من وحي تجربة الشاعر الكبير عبدالرحمن السقاف مع أزمة من أزمات وهو يستلهم قصيدته "حالات"اعتاد النقاد أن يوسموا الشاعر بأنه هو الذي يرسم لنفسه مساراً معيناً يخطو من خلاله كي يحقق (الظرف الكوني) أو اللحظة الزمنية التي يعيشها عندما يكتب القصيدة !! والواقع كما أتصور هو العكس فإن الظرف الكوني أو اللحظة الزمنية التي يعيشها هي التي تحدد له المسار فهو في واقع الأمر ليس حراً في إختيار الموقف ، ولا أيضاً اللحظة الزمنية وإلاّ لكان ناظماً لا شاعراً وعلى هذا الحال فإن الموقف عند الشاعر الاصيل والمجيد لا يكون مفتعلاً ولا مبتذلاً مهما كانت خصائصه لكنهم – أي النقاد- تجاهلوا أن هناك شيئاآخر أو هي أشياء آخرى يمكن أن تضاف الى الظرف الكوني أو اللحظة الزمنية .. وأحد هذه الأشياء هو الظرف الاجتماعي ولا أقصد هنا الظرف الذي يتركب منه الشاعر وإنما القصد هو الظرف الكائن في الزمن.هذا الظرف الاجتماعي الذي يتفاعل معه الشاعر قبل الازمة وبعدها والعلاقة المباشرة بالناس من قبل الشاعر مضاف إليه الظرف الكوني ومتضافرة فإنها تشكل جداراً أو ساتراً سميكاً أمام نفس الشاعر تليها لحظة من التراخي التي يشعر خلالها بالضياع وفقدان السيطرة والتي تكونت بفعل تلك الاشياء المتضافرة فيصبح الشاعر في هذه اللحظة كنقطة الزئبق في أنبوب الاختبار لا يستقر في مكان (تحت الضغط الزماني والمكاني) وفي هذه اللحظة ليس بإستطاعته تبديل موقفه أو العدول عنه نحو موقف آخر ومن ثم فإن الشاعر الأصيل يعيشها كما هي بلا إضافة لأن الاضافة في هذه الحالة كما لو كانت عملاً بطولياً أجوف لا معنى له .ومن هنا يظهر جلياً الفرق عند الشعراء بين من يعيش اللحظة الزمنية المفروضة عليه من الخارج ويتحرك ضمن إطارها المرسوم وبين ذلك الذي يتحدى تلك اللحظة الزمنية المفروضة وهو يحاول الخروج من بوتقتها متسائلاً متمرداً يقرع الأبواب الموصدة ويدق طبول الأزمة متحدياً لإجتياز ساتر يقف عند حافة اللحظة يحجب عنه كل شيء.
|
ثقافة
أزمة الشاعر هي في صدق موقفه
أخبار متعلقة