وقد قرأنا عبر كتب التاريخ ما حدث في هذه الفترة. ومن الكتَّاب من كتب بصدق ومنهم من كتب بمبالغة ومنهم من كتب بنقصان كما تكونت في فترة الاحتلال حركات عمالية ونقابية وفدائية وتحررية وذهب شهداء كثيرون. الجميع كان هدفهم التحرر والاستقلال من الاحتلال بعد أن مكث 129 عاماً.
وبعد خروج المستعمر النهائي الذي لم يتهمه أحد ممن استلموا السلطة منه أنه عاد ولم يشك أحدهم حتى مجرد الشك أنه رحل وابقى عملاء له. بل جزم الجميع أن المستعمر رحل وهو بريء مما حدث بعده بين الإخوة ومستلمي السلطة. وكانت فرحة الشعب بخروج المستعمر كبيرة، لكن الفاجعة التي عرفناها وسمعنا بها هي خروج خيرة الرجال والتجار وأصحاب رؤوس الأموال وسجنت البلد من جديد بيد أهلها وفدائييها ومناضليها فماذا كان العنوان وماذا كان جوابهم لفرحة الشعب.
العنوان مازال ناقصاً، بل أن النقص الحاصل هو عنوان مؤسف ومخجل اننا الآن في عيد واحتفال وفرحة وعطلة رسمية، لكن القلوب وحال الناس هابط جداً لأن عنوان الاستقلال لم يكتمل بعد تحرير واستقلال وجلاء وطرد محتل كلها عناوين قرأنا واحتفلنا بها، لكن على الأرض العنوان لم يظهر.
تصارع الإخوة وجعلوا الشعب نياماً. الاستقلال كلمة كبيرة ثقيلة ولم يتم إلا بتضحيات خاضها رجال أشاوس قدموا أرواحهم والغالي والنفيس من أجل مستقبل مشرق ومزدهر، لكن الأمنيات والأحلام التي كانوا يحملونها خابت فلم يروا أي عنوان لكل ما تمنوه في نفوسهم وما رسموه في مخيلتهم وأفكارهم.
ومما زادني استياءهو مرور 46 عاماً على خروج هذا المستعمر والبعض قد غيروا هذا الرقم وحملوا رقماً آخر وعنواناً جديداً به أفكار تتشابه مع الماضي ومختلفة عن الحاضر.. يجب أن يكون العنوان للاستقلال واحداً يحمل أهداف الثوار والفدائيين والشهداء الذين ناضلوا من أجل العناوين الصحيحة التي كانت في قلوبهم نظيفة وصافية.
الاستقلال عنوانه شعب منتظر الخير والتقدم والازدهار والرفاهية والعدالة والمساواة وإعادة الحقوق ورفع المظالم، الاستقلال عنوانه أمل وسعادة يجب على الجميع ان يحميها ويعمل من أجلها، الاستقلال ماضٍ انتهى وحاضر مقبل لازلنا متفائلين به.
كفى قلباً للعناوين فليكن العنوان واحداً والذكرى ورقمها وهدفها واحداً لا تخلطوا الأوراق ولا تلعبوا بالعقول فكفانا لعباً بعقولنا وتأخيراً لحياتنا ومستقبلنا.