هاهو مناضل شجاع يترجل عن فرسه ويرحل بعيداً عنا وعن دنيانا الفانية .. ويحلق في ملكوت السموات العلى بعد أن اختاره الرب الرحيم الى جواره بجانب الشهداء والصديقين..انه عصام سعيد سالم .. المناضل القديم في التنظيم الشعبي للقوى الثورية العربية ابان معركة حرب التحرير من قوى الاحتلال البريطاني البغيض .. وابن عدن الباسلة ومن جيل الشباب العربي المؤمن بقضايا امته والمدافع عنها حتى الرمق الاخير.لقد تعرفت على أخي وحبيبي عصام قبل اربعين عاماً عام 1966م أبان انضوائنا معاً في الاطار النضالي لجبهة التحرير التنظيم الشعبي حيث كان عضواً ناشطاً في القاعدة الطلابية ويحظى بالحب والاحترام والتقدير حيث كان رحمة الله عليه صلباً في مواقفه .. قوى الحجة .. عنيداًومشاكساً من اجل الانتصار للحق مهما كلفه ذلك من تضحيات برزت مواقفه القيادية من خلال ثبات وصوابية مواقفه التنظيمية والسياسية والجماهيرية .. كان شعبياً جداً... ودوداً وخلوقاً - ولكنه لايتسامح مع اعداء المبدأ .. كان رحمه الله عزيز النفس .. شديد التمسك بالكبرياء وبالعزة والكرامة .. ولايفرط فيها ابداً .. انه سلوك تميز به عصام سعيد سالم ترافقنا معاً لفترة وجيزة في الستينات .. وكان ازهى واحلى ايام عشناها .. بزخمها وعنفوانها وثوريتها ونحن نخرج معاً في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني رافعين صورة جمال عبدالناصر .. كرمز قومي لرجل شجاع تجسدت فيه أحلام الامة العربية .. لا انسى تلك الايام الخالدة .. لقد خرج المستعمر والى غير رجعة عن بلادنا .. وجاء آخرون ..وتفرقنا اشتاتاً في بقاع الدنيا بحثاً عن ملاذ آمن .. وجمعتنا الايام مرة اخرى بعد دهر من السنين وتذكرنا تلك الايام بحلوها ومرها .. وكانت لنا جلسات حميمة نستعرض فيها صوراً زاهية ومشرقة من تاريخنا النضالي المشترك .. كما هي رائعة تلك اللحظات التي التقينا فيها بعد الوحدة المباركة مباشرة برفاق النضال والقادة العظام عبدالرحمن الصريمي » أبو صلاح« وخالد مفلحي ومحمد عبدالله الصغير » نجيب« وعلي البيحاني وشيخ الحمزة » عمر« وكوكبة رائعة من المناضلين الاشاوس من مناضلي التنظيم الشعبي وجبهة التحرير .. كم كانت فرحتنا عظيمة ليس لها حدود ونحن ننعم باللحظات السعيدة مع رفاق المصير .. التي ترجمها عصام رحمه الله من خلال مقالات رائعة كتبها من اعماقه ونشرت في صحف عديدة منها صحيفة 14 أكتوبر ولاحقاً صحيفته الرائعة صم بم والتي كانت عصارة جده ونضاله الذي اثمر بهذه الصحيفة الساخرة من الواقع ومن نكد الدنيا وبلاويها..عصام لم ينس اخوة النضال فكان دائم السؤال عن احوالهم وظروفهم المعيشية والعملية..وعمل جاهداً على تجهيز كشوفات باسماء المناضلين الحقيقيين والذين تنكر الآخرون لأدوارهم النضالية.. ودفع بهذه الكشوفات الى فخامة الاخ رئيس الجمهورية والى دائرة مناضلي الثورة اليمنية .. وتحصل بجهوده عدد من المناضلين على بعض من مستحقاتهم وبعضهم نال الاوسمة التي يستحقونها وهؤلاء المناضلون يحفظون الجميل والوفاء لابي الاوفياء عصام المحب والذي حباه الله بفيض غزير من الحنان والرحمة والمحبة .. كان يوزع ابتساماته كهدايا رائعة لكل محبيه هذا العصام النبيل الذي افنى حياته من اجل مبادئه ومواقفة مناضلاً في كل الجبهات مناضلاً في الفكر والوعي والعمل المنظم باذلاً كل جهده في ايصال مواقفه غير آبه بالتعب او السهر لايكل ولايمل من اجل الرسالة التي يحملها راضياً ومقتنعاً ..