حياته في كتاب” .وفي تقديري هذا الكتاب الذي بين أيدينا عن الفنان الراحل عمر درهم يحمل قدراً كبيراً من الوفاء وكذا التوثيق لمسيرة هذا الفنان وهو عمل وجهد يستحق الإشادة به وشكر الذين قاموا به، وفي مقدمتهم الأستاذ صالح باعامر والزملاء الفنانون والصحفيون الذين قدموا شهاداتهم مثل بدر بن عقيل وفؤاد راشد وبوعمر وسعيد بازهير وأرملة الراحل وآخرين.الباب الثالث ضم بين دفتيه مجموعة من الشهادات التقديرية من جهات مختلفة وفي أزمنة متعددة توثق عدد من المشاركات والمهرجانات الداخلية والخارجية للفقيد الفنان عمر درهم.ابرز تلك الشهادات وسام الواجب الذي حصل عليه من فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح تكريماً للفنان الراحل على مشاركته الفاعلة في إنجاح اوبريت “ خليت براقاً لمع” هذا العمل الفني الرائع الذي سيبقى مميزاً وبديعاً وهادفاً انطلاقاً من قيمته الفنية والفكرية والثقافية والسياسية في الذكرى العاشرة لانتصار شعبنا اليمني في تحقيق لحمته الوطنية ووحدته الأبية الراسخة رسوخ جبال نقم وشمسان وعيبان.الباب الرابع والأخير،احتوى صوراً تذكارية للفقيد مع فنانين يمنيين وعرب كبار مثل لطفي بوشناق من تونس وجعفر حسن من العراق، وصور أخرى خلال عمله في ابوظبي مدرباً لفرقة التراث الشعبي هناك.المطلع والقارئ هذا الكتاب سيجد فيه مادة حقيقية يستطيع خلالها التعرف على سيرة وجهود هذا الفنان وإخلاصه لفنه، ودأبه تقديم المفيد والجديد.الحقيقة لقد لفت انتباهي الطباعة الجيدة للكتاب والإخراج الرائع له والتبويب الممتاز لمفرداته.. وهذا قلماً نجده في مناسبات كهذه، ولذا فأنني اكرر الشكر لمكتب وزارة الثقافة بحضرموت –المكلا- على هذه البادرة الرائعة واللفته الإنسانية الجميلة.
|
ثقافة
بادرة وفاء رائعة يتبناها مكتب الثقافة في حضرموت
أخبار متعلقة