فقبل أيام دار نقاش بيني وبين صديق لي يعمل في الصحافة عن أمور وهموم تخص أفرادا يعملون في النظافة والعوائق ومجالات أخرى فكان فكري وطريقة كلامي مختلفة عما يفكرون هم به ومما توصلت معهم لماذا هذا الاختلاف في الفهم والتشتت في الرأي فقال لي: "التركة مازالت ثقيلة" فبعدها فهمته.
كان كلامه على حق وصادقاً.. كثير من الناس هنا تلخبطت عليهم الحسبة واختلفوا في التفكير وضاعت الأمنيات وفسدت الاحلام التي كانوا يحلمون بها فلم يروا الا تردياً وعودة الى الخلف وآلاماً ومآسي سجلت وكتبت عليهم لكثير من الأخطاء القاتلة التي مازالت تلاحقهم وتلاحق الكثير منهم.
ولو توسعت في كتابتي وبدأت بفك الغموض لما أريد أن أصل إليه فهي أشياء كانت موجودة فيها النعم فتحولت بفعل الصراعات والعقول المتحجرة إلى نقم وجعلت الجنة جحيماً والعافية مرضاً والفرح حزناً والتقدم تأخراً والقوة ضعفاً وملأت القلوب بما ملأتها وصارت كل هذه الأشياء في النفوس تركة ثقيلة معذور من يحملها. كيف لنا ان نقلب هذه الأمور في عناوينها إلى العكس؟ كيف لمن حُرم أن يعطي ولمن حزن أن يفرح ولمن فقر أن يغنى ولمن فقد من فقده أن تعود له حتى حقوقه المفقودة ولمن أهين أن يرد له الاعتبار؟. كيف لنا أن نتحول إلى منقذين لأنفسنا وغيرنا وبما نحمله من مسؤولية وأمانة في أعناقنا لإزاحة هذه التركة الثقيلة بكل ما نملك من قوة مادية كانت أو عملية أو قولية؟
كيف لنا أن ننهض وننُهض غيرنا في سبيل التصحيح حتى وان كنا لسنا طرفاً في وضع هذه التركة الثقيلة لكن بما سمح لنا به الوقت وما أوتينا من مسؤولية أن نعمل ونساعد من تركها لغيره هكذا أوجاعا ومآسي. لكن وحسب تفاؤلي دائما يجب ان نتساعد جميعاً مع من اخطأ ومن لم يخطئ ومن وضع هذه التركة ومن لم يضعها وليس له دخل فيها وذلك من باب حبنا للقادم أن يكون أجمل ومصححاً لابد لنا من التوحد والالتفاف الجماعي حباً في انقاذ وسعادة الجميع ومسامحة الماضي المؤلم وكل من كان له يد فيه. لابد لنا من اللحاق السريع بكل الدول التي تركت التركات الثقيلة وتحركت سريعاً متناسية الحروب والاحقاد والخراب وحبس العقول والأفكار، مفكرة بشعوبها وعاملة لهم بكل ما تستطيع من أجل تقدمهم وسعادتهم وأن تجعلهم ينسون التركة فكراً وقولاً وفعلاً.
لقد قلت لي يا صديقي ففهمتك فهل يفهمنا المخطئون بحقنا؟ نقول لهم اتركونا سامحكم الله.