ان عصاماً بكل تاريخه المشرق والمضى في سماء اليمن وفي الوطن العربي لجدير بأن يوثق ويحظى بالرعاية من قبل محبية واخوته وابنائه الاوفياء وانهم لعلمي فاعلون..ايه .. عصام كم كنت نقياً ورائعا وما احلى تلك اللحظات التي اراك فيها مبتسماً ومبتهجاً وهي لحظات قليلة ونادرة لانك تتمتع بشفافية لاحدود لها تستشف من خلال المواقف المفرحة والمحزنة والطيبة وخلافها ..لقد تسامرنا كثيراً في غرفته الصغيرة فوق منزله والتي يتخذ منها سكناً ومقراً خاصاً به يجتمع فيه كل محبيه ومريديه وغالبيتهم من الشباب الذين اعجبوا بشخصيته الودوده والجذابة واطروحاته العقلانية المقنعة وتوجيهاته الاخوية والابوية الصائبة .. ولاأخفي سراً اذا قلت انني ايضاً من الذين أعجبوا بهذا العصامي المليء بالعنفوان والعزيمة والاصرار .. ولا زلت اتذكر انني كلما مررت بضائقة معنوية وما اكثرها أفضيت بما لدي لاخي وحبيبي عصام لاستنير بآرائه وملاحظاته وملعوماته التي اثق انها حقيقية ولالبس فيها .. ومن خلاله كنت احبس النبض لبعض المواقف .. لقد كان بالنسبة لي »ترمو متر« مواقف.. لقد كانت غرفته الصغيرة لاتفضي من الاخوة والزملاء والابناء وهم يتكدسون فيها بين كتبه ومجلاته المبعثرة هنا وهناك وبين حاجياته الشخصية الملقاه في زوايا الغرفة .. كم سنفتقدك ياعصام .. وكم كانت حاجتنا اليك ياعصام ملحة.. لقد وعدتني وعداً قاطعاً بأنك ستأخذني في لقاء تعارفي مع الاستاذ عبده بورجي خلال اجازة العيد لموضوع طال امده .. ولكنك رحلت ..-حلت ياعصام لان الحمل كان عليك ثقيلاً .. كنت تعاني وكنا نلاحظ ذلك وقبل ان نفتح افواهنا لنطمئن عليك .. كنت تواجهنا بأبتسامتك الودوده مهدئاً لخواطرنا بأن الامور تحت السيطرة .. ولاداعي للقلق .. ولكن يبدو ان همك كان عظيماً وكبيراً حتى تمكن منك وسيطر عليك وتفجر الماً ومرضاً في الدماغ ..عصام .. لا أحد يستطيع ان يملأ فراغك لقد كنت كبيراً في مواجهتك لقدرك لم تشتك ولم تتذمر او تتأفف .. كم كنت عظيماً حين ارتفعت فوق الصغائر من الامور وكرست جهودك للعمل وللعمل فقط ..ولكن ذلك كله كان له ثمناً باهضاً كنت تعرف سلفاً انه حياتك ...؟ ولكنك وحدك تقبلت الامر بنفس مطمئنه كعادتك عندما تواجه الصعاب والمحن والاقدار .. وكان قدرك ياعصام ان تحمل همك لوحدك ..كم كانت حاجتنا اليك ياعصام ملحة .. لقد مشينا معاً في جنازتك ومشى الى جانبي فراس وتساقطت دموعنا مدرارة لهول الفاجعة وفداحة الخسارة .. وجلسنا معاً نقرأ ماتيسر من الذكر الحكيم على روحك الطاهرة بقلوب مفجوعة حتى الثمالة .. فالرجال الحقيقيون لانشعر بخسارتهم الكبيرة الا عندما نفقدهم وانت واحد منهم .. فيا وجعنا ويا المنا فيك .. كما كانت احلامك كبيرة وانت تخطط بهدوء وثقة لقد كان تأثيرك واضحاً في الكثير من الشباب الذين اقتربوا منك .. لقد كنت حاضراً في الندوات والامسيات وفي كل الوفود التي انتدبت فيها بصماتك لازالت حية فانت حي في قلوبنا وفي وجداننا وان فارقتنا جسداً الا ان روحك الطاهرة لازالت تحوم حولنا تشد من ازرنا وتزكي روح العزيمة والاصرار فينا .. ونحن بدورنا نشد على ايادي بعضنا متآزرين ..فنم قرير العين ايها العصامي الخالد في جنة النعيم في كنف رب العباد انا لله وانا اليه راجعون ..اخوك وزميل نضالك هادي محمد عامر نائب مدير مؤسسة الاثات المدرسي عدن
|
ثقافة
مناضل شجاع يترجل عن فرسه
أخبار متعلقة