مدن عربية وعالمية
يعود تاريخ مدينة وليلي الأثرية المغربية أو فوليبيليس، كما ينطقها الأجانب، إلى الحقبة ما قبل المرحلة الرومانية وما بعدها، وصولا إلى المرحلة الإسلامية، في منطقة شمال افريقيا، حيث ما زالت مآثرها العمرانية شاهدة بشموخها على حضارة عمرت لقرون طويلة في المنطقة. توجد هذه الحاضرة التاريخية بالقرب من مدينة زرهون أولى المدن الإسلامية في منطقة شمال افريقيا، التي اتخذتها الدولة الإدريسية بقيادة إدريس الأكبر عاصمة لها، وغير بعيد عنها تقع مدينة مكناس (جنوب شرق الرباط) بحوالي عشرين كيلومترا. تعتبر (وليلي) من أهم المواقع الأثرية بالمغرب المعروفة والمقصودة من طرف الزوار الأجانب والمغاربة، وتعد واحدة من أشهر الحواضر القديمة في حوض المتوسط، كما تصنف ضمن التراث الإنساني العالمي.قبل أن تحظى بمتعة التجول بين أرجاء مدينة وليلي الأثرية، لا بد أن تدفع ما يعادل تقريبا دولارا واحدا كثمن لرسوم ولوج المكان، وبمجرد دخولك من البوابة تجد إعلانا صغيرا، يطلب من الزائرين الحفاظ على نظافة المكان، وعدم تسلق الأسوار الأثرية الموجودة هنا بكثرة.تتميز هذه المدينة أو المنطقة الأثرية بجمال طبيعتها ورونقها، حيث يلفت نظر الزائر لها المنظر الطبيعي الخلاب، الذي تتوسطه المآثر العمرانية للمدينة، من أعمدة أثرية كتب على بعضها أحرف بالرومانية وأقواس ولوحات فنية فسيفسائية.. محاطة بسور كبير، وما زالت محافظة على شموخها رغم مرور السنين، لدرجة تجعلك تتساءل مع نفسك كيف استطاعت هذه المنطقة الحفاظ على وجودها مع كل تلك السنين.تكفيك جولة يوم واحد بين أرجائها للوقوف على منازل قديمة اتخذت أسماء عديدة تعود لفترة ما قبل الحكم الروماني وما بعده، مثل منزل الفارس، والأعمدة، والصدرية، والحيوانات المفترسة، ومنزل الساعة الشمسية... التي يرجع أصل تسميتها إلى أحداث معينة أو تشير إلى أصحابها أو شيء يميزها، كما تختلف من حيث تصاميمها، إلا أنها تشترك في عدة نقاط، إذ تتوفر هذه المنازل على باحات معمدة وغرف وقاعات استقبال وأكل، وحمامات صغيرة وأخرى عمومية، كما يزخرف أغلب باحاتها أعمدة محددة أو ملساء أو حلزونية، وفسيفساء عبارة عن لوحات فنية جميلة تعبر عن مواضيع مختلفة.يعتبر «الشارع الرئيسي» لمدينة وليلي الأثرية أهم المعالم الشاهدة على تاريخها، حيث يدخل ضمن أهم شوارعها وأروعها، يتصل بمنازل الواجهة الشمالية والجنوبية بواسطة أروقة وشوارع ثانوية، ويشكل خطا مستقيما يمتد إلى «قوس النصر» الذي يتوسط المدينة،حيث توجد في أعلاه صورة منقوشة للإمبراطور «كراكلا»، بني على شرف هذا الأخير سنة 217م لمنحه المواطنة الكاملة لسكان المدينة وإعفائهم من الضرائب،من طرف بلدية فوليبيليس.بالإضافة إلى الشارع الرئيسي توجد أهم سقاية عمومية بوليلي، وذلك لحجمها وموقعها وسط المدينة كذلك، حيث تمثل نهاية القناة الرئيسية تجاه الغرب، وشمال هذه البناية توجد بقايا المراحيض العمومية.ويشهد مدينة وليلي صيف كل سنة تنظيم مهرجان دولي يشارك فيه فنانون عرب وأجانب، ومجموعات موسيقية من مختلف أنحاء العالم، ويهدف هذا المهرجان حسب منظميه إلى تعزيز وترسيخ قيم السلم والحوار، حيث تكون خلاله المدينة الأثرية على موعد سنوي مع أشهر الفنانين، وترقص خلاله وليلي على إيقاع النغمات الموسيقية المنتمية لحضارات متعددة.