طهران / متابعات :يشهد المجتمع الايراني جدلا حادا بين المحافظين والاصلاحيين حول التغييرات التي حدثت في تصميمات المانتو الذي اختارته المؤسسة الدينية كزي موحد للنساء الايرانيات في بداية الثورة الاسلامية ، حيث اصبح المانتو قصيرا على النقيض مما كان الحال عليه في بداية نزوله الى الأسواق ، رغم القيود التي فرضها المحافظون والمتشددون على مصممي الأزياء ومحلات بيع الملابس من جهة، ورغم المضايقات التي تتعرض لها المرأة الايرانية من قبل المؤسسات شبه الحكومية وفي مقدمتها جماعات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنظمات "مكافحة الفساد!" من جهة اخرى !.وتزايد الجدل حول المانتو وهو ثوب نسائي يغطي جسد المرأة ابتداء من الرقبة الى الركبتين، بعد ان تجاوز هذا اللباس الذي فرضته الثورة الاسلامية في ايران التصميمات القديمة ، فالنماذج المعروضة حاليا في محلات الملابس في طهران هي أطول من الجاكيت بقليل وذات ألوان زاهية وجذابة خلافا للنماذج القديمة التي اقتصرت على الأسود والألوان الداكنة التي أقرتها المؤسسة الدينية قبل ربع قرن غداة قيام الجمهورية الاسلامية . ومن الاضافات المهمة في الفترة الاخيرة هو استخدام قماش شفاف وخفيف يلتصق بالجسم ويبرز على نحو ما تقاسيمه.ويرى بعض المراقبين ان التغييرات التي طرأت على المانتو وملابس نسائية اخرى كالبنطال وحجاب الرأس، تعكس مدى التحولات التي طرأت على المجتمع الايراني في السنوات القليلة الماضية ، حيث صارت المرأة الايرانية تفرض ارادتها وذوقها بطرق تجنبها الصدام المباشر مع المؤسسة الدينية الشيعية الحاكمة. الى ذلك أثارت قضية المانتو القصير نقاشا حادا في وسائل الاعلام الايرانية، والأوساط الرسمية والمؤسسات شبه المستقلة، واضطر البارلمان الايراني لمناقشة القضية في أكثر من جلسة، كما ساهمت وزارة الثقافة والارشاد الايرانية بتقديم مائة تصميم جديد، أغلبها من الموديلات القديمة الفضفاضة والطويلة.ومع وجود ضغوط تعرض لها مصممو الأزياء في طهران، من اجل توليد تصميمات تتلائم مع الاخلاق الاسلامية حسب تعبير جماعات الضغط الديني، الا أنهم يصرون على التصميمات الجديدة التي يقدمونها للسوق انطلاقا من معايير اقتصادية إذ أن الطلب هو ما يحدد نوع الموديلات حسب أحمد سالاري أحد مصممي الأزياء.وفي اطار النقاشات التي تنشرها الصحف الايرانية حول هذه القضية ، يقول كامران خسرو وهو صاحب متجر لبيع الملابس في شارع وليعصر في طهران "لقد اضطررنا واستجابة لشروط نقابة الأزياء سحب موديلات المانتو القصير من واجهات المعارض واستبدلناها بموديلات طويلة ولكننا تعرضنا لخسائر كبيرة فأسعار المانتو الطويل تزيد عن ثلث سعر المانتو القصير وقد هبطت مبيعاتنا الى أكثر من النصف".من جانبها شاركت السيدة الهه كولاله وهي عضو في البرلماني الايراني المنتخب في النقاشات التي شهدها البرلمان الايراني مرتدية المانتو مما اثار فعلها نقد المتشددين لها، وهي ترى ان المرأة الايرانية ستضطر لخياطة مانتو مناسب لها في البيت، اذا أصر المصممون على طرح موديلات لاتراعي الميول الجديدة للنساء في ايران.". في الاتجاه نفسه تراهن فرزانه ملكيان التي تدير متجرا لبيع الملابس على عودة الشادور الايراني مع تعديلات كثيرة مثل شق فتحتين لليد واجراء اضافات تساهم في استقراره على الكتفين، وتطريزات تضفي بعدا جماليا عليه،"هذه التعديلات تجعل المرأة الايرانية غير مضطرة للامساك بالشادور بأسنانها، المتشددون يرجحون الشادور كحجاب تقليدي للمرأة الايرانية، واذا اجرينا عليه تعديلات على وفق أذواقنا فسيكون بامكاننا ان نتخلص من المانتو وان نرتدي تحت الشادور ما يحلو لنا، ولن يكون بامكان احد انتقادنا ". فيما كتبت ياسمين احمدي وهي طالبة جامعية في موقع الكتروني ساخرة ً من هذه النقاشات : (( بعد الحديث عن الزي الاسلامي والمانتو المنسجم مع الاخلاق الاسلامية، ترى هل سنشهد في الايام القادمة قانونا لتوحيد الملابس الداخلية ؟ )) .على صعيد متصل اقام عدد من الطالبات الجامعيات ورشة عمل في مهعد الازياء التابع لجامعة طهران على الهواء الطلق، في حديقة عامة مجاورة للحي الجامعي ، كان الهدف من هذه الورشة تقديم موديلات جديدة للمانتو تنسجم مع ذوق المرأة الايرانية وتقف بوجه الدافع التجاري البحت لمصانع المانتو الكبرى حسب ما قالته ناهيد خاتمي مظلوم التي ساهمت بتقديم نموذج يستلهم الوانه من الازياء التقليدية الرائجة في شمال ايران.تقول ناهيد : "من اجل ان نواجه المانتو القصير والذي يبدو ان مصمميه يركزون على الاثارة الجنسية، أعتقد ان الحل الافضل هو استلهام الملابس الايرانية التي كانت رائجة قبل الاسلام ، انها ملابس جميلة ورائعة وتضفي اناقة خاصة على مظهر المرأة الايرانية ، قبل أن يأتي الشادور والعباءة ويفسدان ذوق المرأة الايرانية ويحولانها الى شبح
المانتو الإيراني يتمرد على المؤسسة الدينية .. وعلى نفسه أيضا ً !!!
أخبار متعلقة