من الحياة
.*. يا "حنان"، يا "حنان"، يا "حنان"، صرخة توجع القلب وتبكي العين يطلقها كل يوم ومنذ أسبوع المواطن / الصلوي/ في شوارع مدينة تعز، صرخة لا تجد صدىً لها سوى حبس الأنفاس من المجهول القادم بعد أن دخلت مفكرة حياتنا اليومية مشهد قبيح بكل معاني الكلمة.. مشهد أقسم بالله أنّه ليس من عاداتنا وتقاليدنا وحضارتنا اليمنية أباً عن جد وجد الجد.. كما أنّه لا يتصل بديننا الإسلامي الحنيف بأية صلة..* يا "حنان"، يا "حنان"، يا "حنان" صرخة أب أوجعت قلب كل مواطن، يطلقها كل يوم عبر مكبر الصوت والدها /طه الصلوي/ باحثًا عن فلذة كبده / حنان/ ذات الستة أعوام، طفلة بريئة فجأة ومن دون مقدمات ولا أسباب وجدت نفسها منذ الخامس والعشرين من شهر يناير المنصرم بعيدةً عن أمها ووالدها وأخوتها.. بعيدة لتكون في أيدي مجرمين انتزعت الرحمة من قلوبهم، وحوش بشرية أغواها الشيطان وجعلها لا تخاف الله، ولا حولَ ولا قوة إلا بالله. *.. مشهدُ رجلٍ كاد يفقد عقله إن لم يكن قد فقده فعلاً، وهو يجول في الشوارع والأزقة في مدينة حالمة لم تتعود يومًا مثل هذا المشهد؛ لأنّها مدينة سكن الحب والحنان والوئام في أحشائها.. نعم رجل يجول حاملاً مكرفونًا يصرخ عبره مناديًا ابنته يا "حنان" البالغة ستة أعوام، غابت عن عينيه وعيون والدتها منذ نحو ثلاثة أسابيع، وهي تلعب أمام منزلها.. غابت ليخطفها رجل، أقسم بالله أنّه ليس من بني البشر؛ لأنّه لا يعرف أنّه فعل المأساة بكل صورها.. أم لا يتوقف الدمع من أعينها، أب فقد عقله، منزل غابت الابتسامة منه.. أخوةً لا يغادرون حضن الأم خوفًا من وحش آخر يختطفهم.. أي عالم نحن نعيش فيه.. فلذات الأكباد تخطف ولا نملك غير الصراخ، والعجز في القبض على هذه الوحوش. ما هزَّ كياني وأفقدني توازني وأنا اقرأ سطور هذه المأساة في العديد من الصحف بما فيها الحكومية، أنّها وقعت في مدينة "تعز".. ولا أخفي عليكم سرًا إن قلت إنّها مدينة الحضن الذي نأوي إليه كلما شعرنا بالخوف من هذا الزمان.. وأنا عادةً ما أشعر بهذا الخوف وآخذ نفسي دون أن يعلم أحد حتى أقرب الأقرباء إليّ واتجه إلى "تعز" لأنام دون خوف في ثنايا حضنها يومًا أو يومين وأعود إلى عدن متجدد النشاط آمنًا من كل خوف.. "تعز" هذه لم يتركها الوحوش في أمانها.. دخلت إليها لتعبث بنعمة الأمان الإلهية فيها.. فمشهد الوالد /طه الصلوي/ ومأساة طفلته / حنان/ تجعلنا نصرخ بكل قوةٍ وبصوتٍ عالٍ يعانق السماء بأن تتحرك الضمائر في نفوس وأجساد القائمين على أمن الوطن كله وليس "تعز" الحالمة وحدها.. تتحرك لإعادة /حنان/ إلى حضن أمها.. وإعادة الطمأنينة لأسرتها.. والعقل لأبيها.. صرخةً في الضمائر ما زالت فيهم، أولئك النفر الذين أقدموا على اختطاف الطفلة /حنان/ لإعادتها إلى ملاعب صباها والاستغفار إلى الله ليغفر لهم فعلتهم الشنيعة وصية* .. لا يخاف الموت إلا من كان غير مؤمن بالله تعالى.. فالموت حق.. لأننا إليه راجعون. وإن كنّا لا نتمنى الموت حبًا منا في الحياة.. إلا أنّ هذه الحياة تدفعنا في أحايين كثيرة إلى كرهها والتضرع إلى المولى العلي القدير بأن يتقبلنا قبولاً حسناً وينزلنا منازل الشهداء والصدِّيقين.وأقسى ما يعز في نفوسنا من هذه الحياة.. قلة الوفاء.. ونكران (المخوة) والصداقة عندما يأتي موعد تبادل الوفاء.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. لذلك فإنني وهذا ليس تشاؤماً مني.. بل تفاؤلاً وكبرياءً.. أوصي بأن لا يسير وراء نعشي إلا أخوتي ومن هم لا يحبونني.. وأن لا يكتب أحدٌ عني بعد رحيلي.. والله على ما أقوله شهيد..أغنية الأسبوع.. ".. أعطني حريتي أطلق يديا إنني أعطيت ما استبقيت شيئاآه من قيدك أدمى معصمي لِمَ أبقيه وما أبقى علياما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها وإلامَ الأسر والدنيا لديا؟أين من عيني حبيبٌ ساحرٌ فيه عزٌّ وجلال وحياءواثق الخطوة يمشي ملكاً ظالم الحسن شهي الكبرياءعبق السحر كأنفاس الزبى ساهم الطرف كأحلام المساء..""شعر د . إبراهيم ناجي"