![](https://14october.com/uploads/categories/7SWQNBUI-Y15AWX/mohmedkleeb.jpg)
والجميع لا ينكر أن ميناء عدن وصل إلى مرحلة ازدهار كبيرة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي..
ولعل أهم ما جعل هذا الميناء يتبوأ هذا المركز الفريد عن بقية موانئ العالم ليس موقعه الحيوي الهام الرابط بين بقية الموانئ العالمية فحسب، بل أيضاً وجود عدد من الخدمات التي يقدمها للشركات الملاحية العالمية والسفن المرتادة له والتي من أهمها :
التزود بوقود السفن والبواخر وبمختلف أنواع الوقود، حيث اشتهرت عدن في الماضي بوجود أرصفة مخصصة للفحم، الذي كان يستخدم كوقود حيوي في السفن البخارية قبل ظهور المحركات الحديثة التي تعمل بالمشتقات النفطية..
كذلك توفر خدمة الصيانة البحرية للسفن والبواخر والمتمثلة بالحوض العائم، والذي تعرض للإهمال والاندثار فيما بعد وخرج عن الخدمة للأسف، مما أفقد الميناء أحد الخدمات التي كان يتميز بها الميناء..
ونظراً لكثافة حركة السفن والبواخر الملاحية والتجارية في الميناء، فقد بادرت شركة الزيت البريطانية ( Bp Refinery Company ) بإنشاء مركزها الرئيسي في عدن وتحديداً في منطقة التواهي، والذي من خلاله تمكنت من بناء وتجهيز أرصفة ثابتة ومتحركة ومؤقتة - على طول الميناء – متخصصة لتزويد البواخر بحاجتها من الوقود، وكان ذلك في عام 1919م وقبل إنشاء مصفاة التكرير بأكثر من ثلاثين عاماً، وكانت هذه الشركة من أنشط الشركات العاملة في الميناء، بل ومن أكثرها تجهيزاً وبأحدث تقنيات العمل في تلك الفترة.. كما أنشأت أحدث محطة شبكة اتصالات لاسلكية خاصة بها لإدارة عملها على مستوى ميناء عدن وموانئ المنطقة بما في ذلك الشركات والفروع العاملة في قناة السويس..
ويمكن الرجوع لجداول حركة الملاحة في ميناء عدن لتلك الفترة الذهبية وما تلاها، ومقارنتها بالحركة الملاحية للموانئ المجاورة وحتى أهم الموانئ العالمية، ولك أن تتخيل العائدات المالية الضخمة الناتجة من تلك الحركة النشطة للميناء وانعكاس ذلك على الحياة الاقتصادية واليومية للمدينة وقاطنيها..
وبعد مرور زمن من التراجع المستمر لنشاط الميناء نتيجة عدد من الظروف السياسية منذ الاستقلال وحتى الأحداث المؤسفة التي شهدتها عدن في السنوات العشر الأخيرة، والتدهور اليومي المتسارع لكل مرافق الميناء بما في ذلك (إدارة عدن لتموين البواخر بالوقود ) بالتواهي والذي بدأ بقرار فصل خطوط الأنابيب الواصلة من المصفاة وحتى خزانات التواهي والتي بلغ طولها 20 ميلا ( ثلاثين كيلو مترا) عبر اليابسة والمخصصة للوقود نتيجة تعرضها للتآكل وعجز الجهات الرسمية عن إصلاحها أو تجديدها..
وكذا توقف عملية التكرير في مصفاة عدن الذي انعكس سلباً على نشاط تلك الإدارة التابعة للمصافي والواقعة في ميناء عدن.. وتوقف عملية تزويد السفن والبواخر بالوقود لفترة طويلة، الأمر الذي ساهم في التدهور التدريجي المتواصل في معدات ووسائل إدارة تموين البواخر بالوقود، وتآكل أنابيب النفط المغمورة في مياه الميناء الممتدة لأرصفة التموين، وغيرها وغيرها بما في ذلك التلاشي المتواصل للكادر الفني العامل في هذه الإدارة، وعدم وجود اهتمام حقيقي أو خطط إنقاذ عاجلة لهذا المرفق الحيوي – والذي كان يضخ لميزانية الدولة ملايين الدولارات شهرياً..
كل ذلك أدى إلى الانهيار الكامل لأهم منشأة اقتصادية في ميناء عدن والتي كانت المرتكز الأساس لنشاط الميناء وجذب السفن والبواخر والشركات الملاحية المحلية والعالمية العاملة فيه..
حـلـول الإنـقـاذ:
توجد عدة مقترحات وحلول لانتشال وضع هذه الإدارة، وبالتالي العمل على إعادة نشاط وحركة ميناء عدن في جانب التزود بالوقود، وقد تقَدّم الكابتن / رياض عبده أحمد (مدير إدارة عدن لتموين البواخر بالوقود ) التابعة للمصافي – وهو من كبار رواد الحركة الملاحية في شركة مصافي عدن – بدراسة أولية هامة أوجزها في عدة نقاط كان من أهمها : البحث عن إيجاد شريك من احدى الشركات الأجنبية الاستثمارية العالمية في مجال تسويق خدمات الوقود..
كما أشار في دراسته تلك إلى عدد من الخطوات التي يمكن من خلالها إعادة تأهيل هذه المنشأة لاستعادة دورها الحيوي في الميناء، وبالتالي المساهمة في رفد الناتج القومي المالي للدولة بالعملة الأجنبية كما كانت في سابق عهدها وفي المراحل التالية لنشاط الميناء وحركة تزويد السفن والبواخر بالوقود.
ونحن على دراية كاملة أنه في حالة وجود النوايا الصادقة من قبل الحكومة والجهات المختصة لانتشال وإعادة تنشيط هذا المرفق الحيوي وتفعيله لعودة مساهمته في استعادة الحركة الملاحية للميناء والتي ستعكس نفسها إيجاباً على العديد من النواحي الاقتصادية والحياتية ليس لمحافظة عدن فقط، بل ستعطي انطباعاً حقيقياً لدى الجميع بوجود بصيص من الأمل نحو تطبيع الحياة العامة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الموسوم في الخطاب السياسي للدولة منذ أكثر من عشر سنوات وحتى اليوم.