أغنية وشاعر
يكتبها : عياش علي محمدالشاعر صالح سعيد نصيب من مواليد 1936م، الحوطة لحج، تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة المحسنية ولكنه لم يتمكن من إتمام تعليمه لظروف خاصة، وتوجه للعمل في مجال البناء نظراً لظروفه المعيشية القاسية، فعاش ( متمرداً) ساخطاً على حياته الصعبة.تهيأت له الظروف فعمل مدرساً في محافظة أبين ( جعار) ولكن شبح التمرد لاحقه حتى أبين فترك التدريس وانتقل إلى سواحل عمران في عدن حالياً والتي كانت ضمن إطار محافظة لحج، ليعمل كاتب جمارك حيث التقى بفتاة أحلامه، وأم أولاده التي أنجبت له ثلاثة أولاد.عاد مرة أخرى إلى سلك التدريس ليعمل في مدرسة بلقيس الشيخ عثمان الأهلية حتى قبيل الاستقلال.وفي عام 1968م، عين مدرساً بوزارة التربية والتعليم في منطقة ( حالمين) المديرية الشرقية محافظة لحج، ثم انتقل إلى الحوطة مستمراً في وظيفته كمدرس ناجح.بدأ يبرز كشاعر غنائي في منتصف الخمسينيات وأبدع في هذا المجال في ميدان الأغنية العاطفية وحسب بل وعلى مستوى الأنشودة الوطنية حيث تفاعل مع الأحداث الثورية وقال أجمل قصائده عن الثورة والوطن وكأن تلك القصائد والظروف الثورية قد تلاقت ولامست تمرده و ( سارا) نصيب والظروف الثورية كتوأم حصل بينهما التلاقي والانسجام بعد فراق طويل.وقد سجلت إذاعة عدن والتلفزيون الكثير من أغنيات هذا الشاعر، ولحن له الفنان المبدع فضل محمد اللحجي أجمل أغنياته العاطفية وأشهرها أغنية (أخاف).صدر للشاعر صالح نصيب ديوانه الوحيد ( الحب مش عيب ) قدمه له الأستاذ فضل عوزر، وإصدار مؤسسة 14 أكتوبر..لقد كان الشاعر صالح نصيب أحد أهم الأعمدة التي قامت عليها النهضة الغنائية في لحج، مما أضاف لها صوراً تعبيرية رائعة وبديعة، ورسم بأغانيه لوحات فنية خالدة.توفي الشاعر صالح نصيب في 22/ سبتمبر 1995م.القصيدة : ( أغنية أخاف )[c1]أخـاف والخـوف مـنـك أخاف منـك عـليـكأخـاف يغريــك حسنـك وتحسـب إنـك مليـك على ذوات الحسن ربات الخصالوأنت معبود عشاق الجمالوتحسب أن الكل لاشيء لديكصحيح أنك جميـل حالي جمالك وفــاتـنوإن مــثـلــك قـلـيـل يحـوز هـذه المحاسـن أنت من جيدك صنع جيد الغزال أنت من لحنك أهازيج الهــــــزال والمها عيناه من بعض عينــــــاكمـا دام ربي كساك هــذي الصفات الجميلةوفـلك عـن سـواك ارع لربي جميلـهأرعـاه في العاشقــين اللـي سحرهـم جمالكوإلا مـع الصابريــناللي مناهـم وصالكوأرحم قلوباً ذوبتها مقليــتكأنت مهمـا كنـت مهما كان حسنـك يا ظلـوملا تظــن الحسـن هـــــــذا طــــــول عمـرك با يــدومشـوف هـذا الحسـن حـالي في ربــيعـــه إنما لابد ما يظهر قبيحــــه يوم يبلغ خريف العمر فيك[/c]وقصة هذه القصيدة كما يرويها بعض الفنانين الذين عاصروا هذا الشاعر وتعايشوا معه بل وغنوا قصائده هي كما يلي :فالشاعر صالح نصيب يتحدث بنفسه عن قصته هذه الأغنية التي جعلته يمدح الفاتنة الحسناء ثم يهجوها حيرة وندماً على جمال قد يضيع في خريف عمره.. بعد أن لاقى نصيب (صداً) منها بعدم الالتفات إليه، ولم تعبره في مناسبة معينة.هذه الفاتنة الحسناء هي من بنات الذوات ( يمنية من أصول أجنبية) عاشت في دارها مستقلة وميسورة ومنفتحة وهي حسناء بمعنى الكلمة، كانت تقيم ( منتدى) ثقافياً وأدبياً في منزلها الكائن ( بدار سعد)، ويحضر هذا المنتدى عدد من الأدباء والكتاب ومعهم يحضر الميسورون من التجار للاستمتاع بالجو الأدبي الذي تقيمه هذه الحسناء في دارها.هذه الحسناء شاعرة وأديبة غنى لها الفنان عبد الكريم توفيق قصيدة من شعرها بعنوان :[c1]تحدى الحب يا ويلهحرمني من لقاء ليله[/c]وكان منتداها يفتتح يومين في الأسبوع، هما يوم الجمعة ويوم الأحد، ولديها قاعة تتعلق بهذه الفعاليات، كما أنها لديها ( مسبح) في دارها، وخد أثيوبيات، وهي كريمة وفاضلة ساعدت الكثير من المحتاجين والفقراء بمدهم بمساعداتها المادية والمعنوية.. وكانت نصيراً للفقراء إبان حظر التجول إذ كانت تضع الأغطية والطعام أمام بابها لأي عابر سبيل أجبره حظر التجول على البقاء ليجد الطعام والشراب والمنام، الذي يعينه على قضاء ليلة ممنوع التجول فيها.كانت هذه الفاتنة الحسناء تعجب بأشعار وقصائد صالح نصيب، ولم يكن صالح نصيب أحد رواد منتداها فدعته للحضور إلى دارها والاستماع إلى قصائدها ليقول رأيه فيها.وتمكن الشاعر محمود السلامي من نقل رسالة الدعوة إلى صالح نصيب الذي لباها وتشرف بمعرفتها ولقائها واستمع إلى قصائدها.. فأكرمته وأحسنت استقباله ثم أوصلته إلى داره بلحج بسيارتها الأنيقة..وطلبت من الشاعر صالح (نصيب) أن يقول شعراً فيها وناولته ظرفاً مملوءاً بالنقود.وعندما دخل الشاعر صالح نصيب منزله، ظل ساهراً يترجى أن يقول شيئاً من الشعر هذه الفاتنة الحسناء، لكن قريحته أبت أن تعطيه ولو بيتاً واحداً من الشعر وظل طول ليلة يصارع هاجسه لعله يطلع بشيء ولكن لا مجيب.حتى دنا الفجر.. وصاحت الديكة، وجاءه الأذان الأول يدعو الناس إلى الصلاة.. صلاة الفجر، فجاءه البيت الأول مع الأذان الأول من الفجر [c1]أخاف والخوف منكأخاف منك عليكأخاف يغريك حسنكوتحسب إنك مليك[/c]وبعد عدة أيام أنهى صالح ( نصيب) قصيدته ( أخاف) يرسلها إلى الفاتنة الحسناء، لتقرأ الشعر الذي قال فيها صالح نصيب وكان رد فعلها من هذه القصيدة أنها أقفلت منتداها مدة أسبوعين ظلت خلالهما طريحة الفراش، ومع ذلك ظلت هذه الحسناء تواسي المتألمين من الشعراء وتغدق عليهم عطفها ومودتها ودعمها حتى وهي في ديارها في الخليج العربي حالياً.