صباح الخير
نشرت بعض الصحف خلال الفترة المنصرمة موضوعات تناولت أوضاع شركة مصافي عدن التي وصفتها بالخاسرة اقتصادياً بل إن أرباحها للفترة ( 2002 - 2006) كانت صفر% وقد استندت تلك الصحف إلى تقرير لجنة التنمية والنفط بمجلس النواب وكذا التقرير السنوي للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الخاص بالحسابات الختامية للمصفاة خلال العام المالي 2006م ودار لغط وجدل كبيران في الوسط الاقتصادي والصحفي حول ما تضمنه هذا التقرير المنشور للرأي العام الأمر الذي نراه من وجهة نظرنا الشخصية إضراراً غير مناسب بسمعة هذه المنشأة الاقتصادية المهمة والتي قاومت كل التحولات وصمدت في وجه الأعاصير التي عصفت بها وما زالت بين الفينة والأخرى. ومما لاشك فيه أن هنالك أطرافاً خفية تمسك بخيوط الدمى لتحركها يمنة ويسرة بحسب ما تقتضيه مصلحة تلك الجهات من دون مراعاة لما يمكن أن يلحق بهذا الرمز الاقتصادي العملاق من تشهير وتشويه السمعة وهز الصورة الحسنة المرسومة في كل أذهان الشركات الدولية والمحلية والإقليمية التي تعاملت وما زالت تواصل تعاملها مع مصافي عدن.وفي ما يبدو أن أخطاء شابت التقرير الذي لم يرفق معه رد المصفاة بخصوص التساؤلات والاستفسارات حول بعض الأنشطة المالية أدت إلى حدوث هذه الزوبعة من الخلاف الذي عاد إلى الصورة في اليومين الماضيين من خلال دعوة قيادة الشركة وسائل الإعلام إلى حضور مؤتمر صحفي وضع النقاط على الحروف وأزال الكثير من الشبهات التي ربما علقت في أذهان المتابعين للقصة منذ تفجيرها في مجلس النواب والصحف الأهلية.وأمام هذه الهجمة الشرسة لم تستطع قيادة المصفاة أن تقف مكتوفة الأيدي ولم تقبل بدور الضحية المغلوب عليها فوجدناها خرجت من صمتها لتنشر الردود الكاملة على التقرير وما تناولته بعض الصحف مستندة إليه وأوضحت الردود أن المصفاة قد وردت لخزينة الدولة “8 “مليارات ومائتي مليون ريال خلال العامين الماضيين “2006 - 2007م”، وأن صافي إرباحها للعام قبل المنصرم بلغ 5 مليارت ريال وهو ما يدحض ما جاء في الصحف بأنها لم تحقق أي أرباح في الأعوام الخمسة الأخيرة ، كما أوضحت الردود أن أرباح المصفاة لعام “2005م “بلغت “21” ملياراً وخمسمائة مليون ريال ، ناهيك عن التزاماتها المدفوعة للضرائب والجمارك والشركات التي تستورد منها النفط الخام لتكرره وتبيعه على هيئة مشتقات نفطية. والمعروف أن السوق العالمية شهدت ولا تزال تشهد ارتفاعاً متوصلاً في أسعار النفط وهو ما يعني ارتفاع كلفة الشراء التي شكلت بحسب رد المصفاة “56”% من إجمالي الصرفيات لعام “2006م “في حين شكلت كلفة المشتقات” 41”% وتوزعت الـ “3%” الباقية من إجمالي الصرفيات على بند الأجور والمرتبات كما قامت المصفاة بدفع مبلغ مليارين وثلاثمائة مليون ريال لعام “2005م” فواتير للدائنين مقابل غرامات تأخير تسديد التزامات ومديونية للغير وقد تحملت المصفاة هذا العبء نيابة عن شركة النفط اليمنية ووزارة المالية لأنهما بحسب إفادة المصفاة السببان الرئيسيان في تأخير سداد المستحقات وحين لجأت شركة المصافي إلى البنك المركزي للحصول على تسهيلات احتسبت عليها فوائد خيالية وصلت في مجملها إلى مليون وأربعمائة وسبعة وخمسين ألف دولار أمريكي لثلاثة أشهر للعام الجاري 2008م وتتحمل المصفاة دفع هذه الفوائد بغرض توفير مادتي الديزل والمازوت بدرجة رئيسة لتلبية احتياجات السوق المحلية ومنع أي إرباكات.ولولا أن المجال لا يتسع هنا لذكر كل ما جاء في رد شركة مصافي عدن على تقريري الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ولجنة التنمية والنفط والثروات المعدنية التابعة لمجلس النواب لأطلنا الحديث والتنقيب عن أبرز الإيضاحات التي حملها الرد فأزالت الالتباس وندعو القارئ للإطلاع على ما نشرته صحيفتنا الموقرة ( 14 أكتوبر) في صفحتيها الثامنة والتاسعة من العدد رقم (14187) المنشور في يوم الأحد\ الموافق( 27 /7/ 2008م )وذلك لمعرفة حقيقة الإشكالات التي نجمت عن نشر التقريرين المذكورين أعلاه منفردين دون ردود وإيضاحات لشركة مصافي عدن التي نعتبرها طوال خمسين عاماً تنتظر مشروعاً حيوياَ لإعادة تحديثها وتطويرها لمواكبة التقدم الحاصل في الصناعات النفطية وهي مسؤولية تقع على عاتق الدولة لحمايتها من أطماع الخصخصة والشراكة مع القطاع الخاص التي مازالت تراود مخيلة بعض أصحاب النفوس الذين لا يرغبون ببقاء أي منشأة عامة ناجحة على قيد الحياة.والثابت أن شركة مصافي عدن تضم في إطارها نحو ثلاثة آلاف موظف وعامل من الكوادر المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وهي تعيل الكثير من الأسر الفقيرة وتدعم مختلف الأنشطة التي تشهدها الساحة اليمنية وعلينا أن نقف في وجه كل المحاولات الرامية إلى استهدافها والاستنقاص من مكانتها والتقليل من الجهود التي تبذلها قيادتها للاستمرار في نشاطها ومواصلة عطائها .وإذا كانت الدولة لم تمنع رجال الأعمال والمستثمرين من إقامة مشاريع في القطاع النفطي بل وعلى استعداد لأن تقدم الدعم والتسهيلات اللازمة فإن هذا ينبغي أن يندرج في إطار خلق فرص متكافئة والتنافس الشريف ليكون الحكم للسوق والمستهلك وليس خلق الدسائس وحياكة المؤامرات والضرب تحت الحزام وهذا الميدان فأين الفرسان.وهذا ما أكده مجلس النواب من ضرورة الحفاظ على المصفاة وتحديثها وتحصيل مديونتها لدى الغير.