
غير أني صدمت وأنا أرى طريقي إلى مبتغاي تغمره مياه المجاري، وأجد نفسي مرغما على الخوض فيها إذ لا يوجد طريق آخر أسلكه ( فيما عدا طريق آخر طويل وصعب اشبه بطريق الرجاء الصالح ).
نعم هكذا وجدت نفسي مكرها على الخوض في مياه المجاري التي تنبعث منها الروائح الكريهة، أما مصدرها فقد كان بالضبط تجمع منازل عمال النظافة وأحد التجار اليوافع الذين للأسف وجدوا الأمور (غاغة) فراق لهم سكوت أصحاب حي البوليس السكني وفتحوا أنبوبة المجاري على الآخر ودون أية محاولة إصلاح.
صباحية تعيسة وغير متوقعة ياعدن في أوائل أيام عودتي الملتاعة إليك.
تذكرت بعض أيام إقامتي في القاهرة وكيف كنت أواجه برفض الجيران المصريين رمي أية نفايات أحملها في غير محلها وإصرارهم على رميها في الموقع المخصص لرمي النفايات (القمامة) كما يفعلون هم إضافة إلى حرصهم على إصلاح العطل إن حصل سواء في أنابيب المياه أو المجاري أولاً بأول وقبل أن يضج أو يتشكى الجيران.
المصريون شعب حضاري رغم فقرهم .. شعب يطبق قول رجال الدين (النظافة من الإيمان) لأنهم يدركون أن الأوطان تبنى وتتطور بسواعد أبنائها.
نحن في عدن كنا كما يقال شعبا حضاريا.
أذكر إلى وقت قريب - وهذا طبعا في الزمن الجميل - أني رأيت د.يحيى الشعيبي يوم أن كان محافظا يتقدم لفيفاً من المواطنين ومن عمال النظافة وهم يجوبون شوارع عدن لينظفوها من النفايات ويجعلوا منها ومن شوارعها آية في الجمال والنظافة.
هكذا نريد أن نرى أخواننا من مواطني عدن ومن عمال النظافة ومن المهتمين بشأن النظافة والذوق العام يشمرون عن سواعدهم ويبادرون لإعادة الروح والحياة الجميلة لعدن.
صباح الخير ياعدن صباح العمل وصباح الأمل لا صباح العواطف التي يجزل البعض منها العطاء لمجرد التباهي بحب عدن..
وكفانا وكفى عدن ماهي عليه من وضع معيشي ومن أوضاع مزرية طالت كل شيء من الخدمات إلى المستلزمات.
فهل سنرى قريبا عودة للروح والحياة في عدن لنرى أوضاعنا المعيشية وقد تحسنت وعادت الكهرباء والماء إلى منازلنا كعادتها أيام زمان ونرى أحياءنا وشوارعنا نظيفة مملوءة بالحياة أم سيظل هذا حلماً كما يبدو صعب التحقيق؟!!
ما علينا لنحلم وليوفقنا الله