بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لرحيل الشاعر عبدالله الدويلة
لا يمكن أن نتناسى أو نتغافل الذكرى السنوية لوفاة والدنا الصحفي وشاعرنا الجليل المرحوم/ عبدالله علي مولى الدويلة فعلى الرغم مشاغلنا ومتطلبات حياتنا اليومية ومتابعة أعمالنا تظل الذكرى ناقوساً وهاجساً وتفكيراً يراودنا كلما اقتربت ذكرى رحيله التي تحاور أعماقنا الباحثة عن استكشاف كل ما هو جديد في عالم وآفاق الأعمال والتراث الإبداعي المتنوع والغزير العطاء للشاعر والصحفي والناقد التشكيلي الفقيد/ عبدالله الدويلة رحمه الله.وانطلاقاً من ما أشرنا إليه آنفاً سنحاول هذه المرة وفي الذكرى الرابعة عشر لرحيل والدنا الشاعر والصحفي عبدالله الدويلة تسليط الضوء بصورة موجزة على ما تناوله في دراسته ( التشكيل في اليمن وأبرز رموزه) حيث تناول بشكل مركز البدايات التاريخية للحركة التشكيلية اليمنية المعاصرة بالإضافة إلى تشخيص لوحات واستعراض بدايات تجارب العديد من الفنانين التشكيليين اليمنيين في الشطر الشمالي سابقاً وكذا أبرز الفنانين التشكيليين في الشطر الجنوبي من الوطن.وفي هذه التناولة سجل الفقيد/ عبدالله الدويلة ميلاد الفن التشكيلي في اليمن وبالأخص في بداية الخمسينيات بظهور بعض المواهب في مسرح التشكيل اليمني بعدن أمثال أبوبكر وعبدالله العقيلي وفؤاد با وزير، وشيخ الكاف، واحتراف الثلاثة مهنة التشكيل، وبرزوا بإبداعاتهم التشكيلية، فسخروا فنهم في تصوير المناظر الطبيعية لبيعها للضباط والجنود البريطانيين والسواح والأسر الأجنبية والموسرين من العرب وغيرهم، بأسعار مغرية، وقد كسبوا من جراءها كسباً مادياً مجزياً.. فانجرفوا غارقين في تياره لا يلوون على شيء سوى إرضاء عطش السوق التجاري والسياحي، وانغمسوا في مدار البورترية والمناظر الطبيعية، وصور دعايات الشركات.أما الشيخ الكاف فربما لم يكن منغمساً مثلهم، وذلك لا لشيء إلا لتفضيله أن يكون هاوياً، وربما لعدم تمكنه أيضاً من مجاراتهم فنياً.وقد رأى الناقد التشكيلي الفقيد/ عبدالله الدويلة أن الأعمال الفنية لهؤلاء أخذت النمط التجاري الذي كان يلبي الاحتياجات السوقية لجنود الاحتلال البريطاني التي كانت تمثل القوة الشرائية، وكان هؤلاء الغربيون معجبين بلوحاتهم ومناظر الشرق الساحرة والمواقع الحضارية والطبيعية العربية.لقد شهد الفقيد عبدالله الدويلة البدايات الحقيقية للرعيل الأول للحركة التشكيلية أمثال الشاعر لطفي أمان الذي بدأ هاوياً ويبدع بالقلم الرصاص وقد شاهد له الفقيد الشاعر عبدالله الدويلة خمسة لوحات بالألوان المائية وقد تساءل عن مصدر هذه اللوحات لكنه أكد في كل الأحوال أن تلك كانت بدايات المسيرة الأولى لحركة الفن التشكيلي في بلادنا.وبرحيل الجاليات الأجنبية القادرة على اقتناء اللوحات اليمنية بما فيه القاعدة البريطانية بدأت مرحلة جديدة من تاريخ الحركة التشكيلية، وقد أرخ الناقد التشكيلي الفقيد عبدالله الدويلة بأن عام 1972م والذي انعقد فيه أول مؤتمر تأسيسي للفن التشكيلي وكان هو إحدى المؤسسين الأوائل له بالإضافة إلى عبدالله العقيلي وعلي غداف وخالد الصوري ولطفي جعفر أمان حيث أقيمت في هذه الفترة أول معرض ساد فيه الأسلوب التعبيري أو التأثيري،..ويستطرد الفقيد الشاعر والصحفي عبدالله الدويلة في عرض تحليلي ونقدي المراحل التي مر بها أبرز رموز الفن التشكيلي في تلك المرحلة.ولم يستثنى الشاعر عبدالله الدويلة في دراسته هذه حركة الفن التشكيلي في الشطر الشمالي من الوطن وأبرز رموزها على الرغم من أن هذه الدراسة كتبت قبل ثلاثة سنوات من تحقيق الوحدة اليمنية متناولاً بالعرض والتحليل البدايات الأولى لهؤلاء الرموز سواء من حيث انتماءاتهم المدرسية أو من حيث مهاراتهم الفنية إلى مرحلة النضج الفني وكذا إرهاصاتهم فمنهم من استمر إلى يومنا هذا أمثال هاشم علي، فؤاد الفتيح، آمنة النصيري، طلال النجار، حكيم العاقل.وفي بعض الأحيان يسهب الفقيد الشاعر عبدالله الدويلة في هذا العرض التاريخي مستعرضاً أعمال هؤلاء لوحة لوحة بقدر ما توفر له من فرصة لمشاهدة تلك اللوحات.ويعرب الشاعر عن أسفه للمشوار القصير لبعض الفنانين التشكيليين التي أظهرت مواهبهم قدرات إبداعية في مجال الفن التشكيلي في فترة قصيرة ولن يتسنى لهم الفرصة في الاستمرار.ويقع اللوم الكبير في رأي الشاعر الدويلة في ذلك على الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي لم تمنحهم فرصة التفرغ الكامل للإبداع.بهذه الدراسة وغيرها من المقالات واللقاءات المنشورة كان الفقيد الشاعر الصحفي والناقد التشكيلي عبدالله الدويلة ينوي تجميعها في كتاب خاص بالفن التشكيلي في اليمن وقد قمنا بتجميع كل هذه الأعمال التراثية الإبداعية للوالد الشاعر الفقيد عبدالله الدويلة المتعلقة بالفن التشكيلي ويحتاج الأمر إلى إخراجها في كتاب شامل خصوصاً أن هناك قلة أو ندرة في إصدار مثل هذه النوعية من الكتب، عموماً نأمل أن نكون قد وفقنا في هذه الذكرى في تناول جانب جديد لإبداعات شاعرنا الفذ والصحفي/ عبدالله الدويلة رحمه الله.