جميعنا يعرفُ تماماً تاريخ هذا الشارع وعماراته التي أقامها مالكوها في فترة ازدهار نشاط مدينة عدن والمعلا تحديداً تزامناً مع النشاط التجاري والبحري لميناء المعلا الذي كان له تاريخه العالمي المشهود .
وحين تم تأميم تلك العمارات - كبقية ماطاله قانون التأميم - أصبحت بالتالي عقارات مملوكة للدولة تم توزيعها للمواطنين كمنتفعين ليعود ريعها لوزارة الإسكان التي أحالت ملكيتها للساكنين بعد أن تفاقمت الأعباء المالية على الوزارة ولم تعد قادرة على رعايتها وبشكل دوري للحفاظ عليها كمساكن ( آمنة ) ولفترة مستقبلية .
ومنذ حصول كل المنتفعين بتلك الشقق والعمارات على صكوك الملكيات من وزارة الإسكان والتي تزامنت مع زخم الوحدة الفجائي ، وما رافق ذلك من ضوضاء الركض المجنون نحو البحث عن المزيد من العقارات ، والنشاط المحموم في سباقات الإيجارات والشقق الفارغة والمفروشة ، وتناسي النشاط السكاني للقاطنين في هذا الشارع الحيوي ، الذي ساهم بشكل كبير في تراكم القمامات والمخلفات البشرية ومستنقعات المياه والمجاري في قيعان تلك البنايات التي تستند أغلبها على أعمدة خرسانية معلقة بدأ الدهر والإهمال في نخر أساساتها ، ساعدهم بذلك الإهمال وعبث الأطفال والكبار والتخريب المستمر بشكل هادئ وبدمٍ بارد أمام مرأى ومسمع كل القاطنين فيها.
كما أننا لو التفتنا قليلاً لرأى المهندسون وذوو الشأن المختصون الأوزان المتزايدة على تلك الدعامات وأساسات العمارات ، مع الأخذ بعين الاعتبار العمر الافتراضي لتلك الأبنية الخرسانية والمعمورة أصلاً على أرضية ساحلية تم كبسها لإقامة ميناء المعلا البحري ، ومدى تأثير التربة والملوحة والظروف المناخية القاسية على الخرسانات والتسليح الذي أخذ الصدأ في العبثِ به من خلال التشققات التي لم يلتفت إليها أحد ، ولأهمية الأخذ بالحيطة أو الاهتمام بصيانتها بشكل جدي بعد أن رفعت وزارة الإسكان يديها عن تلك الترميمات وأكتفى مكتب المحافظة بتجديد طلاء واجهاتها الأمامية في المناسبات والأعياد الوطنية وبعد عدة عقود من الزمن !!
هنا تعترضنا بعض أسئلة شقية تلفتُ انتباهنا إلى تخيل الحال بعد بضع سنوات من هذا الحادث الذي يشكل إنذاراً حقيقياً للضحايا الجدد الذين ستندرج أسماؤهم في قائمة ضحايا قاطني الشارع الرئيس : ألم يحن الوقت لإعادة حساباتكم في المصير المحتوم لهذه العمارات المتهالكة ؟ وماهو دور المكتب التنفيذي للمحافظة ومكتب وزارة الإسكان والتخطيط الحضري م/عدن ؟ وإذا - لاقـدّر الله - تكررت المأـساة السابقة ، هل من ملجأ يرتمي فيه أولئك المنكوبون غير المدارس والمستشفيات وإلى متى ؟.