لم يكن الوطن بحاجة إلى كل ذلك الاقتتال، ولم يكن الوطن أبا أحد من هؤلاء، ولكن الوطن هو الحضن الدافئ للجميع.. هو الدوحة التي يستظل تحت أغصانها الجميع.. وما كان لأحد أن يدفع أخاه لإخراجه من تحت هذه الدوحة إلا لغرض في نفسه، أما الوطن فهو بريء من الجميع ومن تلك الأفكار المريضة التي لا تأتي إلا بالكوارث والمصائب على الوطن وأهله.
فليس هناك منتصر وليس هناك مهزوم، بل لقد اشترك الجميع في إلحاق الهزيمة بالوطن الذي يدعي الجميع أنهم يعملون على رفعته وعزته، بينما الأهداف والغايات أبعد من ذلك بكثير.. والدليل على ذلك هو الاقتتال المتواتر والصراعات المستمرة وحب الهيمنة والسيطرة الاستحواذ وإقصاء الآخر بعد كل منعطف تاريخي يشهد دورات من العنف والاقتتال يرفع كل طرف فيها راية الحق الذي يراد به باطل ويسمي الطرف القاتل نفسه منتصراً ويطلق على الطرف الآخر مهزوماً .. وفي كل تلك الدورات الدموية يكون الوطن هو المهزوم الوحيد، لأن لا هؤلاء ولا أولئك حرصواً على انتصار الوطن.
الانتصار الوحيد للوطن هو بالوفاق وبالتنمية والرقي وليس باستعراض القوة والاقتتال بين بعضنا البعض.
الانتصار للوطن هو في إيجاد قواسم مشتركة يتفق عليها الجميع وتشمل الجميع بعيداً عن التنازع واتباع الأهواء والعنف الثوري والتعميد بالدم.
الانتصار للوطن هو الاستماع للآخر واحترام رأيه وإعطاؤه مساحة من الحرية للتعبير عن رأيه.
الانتصار للوطن لا يكون عبر قمع الآخر وكبت أنفاسه ولا بالأفعال الغوغائية والتخريب ووضع العراقيل والعقبات أمام عجلة التطور والتقدم.
الانتصار للوطن هو أن يشترك الجميع في بنائه بعيداً عن المناطقية والشللية وبعيداً عن استنزاف خيراته لصالح ثلة من الناس دون الآخرين، لأن الوطن ليس ملكاً لهؤلاء دون غيرهم.
الانتصار للوطن.. هو إيمان وعقيدة وعزم وإرادة وعمل .. فإذا كانت النية خالصة لوجه الله، فإن العمل سيكون صادقاً.. فهلا أخلصنا النية وصدقنا العمل وشمرنا السواعد من اجل بناء وتعمير ورفعة وعزة وانتصار الوطن.
فبأيديكم - أيها السادة - ينتصر الوطن أو ينهزم وينكسر.